آثار ومصرياتبأقلامهم

“الدكتورة عائشة محمود عبد العال” تكتب لـ المحروسة نيوز ” مصريات : المرأة في مصر القديمة الملكة نيتوكريس (نيت إقرتي)

في يوم 30 سبتمبر، 2025 | بتوقيت 2:00 مساءً

مصريات   عمود يتناول أسبوعيا أحد مظاهر الحضارة المصرية، ويعرض لأحد جوانب التميز عند المصري القديم، ثم يعرج على عرض الأوائل من المصريين في كافة المجالات، ويكمن الغرض الرئيس من المقالات إلى تأصيل مفهوم الهوية، والاعتزاز بالوطن لدى الشباب، فالتاريخ هو أقوى دعائم الهوية، ومن لا يقرأ تاريخه يظل هائمًا بلا هوية وبلا وطن راسخ تحت أقدامه.

{2} الملكة نيتوكريس (نيت إقرتي)

ذكر كل من مانيثون وهيرودوت أسم الملكة المصرية “نيتوكريس” في نهاية الأسرة السادسة كملكة حاكمة، في الفترة من 2184 حتى 2181 قبل الميلاد؛ ربما إنها ابنة الملك بيبي الثاني، وأخت الملك مري إن رع الثاني، وأنها تولت الحكم بعد مقتله، لم نعثر على نقوش صريحة باسمها أو ألقابها، ويبدو أنها حملت لقب”من كاورع”؛ مما جعل بعض الكتاب ينسب إليها استكمال وبناء الهرم الثالث وهو أمر غير حقيقي.

أذاع هيرودوت قصة انتقامها المروع من قتلة أخيها بشكل أسطوري، حيث جاء من بين جنبات كتابه عن مصر، أن هذه الملكة أرادت الانتقام من قتلة أخيها ملك الأرضين، وذلك بعد أن اعتلت عرش مصر.

قامت بالتخطيط لبناء خاص عبارة عن قاعة احتفالات أسفل قصرها، تتصل هندسيا بقنوات تربطها بنهر النيل وأبقت الأمر سرا لا يعرفه إلا الخاصة من رجالها.

ودعت من رأت أنهم قتلة الملك إلى وليمة عامرة بتلك القاعة الملحقة بالقصر الملكي؛ وعندما أنهمك الضيوف في تناول ما لذ وطاب من ألوان الطعام، أشارت للخدم فقاموا بفتح القنوات المتصلة بالنيل، وأغلقت عليهم القاعة حتى غرقوا، ويستطرد هيرودوت أن الملكة خشت انتقام ذوي المقتولين فقامت بالانتحار بإلقاء نفسها في آتون من نار ورماد.

هرم منكاورع بالجيزة ولا يمكن اعتباره هرم الملكة نيت إقرتي التي حملت لقب من كا ورع
الملك ببي الثاني وأمه بمتحف بروكلين
منكاورع وزوجته
الصورة تخيلية للملكة نت اقرت

ولنا وقفة مع تلك القصة التي بدأ هيرودوت سردها قائلا: “أخبروني….”؛ والشائع عن هيرودوت أنه كان يستمع للعامة من الشعب؛ وينقل ما يسمع دونما تمحيص أو تحقق، ما رواه لا يتفق مع عقيدة المصري القديم.

وبالطبع فإن جانبا كبيرا من قصة الملكة نيت إقرتي (نيتوكريس)، ملفق وغير حقيقي لكن لابد أن المصري القديم كان له هدف من رواية تلك القصة للإغريق ممن احتلوا مصر في لك الوقت، فهنا إشارة إلى أن الملك كان يخشى غضب وثورة شعبه من المصريين ويفضلون أن يقتلوا أنفسهم على أن يقعوا تحت سطوة الشعب الغاضب، وهنا إشارة تهديد ريحة للمحتل الأجنبي أن المصري مهما ضعفت قوته يستطع أن يثور ويهزم المحتل المتجبر.

بقلم

الدكتورة  عائشة محمود عبد العال

أستاذ حضارة وآثار مصر القديمة كلية البنات جامعة عين شمس