المنطقة الحرة

خبراء علم النفس والإجتماع يؤكدون : العنف يُحول الطفل الى مُتنمر

في يوم 30 يناير، 2020 | بتوقيت 9:33 مساءً

كتبت ريمان جمال الدين

أجمع خبراء النفس والاجتماع  على أن ما يمارس ضد الأطفال من عنف أسرى ينعكس سلبا على شخصيتهم، وان الاعتماد على استخدام أساليب التعذيب في التربية كالضرب والقهر والسحل والحرق وغيرها تدمر الصحة النفسية للطفل وتحوله العدواني متنمر، عندما يجد فرصة يقوم مخزون باخراج القسوة الكامنة بداخله بداية من ايذاء اقرانه والاعتداء البدني عليهم وصولا للعمليات الارهابية الإجرامية ضد المجتمع، مؤكدين أن روشتة العلاج في اتباع أسس التربية السليمة القائمة على الحوار وفهم متطلبات الطفل ومنحه الحب والحنان والرعاية.

الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي ينبه ان الوالدين أثناء الخلافات تتم المشاجرات والسب والشتم والصراخ أما الأطفال مما يتسبب في مشاكل لديهم وانحدار عاطفي، وينعكس ذلك على الطفل سلبا ويدخل في حالة من الاكتئاب أو حالة من التنمر على اشقائه واصدقائه بالمدرسة، لذا يجب على الأبوين مراعاة شعور الطفل في كل تصرف يصدر عنه أو لفظ يخرج منه فعلى سبيل المثال نجد الأم دائما ما تهدد الطفل إذا وقع منه تصرف خطأ «بأن بابا هيضربك وهيقطعك» وعندما يأتي الأب ويقوم بضرب الطفل ينتج عن هذا السلوك اضطرابات شخصية وعقد نفسية بالضرب ليس وسيلة والعقاب الأطفال، الضرب ممنوع نهائيا فالحل في التواصل والحوار مع الطفل، فعندما يصر الطفل على تكرار الخطأ بعد نصحه عدة مرات يجب حرمانه من الأشياء التي يحبها ويكون هذا الحرمان لعدة اسابيع كمنعه من الذهاب للنادي أو حرمانة من مشاهدة التليفزيون ويجب أن يستمر المنع طويلا حتى يشعر الطفل بالخطأ لأن بعض الآباء والأمهات يمنعون لأيام قصيرة ثم يليون رغبات الطفل ومن ثم يعود لتكرار الخطأ ثانية ولا يجوز حرمان الطفل من المصروف كما يفعل الكثير كعقاب فالطفل لديه متطلبات يريد تلبيتها كزملائه في المدرسة وعندما يمنع عنه المصروف يضطر للسرقة من زملائه لتلبية متطلباته..
الدكتورة نادية رضوان استاذ علم الاجتماع العنف الأسري ضد الاطفال يرتبط ارتباطا وثيقا بثقافة المجتمع «الملكية الخاصة» فنجد الزوجة تتملك الزوج والزوج يمتلك الزوجة والاثنان يمتلكان الابناء في حين أن الطفل هو أمانة عند الأسرة حتى يصل للسن القانونية 18 سنة ويصبح كيانا مستقلا بذاته وإذا اخطأت الأسرة في حقه يتم سحب الطفل منهم ووضعه في بيت للرعاية بينما في مجتمعنا الوعي غائب بمعاملة الطفل فهناك انهيار وتدن بمنظومة التعليم والسلوكيات والقيم على مدار سنوات وعلى وزارة التربية والتعليم أن تقوم بمسئولياتها التربية قبل التعليم فهي مسئولة عن أنماط تكوين الشخصية لدى الطفل، ولكن نتيجة لاهمال جانب التربية على مدار سنوات خرجت أجيال من آباء وأمهات اليوم ليس لديهم وعي بسلوكيات التربية السليمة ومنظومة القيم والأخلاق، وبالتالى فهم يمارسون العنف ضد اطفالهم فالجرائم التي تتم ليست وليدة اليوم بل هي نتاج تربية وسنوات من القهر والعنف والذل من ضرب وسحل وحرق نتيجة لعنف وقع على هذا الطفل الذي لم يستطع صد هذا العنف وبالتالي عندما كبر واصبح قادرا وفي أول فرصة قام بعمل ثورة أو ارتكاب جريمة ضد من هو اضعف منه.
فنسمع عن حالات قتل آباء لأبنائهم نتيجة الضرب والتعذيب كل ذلك ناتج عن تربية قاسية عنيفة كما أن الطفل المقهور والمهذب في المستقبل يمارس عدوانا على المجتمع ويصبح اداة سهلة ممكن استخدامها في ارتكاب أعمال ارهابية واجرامية ضد مجتمعه.
وتضيف الدكتورة انشاد عز الدين استاذ علم الاجتماع العنف ضد الأبناء عنف بدني ومعنوي ويترك اضراره دائما عليهم وقد يكون العدة اسباب تتعلق بضغوط الحياة الاجتماعية واساليب خاطئة في التربية، فنجد مثلا أمهات تقوم بحرق الطفل بالكبريت لأنه يتبول على ملابسه فالاطفال يعانون من صعوبة في التحكم والتعبير وعندما تقوم الأم بتعذيبه في هذه السن الصغيرة يصعب صد أي عدوان عليه وبالتالى يتكون لديه مخزون داخلي من العنف ويتحول الشخص عدواني يمارس العنف في الفصل، يضرب زملاءه ويعذب الحيوانات وهناك عنف يمارس ضد الطفل عندما تقوم الأم بالصراخ الدائم أمام الطفل، ولا تتفاهم معه ولا تسمعه ولا تمنحه الحب والحنان والعواطف التي تبني شخصية ورد فعلها الدائم الصراخ الذي ينتهي بضرب الطفل وعقابه على أبسط الاخطاء التي يرتكبها على الوجه أو بالعصي والحزام وغيرها من أدوات التعذيب التي تستخدم فينشأ الطفل في بيئة غير سليمة نفسيا، فأساليب التربية لابد أن تعتمد على تحفيز الطفل وتشجيعه باستمرار والثناء على ما يفعله، وفي حال وقوع خطأ نصح وارشاد مستمر والعقاب آخر خيار وفي حدود المسموح نفسيا وليس بالقهر والتعذيب والذل.
على الدولة دور في تنشئة الاطفال فهم الثروة الحقيقية للدولة فالطفل هو نواة المجتمع لذا أرى أن تتفرغ الأمهات العاملات في أول سنتين من عمر الطفل التريته بأن تمنح الأمهات اجازة أول سنتين بنصف أجر، وعندما تقر وتوافق على ذلك تساعد في بناء طفل سليم معافي نفسيا وجسديا مما يجعل الأم أكثر راحة وسكينة طمأنينة ومن ثم ينعكس ذلك على أساليب تربيتها لأطفاله.

ريمان جمال الدين

   

مقالات ذات صلة