أخبار عاجلةالمنطقة الحرة

الباحث الاثارى والمرشد السياحى “أحمد السنوسى ” يواصل كتاباته عن : بالإثبات فلسطين ليست ارض المعياد كما يدعى الإسرائيليين لأنفسهم (10)

في يوم 12 أبريل، 2020 | بتوقيت 2:00 صباحًا

رفض العودة الى فلسطين:في المقال السابق تحدثنا عن اليهود بعد الاسر البابلى ورفض الكثير منهم العودة الى فلطسين ومكثوا في بلاد فارس والقليل منهم فقط عادوا الى فلطسين.وهناك جزء اخر المتشبس في حقه بارض مصر وتحت مظلة العهد الفارسى استطوتنوا منطقة الفنتين في بلاد النوبة المصرية،وكان لذلك غرض ما في نفس يعقوب،وهذا كله يدل على عدم صدق اليهود وحبهم وتمسكهم بارض فلسطين،فالجزء الأعظم منهم في ارض بابل والجزء الأقل في منطقة الفنتين والاقل القليل منهم الذين عادوا الى ارض فلطسين وتحت سيادة وحماية العهد الفارسى أيضا.

– مستعمرة الفنتين اليهودية: مما لاشك فيه تاريخيا بان اليهود ظهروا بقوة في مصر في العهد الفارسى،وخاصة لما اطلق عليه حديثا اسم (برديات الفنتين) وان لذلك قصة مكتوبة فعلا عن طريق موظف قد يكون مصريا او فارسيا اسمه (وازا حر سن) والذى كان يشغل منصب رئيس الاطباء قد قص علينا قصة فى صورة هجرة اذ يقول ((ان سكان البلاد الاجنبية الذين اتوا مع الملك قمبيز قد استوطنوا مصر)) وفى فقرة أخرى يقول ((ان المهاجمين قد استقروا فى معبد الالهة نيت)) وهكذا نجد انه حتى فى عهد وبداية الفتح الفارسى فى مصر نجد الابهام الكامل في القصص التى توجد بيننا وخاصة انه لم يذكر الحروب التى قامت بين البلدين.

ولكن مما لاشك فيه انه فى بداية الفتح الفارسى لمصر ووصول هؤلاء الاجانب الى مصر كان له تأثير كبير على مصر والمصريين ولما ارتكبوه من قسوة وعنف وكان ذلك بلا نزاع بداية عهد او عهود من الفوضى وسؤ النظام وبطبيعة الحال البعد الكامل عن الدين او التمسك بالالهة المصرية.وكذلك لا ننسى اعداء مصر التقليدين وهم اليهود والبرديات الشهيرة التى تعرف باسم (برديات الفنتين) وهذه الورقات تحدثنا عن المستعمرة اليهودية فى الفنتين وسكنهم لهذه المنطقة.وكان ينفق على هذه المستعمرة ملك الفرس نفسه فى عام 400 ق.م ولم يستطيع المصريين من اهل الفنتين طرد اليهود من هذه المنطقة

أما اللغة التي كتبت بها البرديات فهي الآرامية وليست العبرية،فقد كان اليهود الذين حضروا إلى مصر قبل سبي بابل يتكلمون العبرية بينما الآخرون الذين حضروا بعد ذلك كانوا يتكلمون الآرامية،وهى اللغة التي كتبت بها هذه البرديات وهذا يعنى بانه كان لهم سطوة كبيرة تحت الحماية الفارسية وأصحاب همة ومهمة للفرس وليس في صالح مصر.

ولكن ما يهمنا هنا من هذه البرديات هو أحوال اليهود هؤلاء وهل هم محبين لارض فلسطين ارض الميعاد ام انهم لا يريدون سماع اى شيء عن هذه الأرض؟؟ وهناك قصة حقيقة كتبها اليهود بأنفسهم وفيه الاثبات الكامل بانهم لا يهتمون بفلسطين مطلقا بل انفسهم وماديتهم فقط.فلقد كتبوا بان الملك (بسماتيك الثانى) كان يعتلى عرش مصر في الفترة التي سبقت سقوط أورشليم،فكيف يتخلى اليهود عن أرضهم ووطنهم ليحاربوا في جيوش بسماتيك ضد الكوشيين؟؟ ومن المحتمل أن يكون يهود فيلة قد سعدوا بابتعادهم عن بلاد أشور،وقد كانت لغتهم في أشور هي الأرامية،ولذلك كتبت مخطوطاتهم بالأرامية.

وكان كهنة الاله خنوم لم يكونوا على تفاهم واتحاد فى هذا الامر بالرغم من احتقار المصريين لليهود ويبتعدون عنهم كل البعد،وذلك لكرههم لليهود من ناحية وخوفهم من الفرس الحاميين لهذه الجالية من ناحية اخرى.وهذا ما دفع عن طريق اليهود باحداث لخبطة دينية فكرية تخص الاله خنوم وخصائص لم تعرف عن هذا الاله لم تكن معروفة من قبل

– وتعتبر برديات الفنتين ذات أهمية تاريخية،وتعتبر مرجعاً مهماً للباحثين للحصول على معلومات عن الممارسات اليهودية في القرن الخامس قبل الميلاد،ومن اهم هذه الأمور فيما يخصنا ههنا عدة حقائق ثابتة لا تدعوا الى اى مجال من الشك فيما يلى:

أولا: تظهر هذه البرديات دليلا واضحاً على وجود طوائف يهودية مشركة يبدو أنها لم تكن على علم بالتوراة المكتوبة حينها ولا بالسياقات الدينية اليهودية كالخروج والملوك والأنبياء،ولا حتى أسماء الشخصيات اليهودية الشهيرة كإبراهيم وإسحاق ويوسف و موسى وداوود وصموئيل،كما انه لا ذكر مطلقا لسيدنا موسى عليه السلام.

ثانيا: هذه البرديات تظهر وجود معبد يهودي صغير في إلفنتين،والذي يعتبر خرقاً واضحاً لتشريعات سفر التثنية التي تنص على (أنه لا يجب أن يبنى أي معبد يهودي خارج أورشاليم) علاوة على ذلك تظهر البرديات أن يهود إلفنتين أرسلوا رسائل إلى الكاهن الأكبر في أورشاليم يطلبون منه دعمه لإعادة بناء المعبد،والذي قد يشير إلى أن كهنة معبد أورشاليم لم يفرضوا شرائع التثنية في ذلك الوقت.

ثالثا: ان برديات إلفنتين تثبت أن التوراة وعقيدة التوحيد لم ينشآ في الثقافة اليهودية قبل عام 400 قبل الميلاد،مما يعني أن التوراة قد تكون قد كتبت في الفترة الهلنستية في القرنين الثالث أو الرابع قبل الميلاد.ويمثل هذا الاقتراح تعديلاً جذرياً على النظريات الشائعة في أصول التوراة،ولم يقتنع معظم العلماء بذلك حتى الآن.وقد وضح في احدى تلك البرديات بان المجتمع اليهودى في الفنتين كان قبل غزو الملك قمبيز مصر،حيث تقول البردية ((بنى آباؤنا الأولون هذا الهيكل في حصن فيلة في الماضي في عهد مملكة مصر،وحين سار قمبيز إلى مصر وجده مبنييا،لقد هدموا كل هياكل آلهة مصر ولكن لم يضر أحد هذا الهيكل))

رابعا:تثبت برديات الفنتين أيضا بان يهود فيلة قد اهتموا جدا بالهياكل وعبادة اله إسرائيل (يهوه) ولكنهم مع مرور الزمن فقد عبدوا الهة أخرى مثل (اشوبيثال) ألهة الخصوبة والحرب في كنعان.ولذلك تعددت الهياكل في فيلة دلالة على ان اليهود رفضوا مبدا الهيكل الواحد المركزى في اورشليم.

– وهذه كانت أحوال اليهود فى العهد الفارسى وعلاقتهم القوية بالفرس حتى انتهاء العهد الفارسى تماما،وبداية العصر البطلمى في مصر والذى يعتبر العهد الأكثر ظهوروا لليهود وخاصة في العصر الأول البطلمى وكما سنعرف بالتفصيل لاحقا.ولكن يتضمن كل ذلك بان هناك دائما علاقات غير مريحة بل ومرعبة أحيانا بين اليهود والمصريين،وسوف يتضح هذا جليا في العصر البطلمى بكل المقاييس.

وهنا يبقى السؤال دائما وابدا مفتوحا في التاريخ وهو اين وضع منطقة فلسطين في فكر اليهود سواء في مصر او في بلاد بابل؟؟

هل اليهود حقا يفكرون في فلسطين ام في المصلحة والسيطرة والسطلة والمال،هذا أيضا سؤال نطرحه قديما وحديثا.

وفى المقال القادم سنتحدث أيضا عن اليهود في العصر البطلمى بمصر وغيرها في ارض فلسطين.

كاتب المقال

الباحث الاثارى والمرشد السياحى

أحمد السنوسى

   

مقالات ذات صلة