خلال زيارتى لمدينة ميلانو شمال ايطاليا والعاصمة الإقتصادية لها لحضور مهرجان “نفرتيتى” بصحبة فرقة رضا للفنون الشعبية وبالتعاون مع جمعية الصداقة المصرية الايطالية لتنشيط السياحة المصرية فى ايطاليا ،اغرانى مضيفنا بزيارة احد اهم اسواق ميلانو وهو سوق “الحرامية “.
كانت تلك هى المرة الأولى والأخيرة لى لزيارة ميلانو حتى كتابة هذه السطور منذ حوالى شهر يونيو 2006 خاصة
عندما سألنى ضابط الجوازات الايطالى عندسفرى من مطار ميلانو : هل سترجع ثانية الى المدينة ؟
فأجبته بلهجة حادة جدا : لن ازور او ارجع إلى ميلانو ثانية مهما حدث ..
فختم جواز سفرى الذى عاد الى جيبى باعجوبة ومضيت إلى صالة السفر استعدادا لركوب طائرة مصر للطيران والعودرة الى القاهرة .
والحكاية بدأت عندما ركبنا القطار من روما الى ميلانو لمدة خمس ساعات وجلس معنا مضيفنا وبجوارى الفنانة “نيفين” يرحمها الله مديرة فرقة رضا حينذاك وكانت زوجة الفنان محمد صبحى .
طبعا تواصل الحديث بيننا وأخذ مضيفنا يحدثنا عن ميلانو ويشبع بعضا من فضولى بمعلومات سريعة عن المدينة التى تعد ثانى أكبر مدن ايطاليا من حيث عدد السكان بعد روما وعاصمة إقليم لومبارديا.
واشار على بضرورة زيارة سوق “الحرامية ” Landro Mercato وهو سوق يقام أسبوعيا فى أحد ضواحى ميلانو بمنطقة سان دوناطو ميلانيز Sandonato Milanese وتباع فيه اشياء كثيرة مايخطر على بالك ومالا يخطر ومن ضمن مايباع بالسوق مجموعة البومات كوكب الشرق “ام كلثوم ” كاملة وبسعر عشرة يوروهات مسجلة على سيديهات.
فقفز الى رأسى عنوان صحفى “ام كلثوم فى سوق الحرامية ” وأصررت بينى وبين نفسى على ضرورة زيارة هذا السوق رغم التحذيرات الكثيرة لى بعدم زيارته لدرجة أن المستشار الأمنى للقنصلية المصرية فى ميلانو عندما سمعنى أرتب لزيارة السوق مع صديقى الوفى الصحفى أحمد الشرقاوى الذى كان يعيش فى ميلانو ويصدر صحيفة اسبوعية اقتصادية باسم “المركا تو” قال امامى :بلاش يااستاذ محمد تروح سوق الحرامية وانت يااحمد اوعى توديه ..
كل تلك التحذيرات دفعتنى للفضول والمغامرة والذهاب الى السوق لاكتشافه ومعرفة حكايته وانضم الينا فى الزيارة احد ضيوف المهرجان وزوجته، وقلت لنفسى لوسرقوا شنطة يدى ففيها الكاميرا وهذه ليست مشكلة ووزعت نقودى فى أماكن متفرقة من ملابسى ووضعت جواز سفرى فى جيب البنطلون وتوكلت على الله مع صديقى الشرقاوى دليلنا فى الرحلة .
بدأنا بركوب احد خطوط مترو الأنفاق الى احدى المحطات ومنها استقللنا خطا اخر للمترو إلى مكان السوق ، وخلال ركوبى عربة المترو فوجئت بشابين فارعين يعوقان حركة دخولى العربة احدهما وقف امامى بمثابة حائط صد والثانى خلفى وكانا بمثابة كماشة حولى ، فالهمنى ربى أن اتحسس جيبى الذى اضع فيه جوازى ففوجئت بعدم وجود الجواز فصرخت صرخة مدوية وأنا بباب عربة المترو وامسكت باحدهما من خلف قميصه وبقدر مااعطانى الله من قدرة وقوة على الصياح صرخت :جوازى .. جواز سفرى .. الحقونى .. جوازى ضاع واتسرق.
الحمد لله كان للصياح والصراخ أثره الايجابى حيث انبرى الشاب الذى امسكت بقميصه وردد بلهجة عربية وهى لهجة احد دول الشمال الافريقى : جوازك .. جوازك اهه ..
وفجاة وجدت جواز سفرى ملقى فى غمضة عين فى ارضية عربة المترو ، فحمدت الله والتقطته وتنفست الصعداء بعدما شعرت ان ضياع جواز سفرى سيظل عارا يطاردنى طوال حياتى .
كان الموقف حرجا للغاية ولم يستمر سوى اكثر من دقيقة تقريبا وانزعج ركاب المترو وهرب الشابان اللصان بعدما القيا الجواز وفص ملح وذاب دون اثر لهما .
بعدها اصبحت منهك القوى خائر الأعصاب والتف حولى الشرقاوى والضيف وزوجته هدأوا من روعى وبدأت استرجع قواى خاصة بعد ان وضعت جوازى فى جيبى مرة اخرى وماهى إلا دقائق معدودة حتى وصلنا الى سوق الحرامية الذى بدا فعلا من عنوانه وقبل الوصول اليه ، وتجولت سريعا بالسوق حتى رأيت البومات ام كلثوم ملقاة على الأرض لدى احد الباعة فصورتها واجريت معه حوارا سريعا حول مدى الاقبال عليها خاصة من العرب الذين يرتادون السوق وانهيت حوارى والقيت نظرة على بعض الباعة فأعجبنى طبق من البورسلين عليه احد الرسومات الزاهية فاشتريته بثلاثة يوروهات وكان مغبرا تكسوه الاتربة فلما وصلت الفندق غسلته لازيل التراب من عليه واذا بى افاجئ بانه مشروخ من منتصفه واننى وقعت بالفعل فى فخ الحرامية حيث غطى التراب الشرخ كاملا وحمدت الله اننى حققت رغبتى فى زيارة سوق الحرامية بما حدث لى من خسائر مادية ومعنوية ولم يتركنى الحرامية فى حالى وحاولوا سرقتى ولكن الله سلم ونجانى وحمدت الله اننى خرجت من ميلانو سالما قائلا لضابط الجوازات : انا لن اعود اليها مرة اخرى ..