بأقلامهممنوعات

الأديب” الجميلى أحمد” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” : قصر ثقافة المطرية… لافتة خلف الأسوار وحكاية تنتظر الإنصاف!!

في يوم 24 سبتمبر، 2025 | بتوقيت 1:00 مساءً

يقع قصر ثقافة المطرية في واحد من أقدم وأعرق أحياء القاهرة الشعبية، حي المطرية المعروف بتاريخ طويل يمتد إلى العصور الفرعونية حيث معبد الشمس وعين شمس القديمة. أنشئ القصر ليكون منارة ثقافية لأبناء المنطقة، ومتنفسًا للإبداع الفني والأدبي، حيث احتضن على مدار عقود أنشطة المسرح، والأمسيات الشعرية، والعروض الموسيقية، وورش الأطفال والشباب. غير أن هذه المنارة الثقافية، التي كان يفترض أن تلعب دورًا حيويًا في تشكيل وعي أبناء الحي، تعاني اليوم من الإهمال الإداري والتجهيزي، حتى صار وجودها أقرب إلى رمز غائب منه إلى مؤسسة فاعلة.

في مساءٍ دافئ من أمسيات القاهرة، وجدت نفسي أخيرًا داخل قصر ثقافة المطرية بدعوة كريمة من الشاعرة إلهام عفيفي، رئيس نادي أدب المطرية. كانت دعوة طالما راودني الشوق لتلبيتها، بعد أن سمعت كثيرًا عن حراك هذا النادي وأثره الثقافي في المنطقة. وكعادتي، لم أشأ أن أكتب عن المكان قبل أن أعاينه بعيني وأتنفس روحه.

منذ اللحظة الأولى، اصطدمت بعلامة فارقة: لافتة محاصَرة خلف أسوار حديدية عالية، توحي وكأن الثقافة جريمة يُراد إخفاؤها، أو سلعة محرمة على المارة. بحثت عن أي إشارات أخرى لهذا الصرح فلم أجد سوى هذه اللوحة المسجونة، تحمل رسالة غير معلنة للناس: ابتعدوا، لا شأن لكم بهذا المكان.

قصر ثقافة المطرية

مشهد القاعة… حضور يفوق الإمكانات

دخلت القصر مع حلول الثامنة مساءً، بعد غياب تجاوز خمسة عشر عامًا. أول ما لفت انتباهي هو حال القاعة التي تستضيف فعاليات نادي الأدب: مسرح صغير مغطى بالغبار، أثاث يشي بالتهالك، وإضاءة بالكاد تكشف ملامح المكان. ورغم ذلك، كانت القاعة تضج بالوجوه، شعراء وكتّاب وأدباء جاءوا يحملون الحلم، وكأنهم يواجهون قسوة الظروف بابتسامة أمل.

جلست في آخر الصفوف أرقب المشهد، فإذا بالحرارة الخانقة تحيل القاعة إلى ما يشبه أفران الصيف، والوجوه تتصبب عرقًا، كل منهم يمسك بمنديل يطارد قطرات تتساقط على الجبهة. لحظات قليلة كانت كفيلة أن تجعلني –وإن كنت صعيديًا معتادًا على قيظ الجنوب– أشعر بأعراض إنهاك، وكأن نارًا توقد تحت الأرض.

الدكتور أحمد هنو ، وزير الثقافة

سؤال إلى الوزير: هل تحتمل نصف ساعة؟

أليس من حق أدباء مصر أن يجلسوا في قاعة لائقة تحترم إنسانيتهم؟

سؤالي إلى معالي وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو: هل يمكنكم يا سيدي أن تتحملوا نصف ساعة في هذه القاعة دون أن يداهمكم الاختناق؟ وإن قررتم التجربة، أعدكم أن أبلغ الإسعاف مسبقًا تحسبًا لأي طارئ.

قد يرد بعض المسؤولين بأن القصر “تحت الإحلال والتجديد”. لكن منذ متى؟ وكم من وعود أُطلقت –ومنها وعد الأستاذ محمد عبدالحافظ ناصف بتركيب أجهزة تكييف– ولم تُنفذ؟ والأدهى أن ملف التخصيص نفسه مفقود، فلا دليل رسمي على تبعية القصر لهيئة قصور الثقافة سوى تلك اللافتة المحبوسة خلف الأسوار.

القصر… ذاكرة تنتظر من ينصفها

قصر ثقافة المطرية ليس مجرد مبنى. إنه ذاكرة ثقافية وقطعة من تاريخ حي شعبي عريق، كان يمكن أن يكون واحة للإبداع ومساحة رحبة لاحتضان الطاقات الشابة. تركه في هذا الحال لا يعني فقط إهمال مبنى، بل هو رسالة سلبية عن مكانة الثقافة في نظر بعض من يتولون شؤونها.

إنها صرخة محبّ للثقافة، أضعها أمام معالي الوزير:
هل يُكتب لقصر ثقافة المطرية مصير الغلق كما يُشاع؟
أم أن في نيتكم إنصاف الأدباء وتوفير بيئة تليق بإبداعهم؟

نحن ننتظر الجواب… لا بالكلام، بل بالفعل.

كاتب المقال

الجميلي أحمد

عضو مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر 

عضو اتحاد الناشرين المصريين

رئيس مجلس أمناء مؤسسة برادايس للثقافة والفنون

كاتب وشاعر له العديد من الإصدارات

منها ما نشر في هيئة الكتاب المصرية

ومنها ما نشر في الهيئة العامة لقصور الثقافة

عضو جمعية الأدباء عضو اتليه القاهرة

فاز بعدة جوائز منها المركز الأول علي مستوي الجمهورية بديوانه حواديت مش بريئة