تُعد كلمة السياحة ذات مفهوم كبير حيث ترتبط بعدد كبير من الأنشطة، كالإقامة والإطعام والشراب والنقل، ولذلك فنشاطها يشمل جوانب الاقتصاد كافةً، والسياحة الفعلية ولدت مع بداية القرن التاسع عشر، وتطورت مع ظهور وسائل النقل السريعة كالقطارات والسفن والطائرات في القرن العشرين، ولعل سياحة المستقبل ستكون بالمركبات الفضائية بين الكواكب والنجوم .
إن السياحة في العصر الحديث أصبحت ذات طابع دولي، وآمنه من المخاطر مما أدى إلى زيادة تنقل السائحين المتواصل بين أنحاء المعمورة،.
هذا وتمثل السياحة قطاعاً هاماً وكبيراً بالنسبة لاقتصاديات الدول فهي تشجع مواطنيها على السياحة لزيادة إطلاعهم وثقافتهم، والاستمتاع بأوقاتهم والتخلص من الضغوط الناجمة عن العمل والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية،كما أنها تتنافس مع الدول الأخرى لإبراز وإظهار جوانب الجذب المختلفة سواء كانت طبيعية أو تاريخية، بغية إستقطاب السائحين إليها حاملين نقودهم معهم التي سيصرفونها داخل بلدهم فهي صناعة مربجحة ونظيفة مما جعلها أهم قطاع اقتصادي لدى معظم الدول .
كما هو معروف للجميع، أن السياحة هى أحد المصادر المهمة للدخل الوطني للكثير من البلاد التي سبقتنا في هذا المجال ، ونسعى من خلال المبادرات والإجتهادات التى تقوم بها الحكومات والقطاع الخاص والأهلى المعنية بالنشاط السياحى أن نلحق بالركب العالمى ، مستفيدين من تجارب وخبرات الآخرين، وكذلك إستثمار الإمكانات والموارد المتنوعة لدينا سياحياً بمختلف أنماطها ، والاستفادة من التنوع الحضاري والطبيعي والمناخي وبقية الميزات التي قلما تتوفر في بلد من البلدان مثلما هي متوفرة في مصر.
إن الميزات السياحية التي تتمتع بها مصر تحتاج إلى تسويق وترويج مثلما هي بحاجة إلى استثمار وتوظيف أموال وإلى عقول واعية بأهمية هذه الصناعة وتأثيرها الواضح والكبير فى المجتمع المصرى .
ولأن الترويج السياحى لما تحتضنه مصر من إمكانيات وثروات ، يقع جانباً منه على وسائل الإعلام بمختلف أنواعه سواء المرئية أو المكتوبة أو المسموعة ، فإن دور الإعلام هنا يبرز كشريك إستراتيجى للسياحة من أجل إستخدامه كوسيلة هامة لتوصيل الهدف المرجو من الترويج للمتلقى وضرورة أن تكون الصورة المقدمة له صحيحة ومشرقة ، وتقديمها بما يضمن تحقيق هذا الهدف السامى من إقناع أكبر شريحة من المتلقين بتغيير وجهتهم السياحية إلى المقصد السياحى المصرى ،حالة نجاح هذه الحملة الترويجية .
ولذا فإننا نطالب بضرورة أن يكون الإعلام ل شريكاً وله دوراً فاعلاً فى الحملات الترويجية التى تقوم بها مصر ، من خلال المتخصصين فى هذا المجال، فى ظل ما تتعرض له مصر من حملات معادية وشائعات يطلقها البعض سواء المنافسين سياحياً أو تيارات سياسية تهدف لخلق حالة من الإرتباك داخل المنظومة السياحية.
وفي الجانب الآخر يلعب الإعلام الإيجابي والموضوعي دوراً كبيراً في تقديم الصورة الصحيحة ودحض الإشاعات من خلال الصورة والكلمة المسموعة والمكتوبة ومن خلال تقديم المعلومة الدقيقة والأرقام الصحيحة التي تقدم الحقيقة للسائح والزائر بالقدوم وقضاء أوقات ممتعة, وربما العودة مرة أخرى وبصحبة آخرين وهو ما يعرف بتكرارية الزيارة بعد أن يكون قد روى لهم ما شاهده وما لقيه من معاملة طيبة.
وهكذا فالإعلام سلاح ذو حدين يمكن أن يساهم في الترويج السياحي وقدوم السائحين ، ويمكن أن يسيء ويشوه سمعة بلد ما ويحول دون قدوم السياح إليه ، مثل تشويه صورة هذا البلد وبث الدعايات الكاذبة والإشاعات عنه ،وتخويف السائح من القدوم إليه وغير ذلك من الأساليب التي تنصحه بمغادرته خوفاً على حياته ، وهو ما مارسته بعض وسائل الإعلام الغربية عن مصر وتصويرها بأن منطقة سيناء شمالاً وجنوباً أصبحت منطقة حرب بين العناصر التكفيرية وأجهزة الأمن المصرى ، على غير الحقيقة مما يكون له أثراً سلبياً على السياحة بجنوب سيناء وشمالها أيضاَ
ومع مطلع القرن العشرين أصبح الإعلام محركاً أساسيا للرأي العام،و مرآة عاكسة للأحداث الجارية في العالم، لذا فالإعلام يحدث تغييرات واسعة، وإنتقالات سريعة في هذا العصر، و خاصة في المجالات السياسية، و التجارية، و الصناعية، و التربوية، و الفكرية، و السياحية.
من ذلك يتضح لنا أهمية الإعلام السياحي في تطوير وتنمية الدولة، وبإستطاعتنا ذكر بعض النقاط المهمة التي جعلت من السياحة مجالاً واسعا،ومرتعاً خصباً للاستثمار في مجال الصحافة و الإعلام التى نمت بأقتصاد الدول و كانت سببا لترويج الإقبال السياحى عليها.
ونلخص المشاكل والتحديات التى تواجه الإعلام السياحى حالياً وهو غياب الشفافية والمصداقية , وعدم توافر وحجب المعلومات والبيانات الصحيحة التى يمكن للإعلامى والصحفى الإرتكاز عليها فى تناول الموضوعات السياحية ، الأمر الذى يضطر البعض إلى نشر معلومات قد تضر بالسياحة ، وإفتقار فكر الأمن القومى للدولة عند البعض الأخر لعدم تلقيهم تدريبات على كيفية التعامل مع بعض الأخبار ذات التأثير السلبى على الدولة تحت مسمى ” السبق الصحفى ” ، وعدم وعى الوزارات المتعاقبة وخاصة ما بعد يناير 2011 بدور الإعلام وأصبح إعلام متلقى ذو صورة واحدة نمطية لا تفيد القطاع ، فضلاً عن عدم رضاء المسئولين للإنتقادات التى توجه إليهم لتصحيح المسار سواء من الإعلاميين أو من الخبراء السياحيين أثناء الإدلاء بأرائهم .
ولقد سعيت من خلال موقعى كرئيساً لشعبة محررى السياحة بنقابة الصحفيين ، أن يكون هناك تواصل مع وزارة السياحة لتقديم دعمها للاعلاميين في هذا الجانب ، من خلال عقد الدورات والندوات التي تؤهل الاعلام السياحي وتجعله قادراً على التعاطي مع تطورات معطيات العصر، إلا إننى أصطدمت بعدم الإهتمام بما دعيت إليه من قبل المسئولين بالوزارة والجهات الأخرى المعنية ، وكنت أهدف من خلال هذه المبادرة ، خلق اعلام سياحي يهدف إلى تزويد الجمهور بكافة المعلومات والحقائق المتعلقة بالسياحة، ويتحرى الدقة والموضوعية في هذه المعلومات والصدق ويستخدم الوسائل الاعلامية المختلفة وبكافة الأساليب للإقناع وذلك من أجل تحقيق الوعي السياحي وجذب اكثر عدد من السياح.
إنى أريد الإصلاح ما أستطعت .. وما توفيقى إلا بالله العلى العظيم .. عليه توكلت وإليه أنيب.. وعلى الله القدير قصد السبيل
سعيد جمال الدين
هذا المقال هو نص الكلمة التى قدمتها لورشة العمل بمؤتمر كلية السياحة والفنادق جامعة الفيوم يوم الجمعة الماضية 28 فبراير الجارى والتى تناولت الدور الهام للسياحة فى المجتمع المصرى وآليات تطويره وتعظيم دوره والتى أدارتها الأستاذة الدكتورة سوزان بكرى ، أستاذ الدراسات السياحية بالكلية.