
تنظم مؤسسة المنتدى الدولي للفن من أجل التنمية بالتعاون مع منظمة اليونسكو، معرضًا فنيًا دوليًا تحت عنوان “من البردي الأخضر إلى الفن الخالد”، وذلك بالمتحف المصري بالتحرير خلال الفترة من 1 إلى 6 ديسمبر 2025، بحضور نخبة من الوزراء والمسؤولين وكبار الفنانين.
ويشارك في الافتتاح كل من شريف فتحي وزير السياحة والآثار، الدكتور أحمد غنيم الرئيس التنفيذي للمتحف المصري الكبير، الدكتور محمد إسماعيل الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور علي عبد الحليم مدير عام المتحف المصري بالتحرير، الدكتورة نوريا سانز المدير الإقليمي لليونسكو بالقاهرة، الفنانة داليا البحيري سفيرة مبادرة البردي، والفنانة التشكيلية رندة فؤاد مؤسس ورئيس المؤسسة، إلى جانب سفراء عدد من الدول العربية والأجنبية، وشخصيات عامة، وفنانين تشكيليين من عدة دول.
البردي.. ورقة المصري القديم التي عاشت آلاف السنين
يُعد ورق البردي من أقدم الاختراعات الإنسانية المرتبطة بالمعرفة وتدوين التاريخ، إذ يعود تاريخه إلى أكثر من خمسة آلاف عام. وقد ابتكر المصريون القدماء صناعة البردي من نبات Cyperus Papyrus الذي كان يزدهر على ضفاف النيل، حيث تُقطع سيقانه إلى شرائح دقيقة تُرصّ طبقتين عموديًا وأفقيًا، ثم تُضغط لتكوّن صفحات قوية ومتينة.
ولقرون طويلة، كان البردي هو الوسيط الرئيسي لتسجيل العلوم، والطقوس، والمعاملات الرسمية، والفنون، قبل انتشار الورق الحديث. ولاتزال قرية القراموص بمحافظة الشرقية تمثل اليوم الامتداد الحي لهذه الحرفة التراثية، إذ تُنتج البردي بالطريقة القديمة ذاتها، ليظل شاهدًا على عبقرية المصري القديم ومصدرًا لإلهام الفنانين المعاصرين.

معرض فني بمفهوم جديد: البردي وسيطًا معاصرًا بين التراث والحداثة
يُعد هذا المعرض السادس الذي تنظمه مؤسسة المنتدى خلال خمس سنوات، ويأتي كجزء من أبرز المبادرات الفنية لعام 2025 الهادفة إلى إحياء تراث ورق البردي وربطه بالفن المعاصر.
ويعرض أكثر من 70 فنانًا معاصرًا من مصر وعدة دول أعمالًا فنية منفذة بالكامل على ورق البردي، ضمن رؤية تستعيد المكانة الرمزية لهذه المادة وربطها بمفاهيم الاستدامة البيئية والهوية الثقافية.
ويقام المعرض برعاية وزارات: السياحة والآثار، الثقافة، التضامن الاجتماعي، البيئة، وبالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار، هيئة تنشيط السياحة، منظمة اليونسكو، نقابة الفنانين التشكيليين، وبدعم من البنك التجاري الدولي CIB.
مسابقة للشباب وإبداعات جديدة على البردي
وفي إطار المبادرة، أطلقت المؤسسة مسابقة وطنية للشباب قبل عدة أشهر بهدف دعم المواهب الجديدة ومنحهم فرصة للعرض داخل معرض دولي بهذا الحجم.
وتتضمن الأعمال الشبابية لوحات منفذة على البردي، إضافة إلى مجسمات فنية مبتكرة مصنوعة من نبات البردي نفسه، وستُعرض إلى جانب أعمال كبار الفنانين المشاركين.

رندة فؤاد: “المعرض جسر بين حضارة الأمس وإبداع اليوم”
أكدت رندة فؤاد، مؤسس ورئيس مؤسسة المنتدى وصاحبة المبادرة، أن المشروع يمثل حوارًا حيًا بين الماضي والحاضر.
وقالت: “كما عبّر المصري القديم عن حضارته على ورق البردي، يعبر فنانو اليوم عن رؤيتهم للعالم باستخدام المادة ذاتها، في رسالة تعيد البردي إلى الحياة كجسر بين التراث والإبداع الحديث.”
وأضافت أن المؤسسة تمثل منصة تعمل على الربط بين الفن والتنمية المستدامة من خلال دعم زراعة وصناعة ورق البردي، وتعزيز الصناعات البيئية المرتبطة به، وتمكين الفنانين والشباب وربط الإبداع بالأهداف التنموية للألفية.
كما كشفت أن المعرض يأتي ضمن حملة دولية للحفاظ على نبات البردي، وسيتم تنظيم نسخ منه في متاحف داخل مصر وخارجها خلال الفترة المقبلة.

زيارات ميدانية ودعم للحرفيين.. الفن في خدمة المجتمع
ويأتي هذا المعرض امتدادًا لمبادرات نفذتها المؤسسة بالتعاون مع اليونسكو، من بينها زيارات لقرية القراموص بالشرقية؛ أحد أهم مراكز صناعة البردي التقليدية.
وتخطط المؤسسة لنقل التجربة إلى صعيد مصر العام المقبل لدعم المزارعين والحرفيين وتمكينهم وربط إنتاجهم بالحراك الفني المعاصر في مصر والعالم.
تمكين المرأة والشباب.. وبناء اقتصاد إبداعي مستدام
تركز المؤسسة على تمكين الشباب والمرأة عبر مشروعات فنية مستدامة تقوم على إعادة التدوير والفن البيئي، وتعمل على نشر الوعي المجتمعي بدور الفن في مواجهة التحديات المناخية وتعزيز الاقتصاد الإبداعي.
وبفضل برامجها المتنوعة، تواصل المؤسسة ترسيخ رؤيتها التي تجعل الفن قوة دافعة للتغيير الإيجابي ومنصة لبناء مستقبل أكثر استدامة وعدلاً للأجيال القادمة.



