بأقلامهم

“الدكتورة عائشة عبد العال “تكتب لـ ” المحروسة نيوز “< مصريات> : الوطن عند المصري القديم (كمت – مصر )

في يوم 3 نوفمبر، 2025 | بتوقيت 12:52 مساءً

مصريات  عمود يتناول أسبوعيا أحد مظاهر الحضارة المصرية، ويعرض لأحد جوانب التميز عند المصري القديم، ثم يعرج على عرض الأوائل من المصريين في كافة المجالات،..ويكمن الغرض الرئيسى من المقالات إلى تأصيل مفهوم الهوية، والاعتزاز بالوطن لدى الشباب، فالتاريخ هو أقوى دعائم الهوية، ومن لا يقرأ تاريخه يظل هائمًا بلا هوية وبلا وطن راسخ تحت أقدامه.

الانتماء وحب الوطن 

 عزفت مصر في ليلة الأول من نوفمبر 2025 لحنا وطنيا يقطر عشقا وفخرا بتراب مصر وتراثها؛ أعاد للأذهان عبق الحضارة المصرية الخالدة، في موكب يتزعمه رئيس الدولة المصرية الرئيس السيسي، مصاحبا له ملوكا وحكام وسفراء كبريات دول العالم، يستقبلون إشارة بدأ افتتاح المتحف المصري الكبير أول وأكبر متحف في العالم لحضارة واحدة ممتدة لنحو 7000 عاما متصلة.

اعادة بناء الدولة الوطنية

أحد الأركان الأساسية التى أشار إليها سيادة الرئيس السيسي في خطابه للقضاء على الإرهاب

يعد هذا اللفظ الذي استخدمه السيد الرئيس نبراس العمل الذي أتخذه فراعنة مصر القديمة لبناء الحضارة المصرية التى نعرفها ..وهو ترجمة للفظ الهيروغليفي (وحم مسووت)

أحد أقدم وأهم الشعارات السياسية المستخدمة في مصر الفرعونية:

معناه ” إعادة البناء أو النهضة…

اتخذه شعاراً عدد من الملوك في مصر القديمة الذين قامت على أكتافهم نهضة مصر القديمة .

وحم مسوت: إعادة البناء والنهضة ومع أخذ أسباب البناء من إعمار وإصلاح أراضى وشق ترع وقنوات وإستزراع أراضى جديدة ..حافظ المصري على المبدأ العظيم ..

يد تبنى .. ويد تحمل السلاح

إذ أن البناء القوى يحتاج سلاح قوى يدافع عنه ويحميه

نفذه أول الفراعنة في الأسرة الأولى؛ كل من الملك العقرب وبعده الملك مينا موحد القطرين

هكذا فعلوا .. نعرمر يرفع مقمعة القتال للقضاء على أعداء الدولة ..أقوى ردع في التاريخ المصري كله منذ عام 3150 قبل الميلاد

يقول هيرمس ..تحوت رب الحكمة والفيلسوف الأول في العالم المصري القديم  “أن مصر هى صورة السماء.. بل هى مقر السماء؛ حيث تتركز فيها كل القوى، والحقيقة أن أرضنا مصر.. هى معبد الكون”

هكذا هى فكرة المصري القديم عن بلده التى أختصها الرب الخالق بتجليه وظهوره عليها ليبدأ من فوقها خلق الكون ومخلوقاته؛ ثم كيف أختص الرب مرة ثانية من بعد الأرض …الشعب المصري الذي هو فقط “الناس” مخلوقين من رموشه أو دموع عنيه

ومن أجل هذا التميز والإختصاص … عشق المصري تراب بلده وأعظم ما يتمناه المصري إذا فارق بلده أن يعود إليها ثانية وأكبر أحلامه أن يموت ويدفن بها؛ وهناك العديد من الشواهد قديما وحديثا تؤكد ذلك نذكر منها ما جاء في :

 قصة الملاح الغريق … القصة بإختصار بحار معه 500 من أقوى رجال مصر، يخرجون في رحلة بحرية إلى المناجم الجنوبية، فجأة تهب العاصفة ويعلو الموج ويغرق الرجال والسفينة إلا رجل واحد تعلق بجزء خشيى من السفينة وظل عالقا في البحر ثلاثة أيام.. وفجأة تظهر أمامه جزيرة عامرة بكل الخيرات، يسبح إليها ويستريح ويأكل من أفضل الطعام.. وفجأة ترتجف الارض وتثور الرياح و تتمايل الأشجار بقوة ويظهر امامه ثعبان ضخم جدا ينبأه بأهم خبر أسعده قائلا: سوف تعود إلى أرضك وتملأ حضنك بزوجتك وبأولادك.. قاله أول حاجة هترجع بلدك… اللى هى حلم كل مصري في الغربة….

سنوهي: بعد أن كبر وأصبح أبا وزعيما لقبيلة كل ما أراده هو العودة إلى مصر أرسل للفرعون يرجوه…أن كل أمله:… يموت في مصر ويدفن في ترابها …قائلا لصديقه بعد أن أخذه الحنين وملأت الدموع عيونه وقلبه قائلا :

” أما آن لى أن أرى البقعة التى عاش فيها قلبى “؛ برغم كل ما حققه فإن قلبه لم يحيا إلا بمصر فقط وها هو متعلق بها ويريد أن يدفن في ثراها الغالي.

أكبر ما يعشقه المصري بعد تراب مصر هو ” الجيش”

والمصري القديم لا يقول الجيش أبدا، بل يقول … جــيـشـــنـــــــــا… لإنه مصدر الفخر والعزة ورمز الحفاظ على الوطن، وهو الذي يعتمد عليه المصري في صنع فخره واعتزازه بنفسه وأرضه المقدسة، فنجده يخلد مبدأ ابتدعه الملك العظيم رمسيس الثالث حينما قال ونفذ فعليا : “قطع اليد التي تمتد على مصر” حيث خلد في معبده بمدينة هابو بالأقصر تصوير قطع أيادي الأعداء ممن سولت لهم نفسهم محاولة الاعتداء على مصر وجيشها؛ وليس فقط قطع الأيادى بل أيضاً قطع العضو الذكرى والعد به لرمزية ذلك أيضا بمعنى أنه تم إجتثاث بذرة من تجرأ وفكر في الاعتداء على أرض مصر أو أرض الرب كما سماها المصري

وها هو الرئيس السيسي يعيد بكل فخر مجد أجداده معلنا بكل قوة معلنا أنه لن يستطع عدو الاعتداء على مصر أو أهلها في وجود جيشنا العظيم حفظه الله، ولا زال المصريين يعزفون أناشيد المجد والعزة تخليدا لتراثهم وحضارتهم.

وكما كانت المرأة المصرية السند والساعد القوي لملك مصر منذ وقوف إيزيس ضد ست وانتقامها منه، وكذلك العظيمة إياح حوتب، فإن المرأة المصرية لازالت تغزل آيات الفخر بمساندتها لرجال مصر في بناء الدولة، تقف تبني وتحمي بلادها جنبا إلى جنب زوجها العظيم؛ وهو ما يعد من التراث المصري المتوارث والقوي

الموروث منذ بداية خلق مصر.

ختاما ستظل المرأة دائما الحصن الذي يقوم عليه أمر الحفاظ على الأمة منذ الأزل وحتى نهاية الكون ,,, لن تكون أمة عظيمة متماسكة إلا بأم قوية مثقفة واعية تعرف حق “الوطن”

يد عاشقة تراب أرضها مع يد العاشق حامى الوطن فرعون مصر

..تحيا مصر..تحيا مصر..تحيا مصر

كاتب المقال

الدكتورة عائشة محمود عبد العال

أستاذ حضارة وآثار مصر القديمة كلية البنات جامعة عين شمس