آثار ومصرياتبأقلامهم

الدكتورة عائشة عبد العال تكتب لـ ” المحروسة نبوز ” مصريات : الملك بسمتيك الأول وإعادة الصحوة المصرية

في يوم 16 نوفمبر، 2025 | بتوقيت 12:00 مساءً

مصريات عمود يتناول أسبوعيا أحد مظاهر الحضارة المصرية، ويعرض لأحد جوانب التميز عند المصري القديم، ثم يعرج على عرض الأوائل من المصريين في كافة المجالات، ويكمن الغرض الرئيس من المقالات إلى تأصيل مفهوم الهوية، والاعتزاز بالوطن لدى الشباب، فالتاريخ هو أقوى دعائم الهوية، ومن لا يقرأ تاريخه يظل هائمًا بلا هوية وبلا وطن راسخ تحت أقدامه.

الملك بسمتيك الأول وإعادة الصحوة المصرية

عاشت مصر منذ نهاية عصر الرعامسة نحو عام 1085 قبل الميلاد نكبات سياسية واقتصادية متتالية استمرت من الأسرة 21 ووصلت أوجها مع نهاية عصر الاحتلال الكوشي في الأسرة25 ؛ حيث تم احتلال الآشوريين لمصر، وقتل أو استبعاد آخر حكام تلك الأسرة (تانوات آمون)؛ ليقوم أقوى أمراء الدلتا وحاكم منطقة سايس على فرع رشيد، بالعمل على خداع الآشوريين من جهة ( وهم كانوا قد سيطروا على مصر وهدموا طيبة وقتلوا آخر حكام الأسرة 25، تاركين حامية عسكرية آشورية بمصر)، وإعادة توحيد أمراء الدلتا تحت سطوته؛ ألا وهو القائد المتميز أمير سايس الذي سيصبح الملك بسمتيك الأول  في نحو عام 664 قبل الميلاد.

سياسة بسماتيك الأول في إحكام قبضته على مصر:

عمل في المقام الأول على استغلال شغف المصريين بالدين، فجعل ابنته “نيتوكريس” المتعبدة الأولى لآمون، وأجبر آخر متعبدة بطيبة من أسرة الملك طاهرقا الكوشي على تبني ابنته؛ ومن ثم انهالت عليها الهدايا من أموال وآراضٍ لتكون تحت سيطرتها وبالتالي إشرافها المساوي لكبير كهنة آمون على خزائن آمون وآراضي المعابد في طيبة فأحكم سيطرته على أخطر مصادر الدخل، وضمن قوة تأثير سلاحه الديني على الشعب متمثلا في ابنته.

وعلى الرغم من خطورة تلك الفترة إلا أن المؤرخين سواء مانيثون أو هيرودوت   لم يتركوا لنا تفاصيل طرد بسمتيك للآشوريين، ولا كيفية إعادته توحيد البلاد؛ غير أن النصوص الملكية التي بدأنا نطالعها مع العام التاسع من حكمه؛ تشير إلى ذكائه في الإدارة وإغرائه لأمراء الأقاليم المختلفة للتحالف معه وقبوله ملكا لمصر كلها.

ويبدأ في تقوية علاقاته الخارجية وبخاصة مع حاكم ليديا والاستعانة بالجنود الإغريق في جيشه الذي أخذ يستعيد قوته وتنظيمه حتى عاد لسابق سمعته.

ثم يقوم بعدة حملات لتأمين الحدود وتأمين طرق التجارة، ويستمر حكمه الناجح لنحو 54 عاما أستطاع ببراعة أن يعيد لمصر هيبتها الخارجية وثروتها المحلية، ويحي الفنون المصرية متبعا خطوات أجداده العظام ليكون عصره عصر النهضة والصحوة الأخيرة قبيل إنزال الستار على روعة أحد أعظم حضارات العالم القديم.

كاتب المقال 

الدكتورة عائشة محمود عبد العال

أستاذ حضارة وآثار مصر القديمة كلية البنات جامعة عين شمس