قديماً قالوا فى الأمثال ” أسمع كلامك يعجبنى .. ويقنعنى .. وأشوف أمورك أتحير وأستعجب ” وهذا المثل يدل على المتنافضات التى يعيشها الإنسان .. فيظهر أمام الناس بصورة .. وبعيد عنهم بحله أخرى .. هكذا ما نراه على الكثيرين من المسئولين الذين يمارسون اللوع والهراء والرياء وعدم المصداقية فيما يقولونه ولا يتقون الله فى أعمالهم وأفعالهم وقبل كل هذا وذاك كلامهم .

إننى أتعجب حقاً من بعض المسئولين الذين يضحكون على الله قبل العباد ..ويتخيلون أنهم بلغة ولاد البلد  ” برمجى ” أو فوريجى ” أو كما يحلو أن يطلق على هذه النوعيه من البشر ” واد مخلص لبس العمة للكل ” .. ولقد بلانا الله عز وجل بالكثير من هذه النوعية من البشر الذين أمتهنوا وأصبحوا الكذب غايتهم من أجل البقاء على الكرسى والمنصب ،وليظهر أمام الإعلام والعياذ بالله ” الصادق الأمين ” وهذا من جهة نظرهم .. فى حين إنهم لايقلون عن “مسيلمة الكذاب ” بل هم تفوقوا عليه فى أدائهم المسرحى الرائع .. فهم يرقصون على كل الحبال .. ويلعقون الأحذية من أجل البقاء والحفاظ على مكتسباتهم من وراء هذا المنصب !!

فاَ لُحُسن حظىِ  وخلال رحلتى الصحفية التى قاربت من 38 عاماً  حيث دخلت العمل ببلاط الصحافة فى يونيو 1982 بجريدة الأحرار الغراء ، شاهدت وتعرفت على الكثير من المسئولين المحترمين ، والذين تعلمت منهم فن التعامل والمصداقية فى تناول الأحداث وقيمة العمل التطوعى ، وكذلك قيمة الكرسى الذى تجلس عليه ، وكيفية أن تضيف له ولا أن يضيف إليك ، وأيضاً كيفية أن تترك سيرة طيبة حميدة بعد تركك هذا المنصب ، وهناك الكثيرين من هؤلاء المسئولين الذين أثبوا بحق كفاءتهم وصدق مشاعرهم وتعاملهم مع البشر فى المجالات المختلفة ، ونجحوا فى أن يخلقوا لأنفسهم مساحة كبيرة من الحب والود والإحترام بينهم وبين المواطنين ،ولعلنا كلنا نتذكر الراحل خالد الذكر الإقتصادى العظيم فؤاد سلطان ، وزير السياحة والطيران الأسبق ” رحمه الله “، وكذلك الراحل خالد الذكر الدكتور ممدوح البلتاجى ، وزير السياحة ” رحمه الله “، والراحل خالد الذكر اللواء أحمد رشدى” رحمه الله ” ، وزير الداخلية الأسبق، وفى القائمة وزراء كثيرون سعد الشعب المصرى بتوليهم لمهام مناصبهم الوزارية مثل سليمان متولى وزير النقل والمواصلات ، والعظيم حسب الله الكفراوى ، وزير الإسكان والتعمير والمجتمعات العمرانية وغيرهم .. فقد نالوا إحترام وثقة وتقدير  الشعب المصرى ، لإنهم أثبتوا بما لا يدع مجالاً للشك، إنهم مواطنين صالحين قبل أن يكونوا وزراء مسئولين أمام الله والشعب.

فلقد هالنى إننى واجهت إحدى المشكلات التى ترتبط بالآثار وخاصة بمسجد أثرى عمره أكثر من 300 عاماً بمنطقتى بمصر القديمة ” مسجد الشيخ رويش ” بكورنيش مصر القديمة ، وهو لو فى دولة أخرى لكان له شآن كبير ، ممن يعرفون قدر وقيمة الآثر الإسلامى ، وكانت المشكلة أن المسجد نتيجة لهطول الأمطار الأخيرة غمرته المياه وباتت تهدد أساسه خاصه وإنه عانى كثيراً من التأثيرات السلبية لزلزال أكتوبر  1992 والذى ظل طيلة نحو 15 عاماً مصلوباً بالسقالات ، وكان المصلون يخشون إنهياره فوقهم وهم يؤدون صلاتهم فيه ،وكان يتضرعون إلى الله من أجل أن يزيح هذه الغمة ، وأن  يفك أسر هذا المسجد من هذه السقالات  وبالرغم من  التأكيدات التى أشار إليه المسئول الكبير من إنه سيتم شفط المياه وكسحها وإعادة المسجد لخدمته فى إستقباله للمصلين فى الصباح الباكر ، إلا إننى أكتشف إننى وقعت ضحية لتصريحات ، يمكن وصفها بالإستهلاكية، المزيفة، الجوفاء، فمازال المسجد غرقاً فى مياهه ، وأصابت جدرانه الآثرية الرطوبة وتآكلت ، وأغلقه إمام المسجد أمام المصلين بعدما نجحوا فى رفع سجاده ونشرها فوق سطح المسجد  …. وكيف أصبحت  كما أمسيت .

فهذه التصريحات  تكون بلغة اللبنانيين ” طق حنك ” ، وهى أيضاً تؤكد الإحترافية الشديدة  والممارسة المتقنة من قبل  المسئولين لهذه النوعية من التصريحات ، ولو أتقنوا هذه الحرفية فى عملهم لصنع الشعب لهم  تماثيل  ،وشغل  كل منهم مساحة فى الغرفة الأربعة فى قلب كل مواطن عاشقاً  لبلده .

ولن أقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل فى كل مسئول لايراعى ربه وضميره فى عمله وأقواله وأفعاله ..وليعلم أن حساب صاحب الملك سيكون عسيراً حينما يلقاه وهو يعلم تمام العلم إنه منافق .. آثم قلبه  .. كذاب ….وأذكر كل مسئول من المسئولين لهذه النوعية من البشر بالعديد من الآيات القرآنية لعلهم يراعون ربهم قبل أن يأتى أجلهم و وقتها لن يفيد الندم ولن يقول سوى يا ليتنى كنت ترابا.

 وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴿ 21 الأنعام )

فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا ﴿88النساء﴾ ،

 بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴿138 النساء﴾ ،

إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ﴿142 النساء﴾،

 إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ﴿145 النساء﴾،

 نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴿67 التوبة﴾،

وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴿1 المنافقون﴾.

وأقول لكل مسئول من هذه النوعية ..عودوا إلى رشدكم وصوابكم  وإلى ربكم حتى يرحمكم ويغفر لكم ..ويقيككم من عذاب أليم يوم لا ينفع الإنسان إلا من أتى الله بفلب سليم ..وإتقوا الله فى إعمالكم.

 وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿282 البقرة﴾،

 وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿57 المائدة﴾،

وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴿96 المائدة﴾،

إنى أريد الإصلاح ما أستطعت وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وعلى الله العلى القدير العظيم قصد السبيل

سعيد جمال الدين