نجح الدكتور توفان بهرامين، استشاري وجراح أمراض القلب في ’مستشفى رويال برومبتون وهارفيلد التخصصي‘، في تطوير تقنية ثورية مبتكرة تُتيح لمرضى القلب ذوي الحالات المعقدة تقليل الوقت المستغرق في العمليات الجراحية والتعافي بشكل أسرع، والتي يمكن أن تساعد في مواجهة وتخفيض معدل الوفيات المتزايد بسبب الأمراض القلبية في مصر.
وتُعد هذه التقنية المبتكرة مناسبة لعلاج مرضى القلب الذين يحتاجون لإجراء عمليات جراحية مُتعددة، حيث يمكن للمرضى الذين يعانون من مشاكل قلبية تُهدد حياتهم إجراء ما يصل إلى 4 عمليات جراحية عبر عملية واحدة باستخدام تقنياتٍ تتطلّب الحد الأدنى من التدخل الجراحي.
وتشير التقديرات إلى أن 40% من المرضى الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية في مصر سيواجهون خطر الوفاة المبكرة، وهو ما يحتم عليهم الوصول إلى أساليب مجدية لمعالجة هذه الأمراض، والتي تنتج عادة بسبب السمنة وقلة النشاط البدني وارتفاع ضغط الدم، والتي تُعد بعضاً من العوامل الخطرة التي قد تؤدي إلى هذه الأمراض غير المُعدية.
ووصل عدد المُصابين بأمراض القب والأوعية الدموية في المنطقة إلى مستويات خطيرة بالنسبة للعائلات والأفراد وحتى الحكومات، إذ يترافق تطور مشاكل القلب مع ارتفاع المخاطر المرتبطة بحدوث مُضاعفات ومشاكل قد تؤثر سلباً على وظائف مُتعددة للقلب، مما يعني تعرّض المُصابين بأمراض القلب لحالات متزايدة التعقيد تتطلب توفر رعاية صحية متخصصة.
وتعليقاً على التقنية الجديدة، قال الدكتور توفان بهرامي: “نجحنا في مستشفى “هارفيلد التخصصي” بتطوير تقنية ثورية تتيح إجراء 4 جراحات قلبيّة في آنٍ واحد، بما في ذلك إصلاح الصمام التاجي، والصمام ثلاثي الشرفات، والاستئصال الموضعي، وإغلاق مُلحق الأذين الأيسر، وهو ما يضمن للمريض وقتاً أسرع للشفاء دون الحاجة للخضوع لعدة عمليات جراحية”.
وينطوي هذا الإجراء على فوائد كبيرة للغاية بالنسبة لآلاف الأشخاص الذين يتعرضون سنوياً إلى مشاكل قلبية متعددة في مصر، مثل الحالات الخطرة لارتفاع ضغط الدم أو السكتة الدماغية أو عدم انتظام ضربات القلب؛ حيث تسهم التقنية الجديدة في تقليل الحاجة للخضوع لعملياتٍ جراحية مُنفصلة، مما يُخفف بالتالي آلام المرضى وانشغالهم بالمرض في حياتهم اليومية، ويسمح بعودتهم إلى عائلاتهم وهواياتهم وأعمالهم بسرعةٍ أكبر، بدلاً من إجراء عملية قلب أخرى خلال فترة زمنية قصيرة.
عند استخدام هذا الإجراء، يقوم الدكتور بهرامي بالوصول لعضلة القلب عن طريق إنشاء مجموعة صغيرة جداً من الندوب، بدلاً من استخدام المبضع الجراحي التقليدي الذي يتسبب بشق جرحٍ كبير في عظم الصدر.
وتختلف الأدوات المستخدمة في العمليات الجراحية بمساعدة الفيديو عن الطرق المُتبعة في الجراحات التقليدية، كما أنها تستغرق سنواتٍ طويلة من التدريب لتطوير المهارات اللازمة. وتمتاز التقنية الجديدة بتطوّرها ودقتها الفائقة؛ حيث تعتمد على مساعدة الفيديو، باستخدام كاميرا متطورة ثلاثية الأبعاد وشاشة عرض كبيرة عالية الدقة، مما يوفر رؤية واضحة للغاية داخل الجسم، بدلاً من الاعتماد على الرؤية المباشرة التي تتطلب منفذ وصولٍ أكبر. ويمكن الوصول إلى الصمام الأبهري، الذي يحمل الدم الغني بالأكسجين لضخه في الجسم، باستخدام منظارٍ مزوّد بثلاثة ثقوب صغيرة، يكون أولها مخصصاً للكاميرا، والآخر لوضع المشبك على الشريان الأبهر، وآخر لفتح الصمام”.
وقال الدكتور بهرامي: “نقوم كل أسبوع بإجراء عمليتين من هذه الجراحات على الأقل، وقد اكتسبنا خبرة واسعة ومهارات عالية بعد استخدام التقنية الجديدة مرات متعددة في العمليات الجراحية، ولم أسمع مسبقاً بأن مريضاً تمكن من إصلاح الصمام التاجي والصمام ثلاثي الشرفات وإجراء استئصال موضعي من خلال عملية جراحية واحدة، حيث يخضع المريض في العادة لعلاج الصمام التاجي أولاً، وتبقى الأجزاء الأخرى دون معالجة”.
يستغرق إجراء العملية باستخدام التقنية الجديدة حوالي ثلاث ساعات، ويبقى المريض في المستشفى بغرض التعافي لمدة تتراوح بين 5-7 أيام في العادة. وتعليقاً على المُقارنة بين العمليات الجراحية التي تتطلّب الحد الأدنى من التدخل الجراحي، ونهج المبضع الجراحي التقليدي، قال الدكتور بهرامي: “إن مدة الإقامة في المستشفى بشكل عام هي نفسها، ولكن يمكن اكتشاف الفرق الإيجابي والملموس بوضوح لاحقاً. وتضمن التقنية الجديدة الحفاظ على سلامة الصدر، وبالتالي يكون الشفاء أسرع بكثير مقارنة بالجراحة التقليدية، حيث أن العمليات باستخدام المبضع الجراحي التقليدي تتطلّب توفير الرعاية والعناية للمرضى لمدة تتراوح بين 2-3 أشهر، وغالباً لا يمكنهم العودة للعمل أو قيادة السيارة قبل 8 أسابيع على الأقل من الخضوع لها، ناهيك عن أن وتيرة التعافي تكون بطيئة للغاية”.
ويؤكد الدكتور بهرامي أن المرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة قد يُضطرون لقضاء عدة أشهر في المستشفى بعد إجراء العملية الجراحية التقليدية، ولكن التقنية الجديدة تضمن لهم تعافياً سريعاً لأنها تتطلب الحد الأدنى من التدخل الجراحي؛ ويمكن للمريض بعدها العودة لمنزله بعد فترة أقصر، والتعافي بسرعة أكبر في غضون ثلاثة أيام. كما تسهم التقنية الجديدة في تحسين الأعراض المُصاحبة للمرضى ونوعية حياتهم عن طريق إصلاح 4 مشكلاتٍ قلبية دفعةً واحدة، تشمل إصلاح الصمام التاجي، والصمام ثلاثي الشرفات، والاستئصال الموضعي، وإغلاق مُلحق الأذين الأيسر.
وتابع الدكتور بهرامي: “تم إعداد فريق عالي التدريب والكفاءة لتشغيل غرفة العمليات بالكامل، بما في ذلك أخصائيي التخدير والممرضين وأخصائيي تروية القلب والجهاز التنفسي، والذين يتمتعون بخبرة كافية في استخدام التقنية الجراحية الجديدة. ونحن لا نعتمد على متخصصٍ واحد لاستخدام التقنية الجديدة، بل نمتلك فريقاً متكاملاً عالي المهارات وعلى استعدادٍ دائم لإجراء العمليات الجراحية”.