عقد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف ، اليوم السبت، ندوة بشرطة السياحة والآثار، بحضور اللواء رضا العمدة، مساعد وزير الداخلية لشرطة السياحة والآثار.
وخلال الندوة، أكد أن حماية السائح وتأمينه وحسن معاملته واجب شرعي ووطني، وتأشيرة دخول السائح عقد أمان لنفسه وعِرضه وماله، وأن مصرنا العزيزة تملك تاريخًا حضاريًا فريدًا مشرفًا، ويجب أن نرسم الصورة الذهنية التي تليق بتاريخنا الحضاري، كما يجب أن نترجم أخلاق ديننا إلى واقع ملموس في معاملة السائحين. ويجب أن نقضي على أي مظهر من مظاهر التسول والباعة الجائلين في المناطق السياحية.
وأوضح جمعة أن الصورة الذهنية لأي شخص أو مجتمع تنعكس سلبًا أو إيجابًا على قبوله أو رفضه، على التعامل معه أو ضده. والصورة الذهنية منها ما هو عارض خاطف، ومنها ما هو مترسخ ومتجذر في الذاكرة، غير أن بناء الصورة الذهنية لشخص أو شعب يحتاج إلى مساحات أوسع من الزمن وجهد ملموس على الأرض، فالصورة الذهنية الخاطفة أو العارضة قد تكون محدودة التأثير الآني، غير أن تراكم هذه الصور يؤدي بلا شك إلى بناء صورة ذهنية راسخة متجذرة تكون ذات أثر بالغ في الحكم على الأفراد أو الشعوب.
كما أن هذه الصورة الذهنية الخاطفة تكون وليدة موقف أو لحظة كحسن مقابلة السائح، أو إنهاء إجراءات استقباله بسهولة ويسر في جميع خطوات التعامل معه بدءًا من الحصول على إذن الدخول، إلى إنهاء إجراءات استقباله بالمطارات والموانئ، فالفنادق، فالمتاحف، فسائر التعاملات.
وقد تتكون الصورة الذهنية لدى السائح بنظرته إلى مستوى النظافة والنظام واللمسات الجمالية والطراز المعماري لدى الشعب المضيف.
وتابع الوزير: «أرى أن الجانب السلوكي من أهم الجوانب المؤثرة في بناء الصور الذهنية، وقد قالوا: حال رجل في ألف رجل خير من كلام ألف رجل لرجل، فالناس لا يصدقون الكاذب، وإن خطب فيهم ألف خطبة وخطبة عن الصدق، ولا يأتمنون الخائن أو الغادر وإن أعطاهم ألف عهد وميثاق وحدثهم ألف حديث وحديث عن الأمانة والوفاء، لذا يجب أن يكون لنا وجه واحد ظاهره كباطنه، وليس لنا وجهان أحدهما ظاهر والآخر خفي، إذ يمكن للإنسان أن يخدع بعض الناس لبعض الوقت، لكن لا يمكن لأي إنسان مهما كان ذكاؤه ومهما كانت حصافته وحيطته ودهاؤه أن يخدع كل الناس كل الوقت» .
وأضاف: «مع تأكيدنا أن السائح بمجرد حصوله على تأشيرة أو إذن الدخول يصبح تأمينه والحفاظ على نفسه وماله ومتاعه وحسن معاملته واجبًا شرعيًا ووطنيًا، كما يجب أن نلقاه بما يليق بنا من الابتسامة وكرم الضيافة وحسن التعامل، وعدم الاستغلال وعدم السماح به أصلاً، مع ضرورة تدريب وتأهيل العاملين بالقطاع السياحي وفق المتطلبات العلمية والفنية والمقاييس العالمية الحديثة، والانضباط الكامل في تقديم الخدمات مع العمل المستمر على تحسينها وتجويدها بما يزيد من جذب السائحين».
واستطرد: «لا شك أن مصرنا العزيزة تتمتع بميزات سياحية هائلة تجعلها في مقدمة المقاصد السياحية عالميًا، ما بين معالم حضارية وتاريخية وأثرية وثقافية وطبيعية لم تتوفر مجتمعة لأي بلد آخر في العالم، فأينما وجهت نظرك وجدت معلما أو ملمحا أثريا أو تاريخيا أو مظهرًا من مظاهر الطبيعة الساحرة التي حبانا الله عز وجل بها».
وأشار جمعة إلى «إننا لو أحسنا عرض ما لدينا من حضارة إنسانية، وعاملنا السائحين بما تقتضيه حضارتنا الإسلامية السمحة وأخلاقها الراقية، من دون أن نتعرض لدين السائح أو خصوصياته، أو ندخل معه في أي جدل عقدي أو ديني، لاستطعنا أن نترك لدى السائح انطباعا عن حضارتنا ورقيها يمكن أن يسهم إسهاما جيدًا في تصحيح بعض الأخطاء التي نتجت عن اختطاف الجماعات الظلامية لخطابنا الإسلامي والثقافي والفكري برهة من الزمن، وانتهجت مسلك التشدد والغلو أو التطرف والإرهاب، مما شوه بعض ملامح وجهنا الحضاري، وأصبح الأمر يتطلب جهدًا وعملا شاقًا ومتواصلًا لتصحيح الصورة وبيان أن تلك الجماعات الضالة المارقة لا تمثل الإسلام ولا وجهه السمح، وإنما هي عبء ثقيل عليه وعلى حضارته وقيمه وأخلاقه وإنسانيته الراقية».
وعقب المحاضرة، كرمت شرطة السياحة والآثار وزير الأوقاف، حيث أهداه اللواء رضا العمدة درع الإدارة.