شارك الفنان التشكيلي العُماني إسماعيل بن غلام رسول بن عبدالله البلوشي في الدورة الأولى من الملتقى الدولي للثقافة والفنون “جسور الفن والثقافة” الذي استضافته أكاديمية الفنون بالقاهرة. وقدّم البلوشي أعمالًا فنية تنتمي إلى مدارس متعددة تجمع بين التجريدية والواقعية والتعبيرية والمعاصرة، مع حضور واضح لأسلوبه الخاص في الحرق على الخشب وصناعة المجسمات.
في هذا الحوار السريع على هامش الملتقى، يتحدث البلوشي عن بداياته الفنية، وأسلوبه، وأعماله المشاركة، ورؤيته لتجربة الملتقى، مع لمحة عن تأثير البيئة العُمانية ورؤيته المستقبلية.
البدايات… حيث وُلد الشغف
سؤال: كيف بدأت رحلتك الفنية؟
إجابة البلوشي:
“كانت بداياتي أيام المدرسة الإعدادية، حيث بدأت بالألوان المائية وأعمال الحرق على الخشب. ومع مرور الوقت، وبفضل تشجيع المسؤولين والداعمين في جهة عملي، شاركت في المعارض الفنية على مستوى المؤسسة، ومن هنا بدأت الرحلة تتوسع وتتطور. تأثرت بتنوع الفنون، واتجهت إلى عمل المجسمات والرسم بألوان الأكريليك على ألواح الكانفس، بالإضافة إلى الرسم بالبخاخ بالألوان الزيتية.”
محطات مؤثرة في المسيرة
سؤال: ما أبرز المحطات التي شكّلت مسارك الفني؟
إجابة البلوشي:
“شاركت في العديد من المعارض منذ عام 2009 مرورًا بـ 2016 و2023 و2024، وقدمت أعمالًا في نشاطات وزارة الدفاع، وفي معارض ثقافية وفنية متعددة على مستوى السلطنة. وكانت مشاركتي في المعرض الدولي (فرشاة عربية) بمدينة زيورخ – سويسرا عام 2025 من أهم محطاتي التي نالت صدى كبيرًا.”
كما شارك البلوشي في عشرات الفعاليات المهمة، منها:
معرض النشاط الثقافي بوزارة الدفاع، معرض نظام “ساعي” الإلكتروني، الملتقى التشكيلي بسناو، فعالية الوقاية هي الغاية، الأمسية الثقافية بقاعدة المصنعة، ملتقى الغيث الرمضاني، معرض ظفار الدولي للفن المعاصر، مؤتمر أكتوبر العمران، معرض “عمان الفخر”، وغيرها.
أسلوب فني متفرّد… بين الحرق على الخشب وروح التراث
سؤال: ماذا يميز أسلوبك الفني؟
إجابة البلوشي:
“أعمل على المزج بين عدة مدارس، لكن أسلوبي الأكثر تميزًا هو الحرق على الخشب، وهو فن نادر يعطي عمقًا بصريًا بين درجات الفاتح والغامق، ويخلق إحساسًا بانتعاش ذاكرة الماضي. أحب أيضًا صناعة المجسمات التي تجسّد البيوت الطينية العُمانية القديمة والأدوات التراثية التي استخدمها الأجداد.”
أعماله المشاركة في الملتقى
سؤال: حدثنا عن أعمالك المعروضة هذا العام؟
1- لوحة “القلاع والحصون المهمة في سلطنة عمان”
-
الفكرة: إحياء التراث العماني وإبراز المعمار الدفاعي الذي شكّل تاريخ البلاد.
-
التقنية: الحرق على الخشب.
-
التميز: يخلق تناسقًا بين الظلال والضوء، ويُشعر المتلقي بعودة إلى الأمكنة القديمة.

2- لوحة “المرأة العمانية بين الماضي والحاضر”
-
الفكرة: رغم تطور التقنيات والحضارة، تبقى المرأة العمانية محتفظة بلبسها التقليدي ورونقها وتميزها في كل مجالات الحياة.
-
التقنية: الحرق على الخشب.
-
الرسالة: أصالة لا تنطفئ، وحضور يتجدد عبر الزمن.
كما أشار البلوشي إلى أن لديه أعمال مجسّمة مميزة للبيوت الطينية العمانية لم تُعرض بعد، وتعد من أهم أعماله الفنية.
جوائز وتكريمات
سؤال: ما أبرز الجوائز التي حصلت عليها؟
إجابة البلوشي:
“حصلت على المركز الأول في ندوة التثقيف المروري بوزارة الدفاع، وقدمتُ مجسمًا يحذّر من مخاطر استخدام الهاتف أثناء القيادة، ونلت عنه درع الدورة لعام 2025. كما شاركت في العديد من المعارض المحلية والدولية، ونلت جوائز عدة، وكان لمعرض (فرشاة عربية) في زيورخ الصدى الأكبر في مسيرتي.”
تأثير البيئة العُمانية
سؤال: كيف انعكست البيئة العُمانية، خصوصًا ملامح الجبال والبحر، على أسلوبك الفني وتجربتك في الحرق على الخشب؟
إجابة البلوشي:
“البيئة العُمانية حاضرة في كل تفاصيل تجربتي الفنية، فالجبال تمنحني إحساسًا بالثبات والهيبة والامتداد، وهو ما يظهر دائمًا في اعتمادي على الخطوط القوية والظلال العميقة في أعمال الحرق على الخشب. أما البحر، فهو مصدر للهدوء والحركة في الوقت نفسه، لذلك تجد في كثير من أعمالي مساحات مفتوحة وانسيابية في التكوينات. أنا ابن بيئة غنية بالتنوع، وأستمد منها روح العمل وعمق الفكرة قبل أن ألمس الخشب بأدواتي.”
رؤيته المستقبلية في الحرق على الخشب والمجسمات
سؤال: ما رؤيتك المستقبلية لتطوير فن الحرق على الخشب؟
إجابة البلوشي:
“أطمح إلى الانتقال من مرحلة اللوحة المسطحة إلى أعمال أكثر عمقًا وتفاعلًا بصريًا، وأفكر في إنتاج مجسمات تعتمد على الحرق والنحت معًا، بحيث تتحول القطعة الفنية إلى عمل حيّ يُرى من عدة زوايا. كما أسعى إلى دمج خامات جديدة مع الخشب مثل النحاس أو الجلد لإضفاء طبقات حسية تعزز التجربة البصرية. المستقبل بالنسبة لي هو كسر الحدود التقليدية لهذا الفن، والدفع به نحو حضور أوسع في المعارض الدولية.”
تقييم التجربة… وثراء الملتقى
سؤال: كيف رأيت مشاركتك في الملتقى الدولي؟
إجابة البلوشي:
“كانت التجربة فوق الوصف… المشاركون كانوا متعمقين في الفن بمختلف مدارسه، والبرامج كانت متنوعة وثرية، وتحمل روح الماضي المعاصر للفنانين العرب عمومًا والمصريين خاصة.”
ماذا أضاف لك الملتقى؟
“أدركتُ أن الفن لا يتوقف عند مدى معين؛ يجب التنوع فيه والبحث المستمر. كما تأكدت من أهمية اهتمام الدول برواد الفن والثقافة والتراث، حتى لا يندثر الإبداع عند نقطة معينة.”
روح عربية… وحوار بصري مشترك
سؤال: كيف ترى دور الملتقى في دعم الثقافة العربية؟
إجابة البلوشي:
“الملتقى خلق حوارًا بصريًا بين الدول المشاركة، جمع مدارس مختلفة تحت سقف واحد، وهذا ما تحتاجه الساحة الفنية اليوم.”
كلمة الفنان
“أتقدم بالشكر لجميع القائمين على الملتقى على التنظيم الاحترافي، وتنوع البرامج الفنية، وتقديم شروح ومحاضرات على يد خبراء، إضافة إلى الاهتمام بالإعلام والتصوير وتخصيص كوادر محترفة لهذا الجانب. كانت تجربة ناجحة بكل المقاييس.”



