لم تكن بور سعيد يومًا مدينة عابرة في التاريخ المصري، بل كانت وما زالت أيقونة للمقاومة والنصر، وبوابة استراتيجية تتربع على المدخل الشمالي لقناة السويس، حيث تلتقي مياه البحرين الأبيض المتوسط والأحمر في موقع جغرافي فريد منحها أهمية عسكرية واقتصادية وسياحية استثنائية.
عيد قومي يخلّد البطولة
في 23 ديسمبر من كل عام، يحتفل أبناء بور سعيد بعيدهم القومي، ذكرى الانتصار على العدوان الثلاثي عام 1956، حين واجهت المدينة الباسلة واحدة من أعتى القوى الاستعمارية، لتكتب بدماء أبنائها سطورًا من المجد الوطني والصمود.
مقومات سياحية متعددة
1- السياحة العسكرية والتاريخية
بور سعيد مدينة المقاومة بامتياز، تحتضن مواقع وأماكن تروي بطولات لا تُنسى، مثل متحف بور سعيد الحربي الذي يضم وثائق وصورًا وأسلحة تحكي فصول النضال الوطني. إلى جانب النصب التذكارية التي تجسد روح الفداء وتمنح الزائر تجربة تاريخية حيّة.
2- المقومات الطبيعية
بينما تجذب “ظاهرة جبل الملح” الأنظار كأحد المعالم الطبيعية النادرة في مصر، حيث تشكّل بفعل تراكمات الملح على مدى عقود مشهدًا بصريًا مدهشًا، يصلح لأن يكون عنصرًا رئيسيًا في الحملات الترويجية السياحية.
3- سياحة الطعام والتذوق
أطباق السمك والجمبري والبوري الطازجة تجعل من بورسعيد قبلة لعشاق المأكولات البحرية. حيث يلتقي طعم البحر بجلسات الشاطئ في تجربة لا تُنسى تضعها ضمن أهم وجهات “سياحة التذوق” في مصر.
4- سياحة التسوق
لسنوات طويلة، كانت بور سعيد عاصمة التسوق بفضل وضعها كمنطقة حرة تقدم منتجات بأسعار تنافسية، وهو ما جعلها مقصدًا لآلاف المصريين والسياح العرب الباحثين عن التسوق بأسعار مناسبة.
بورسعيد في الجمهورية الجديدة
حظيت المدينة الباسلة بتقدير خاص من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أكد أكثر من مرة دورها المحوري في حماية الأمن القومي ودعم الاقتصاد الوطني. كما نالت نصيبها من مشروعات التنمية ضمن رؤية “الجمهورية الجديدة 2030” التي تستهدف إبرازها كوجهة سياحية واقتصادية واعدة.
شخصيات صنعت بصمة
شخصيات من مواليد بور سعيد في مجالات مختلفة منها الشخصيات الوطنية مثل الشيخ محمد الفقي الذي لعب دورًا في المقاومة خلال حروب قناة السويس، والفدائيون مثل الرائد شوقي خلاف والفدائية زينب الكفراوي، بالإضافة إلى الشخصيات الرياضية مثل سيد نصير.
كما خرج من بور سعيد عمالقة في مجالات متعددة، من بينهم اللواء الدكتور سمير فرج ، القامة العسكرية والاستراتيجية البارزة، إضافة إلى الفنانين محمود ياسين وسمية الألفي عمرو دياب وسهير رمزى ، والمخرج المسرحى الكبير سمير العصفورى ،والأديبة والكاتبة الصحفية سكينة فؤاد ، والبطل العالمى سيد نصير ، فضلًا عن نجوم النادي المصري الذين رفعوا اسم مدينتهم عاليًا في المحافل الرياضية وآخرون.







توصيات لتنمية المنتج السياحي
حتى تظل بور سعيد على خريطة السياحة العالمية، يرى الخبراء أن هناك حزمة من التوصيات التي ينبغي تفعيلها، أبرزها:
- تطوير المتحف الحربي باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي والعروض التفاعلية.
- إطلاق مسار سياحي تحت شعار “بورسعيد مدينة الصمود” يضم مواقع المقاومة الشعبية والبطولات العسكرية.
- إقامة مهرجان سنوي للسياحة العسكرية يعرض بطولات العدوان الثلاثي وحرب الاستنزاف وحرب أكتوبر.
- إدراج جبل الملح ضمن البرامج الترويجية الدولية.
- تنظيم مهرجانات للطعام البحري تسوّق لمأكولات المدينة عالميًا.
- إعادة تنشيط المنطقة الحرة بحملات تسويق رقمية.
- إنتاج أفلام ترويجية عن أنماط السياحة المختلفة بالمدينة برعاية وزارة السياحة والهيئة المصرية للتنشيط السياحي.
مدينة تتحدث بلغة البحر والمجد
ليست بور سعيد مجرد مدينة ساحلية، بل لوحة فنية متكاملة تجمع بين التاريخ والطبيعة والإنسان. إنها حكاية صمود وشاهد على بطولة، وفي الوقت ذاته مقصد سياحي واعد يملك كل المقومات ليحتل مكانة مميزة على خريطة السياحة الإقليمية والدولية.
في ظل الجمهورية الجديدة، تستعد بور سعيد لتكتب فصلًا جديدًا من تاريخها، حيث يلتقي الماضي العريق بالمستقبل الواعد، لتبقى دائمًا مدينة النصر والإبهار.



