هناك آراء تقول أن السياحة سوف تعود بسرعة، وفريق آخر يقول علي الأقل 6 شهور لبداية العودة … وأنا لا أتفق مع هذا، ولا ذاك ، كل هذه التوقعات قائمة على الأهواء أو لها أغراض سياسية أو لركوب “الترند ” ، و قد تكون لمجرد أسباب اخرى.
فنحن ندرك جيداً أن السياحة إقتصاد الفائض، ويسبقه ضروريات كثيرة ،قد تؤخر إتخاذ قرار الإنفاق علي السفر ، فهو قطاع خدمي قد يمكن الإستغناء عنه ، كما ندرك أيضاً أن اقتصاد كل الدول تاثر بسبب فيروس كورونا .
ورغم كل هذا لا يمكن الحكم بتأخرأو سرعة عودة السياحة “عموماً” بصورة عشوائية دون النظر إلي طبيعة هذا المجال و خصائصه ، والتى تختلف تماماً عن أى صناعة خدمية أخرى ، فهناك عدة عوامل ونقاط يجب أن ندركها أولاً، ثم نحدد وجهة نظرنا فى هذه القضية وهى كالآتى :
- ما يمنع حركة السياحة و السفر الآن هو توقف حركة الطيران، وليس كورونا و هذا يعنى إنه عند السيطرة علي هذا الفيروس ( أقول السيطرة و ليس القضاء عليه ) سوف تفتح حركة الطيران
- يوم إعلان توافر مصل مضاد لـ ” ” covid19 أو ما يعرف بــ ” فيروس كورونا” سيكون نفسه يوم فتح حركة الطيران بين الدول ( سبب خارج حدود خبراء السياحة الدوليين و عليه لا نستطيع التنبؤ بتاريخ عودة السياحة أم بعد 6 شهور أو حتى يوم من الآن)
- يوجد أنواع كثيرة من السياحة ، ولن يكون تأثرهم وسرعة عودتهم واحدة ، فمثلا ما ينطبق علي السياحة الترفيهية لا ينطبق علي سياحة المؤتمرات ،والمجموعات الخاصة ،أيضاً لا ينطبق علي السياحة الثقافية ، كما إنه لن ولم ينطبق مع السياحة الدينية ( أول أنواع السياحة فى العودة سوف تكون السياحة الدينية و قد يكون ذلك قبل نهاية الصيف)
- تختلف الدول في إدراك مدي أهمية السفروالتنقل بالنسبة لرعاياها ، فقد تكون سلوك ترفيهي يمكن الإستغناء عنه أوتقليله في بعض الدول ( الدول النامية) ، في حين إنه من الضروريات كالماء والهواء في دول اخري ( العالم المتقدم) و علي ذلك سوف تكون عودة السياحة الواردة incoming إلي مصر أسرع مما تتخيل ،ولكن في شكل سياحة فردية و مجموعات بعيداً عن الشاتر والطيران العارض
- علي عكس ما يتوقعه الكثير من السياحين أن سياحة الشواطئ أوالسياحة الثقافية هي أول نوع من أنواع السياحة في التعافي والعودة السريعة ،وذلك لأنها تعتمد علي سياحة الأفراد، و المجموعات الخاصة ،أو ما يعرف ب B2C .
- في حين أن السياحة الشاطئية تعتمد علي الطيران العارض ،والذي يلزم فتح خطوط طيران و قرارات سياسية قد تبطأ من العودة، وخير مثال علي ذلك ما تم من روسيا بعد حادثة الطائرة الروسية ، المهم أن السياحة الفردية و المجموعات الخاصة FIT and MICE هي أول أنواع السياحات فى العودة
- في الفترة الحالية يجب الإعتماد علي السياحة الداخلية ،و كالعادة هي طوق النجاة لصناعاتنا الخطرة ، ليس في مصر فقط ،ولكن علي مستوي العالم ، الكل سوف يتجه إلى السياحة الداخلية حتي تفتح حركة الطيران بين الدول، والتي أتوقع لها من باب التفاؤل خلال شهر يونيو أو يوليو المقبلين.
- في النهاية بعض النصائح التي قد تساعد في سرعة عودة السياحة ،علي الرغم من ان السياحة الداخلية لن تقوم بسد عجز ال incoming او outgoing ،ولكن سوف تجعل المجال نشط و لو بنسبة 30٪ ، و طبعا دور الدول والحكومات محوري في هذه المرحلة.
فقد بدأت فعلاً كل الحكومات وخاصة الحكومة المصرية، في إعلان حزمة من التسهيلات في مجال السياحة للتسهيل علي أصحاب الأعمال والعمالة، ولكن نؤكد على أن العامل الرئيسي في هذه المرحلة هو ” تقليل التكلفة” أو” cutting cost “، وهو الأسلوب الأمريكي فى إدارة الأزمات، حتى تستمر الحياة ،ولو بمعدل بطيء جدا ،لأن عكس ذلك يعني السقوط والعودة إلى نقطة البداية، وهو ما يصعب و يطيل من أمد العودة ،وذلك لأن العودة أو ما يطلق عليه السياحيين بالـ ” come back ” من الصفر أصعب بكتير من العودة من 30 أو 40٪.
الأزمة تٌلزمنا بالتكاتف ثلاثى الأطراف ، حكومات وأصحاب رؤوس المال و العمالة أيضاً ، لإنه ليس من المنطقي و الواقعي ان يظل العمالة دون تأثر بدون إنتاج .
– لابد من تكاتف كل أطراف العملية الإنتاجية” stakeholders ” للخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر، وأهم من كل هذا أو ذاك أهمية إشاعة روح التفاؤل والأخذ بالأسباب.