آثار ومصريات

بالصور |ترميم تابوت ليويا .. إنقاذ تحفة مُركّبة تستعيد مجدها فى المتحف المصرى بالتحرير

في يوم 10 ديسمبر، 2025 | بتوقيت 3:00 مساءً

يُعد علم ترميم وصيانة الآثار واحدًا من أكثر العلوم البينية دقةً وتعقيدًا، إذ يجمع بين تخصصات متعددة بهدف واحد: الحفاظ على أصالة الأثر وصون مادته الأصلية لضمان استمرار قيمته الحضارية والثقافية عبر الزمن.

تابوت ليويا.. نموذج فريد للآثار المركّبة

يبرز التابوت الخارجي الآدمي ليويا مثالًا بارزًا للتعامل مع الآثار المركبة، نظرًا لثراء خاماته وتنوع عناصره الفنية. فقد صُنع التابوت من الخشب كعنصر بنائي أساسي، ثم غُطي بطبقة من القار الأسود، وزُين بلمسات دقيقة من التذهيب والعجائن الزجاجية.

وتزدان واجهته بنقوش مزدحمة بالمعبودات، وتتصدره أنثى النسر على منطقة الصدر، باسطة جناحيها فوق علامة “شن” الدالة على الخلود. أما الوجه واليدان وقلادة المومياء وأشرطة الباروكة، فقد شُكلت من الجص المذهب، بينما صُنعت العينان من الزجاج والرخام في مشهد يعكس مهارة الفنان المصري القديم.

مظاهر تلف حرجة تهدد الأثر

على مدار عقود، تعرض التابوت لجملة من مظاهر التلف الخطيرة، أبرزها:

  • انفصالات متعددة في الألواح الخشبية الحاملة لهيكل التابوت.

  • انبعاجات واضحة في أجزاء بنائية حساسة.

  • انتشار فواصل بين طبقات التذهيب والطبقة الخشبية.

  • تقشر شديد في طبقات الذهب الرقيق، ما هدد بفقد أجزاء فنية نادرة.

هذه المشكلات، بحساسيتها، تطلبت تدخلاً علميًا محكومًا بأعلى درجات الدقة.

خطة علاج منهجية لاستعادة الاستقرار

انطلقت عمليات الترميم وفق مسار علاجي متكامل، قام به فريق متخصص من قسم الترميم وصيانة الآثار بالمتحف المصري بالقاهرة، وشملت الخطوات التالية:

  • التوثيق الرقمي والفحص الدقيق باستخدام ميكروسكوب USB لرصد أدق تفاصيل التضرر.

  • تنظيف ميكانيكي متزن لإزالة الرواسب دون المساس بالطبقات الأصلية.

  • تقوية مبدئية للطبقات الضعيفة ورد القشور المنفصلة.

  • تعقيم شامل لمعالجة أي نشاط بيولوجي متبقٍ.

  • ملء الفراغات الناتجة عن التلف وإعادة ضبط المناطق التي تعرّضت للانبعاج.

  • تهيئة التابوت للعرض المتحفي بما يضمن استدامته، وفق منهجيات الصيانة الوقائية.

عرض متحفي يعيد التحفة إلى دائرة الضوء

عقب انتهاء الترميم، أصبح التابوت جاهزًا للعرض داخل المتحف المصري، في صورة تبرز جمالياته الأصلية وتكشف عن عبقرية الحرفية المصرية القديمة، بعد رحلة علاجية حافظت على أصالته دون تدخل تجميلي زائد أو إضافة مادية قد تؤثر على قيمته التاريخية.