معرض القاهرة الدولي للكتاب ليس مناسبة عابرة في أجندة وزارة الثقافة، ولا هو احتفالية لتبادل الصور وتوزيع المقاعد على الأسماء. المعرض هو الوجه الحضاري لمصر أمام العالم، وهو منصة تُعطي للعالم إشارات عن قوة الفكر المصري وثراء شبابه ومثقفيه.
لكن ما نراه اليوم في تشكيل اللجنة العليا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب يثير علامات استفهام كبرى، ويضع وزير الثقافة ورئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب في حرج بالغ أمام كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه، الذي شدّد مرارًا على أن الشباب هم عصب الجمهورية الجديدة، وأن إشراكهم ليس ترفًا بل واجبًا وضرورة.
درية شرف الدين.. اسم حاضر بلا فعل
الدكتورة درية شرف الدين تجاوزت من العمر ما يجعل حركتها محدودة، ولم تحضر حتى الاجتماع الأول للجنة. فما جدوى أن يكون لها مقعد في أهم لجنة ثقافية في مصر إذا كان الحضور شكليًا بلا أثر؟
منى الشاذلي.. من الاستضافة إلى اللجنة
الإعلامية منى الشاذلي لم تعبر هيئة الكتاب من قبل، ولم نر لها دورًا ثقافيًا في المعرض. وحين سألنا عن سبب اختيارها، قيل لنا إنها استضافت السيد الوزير!
فهل باتت الاستضافة الإعلامية بطاقة دخول للجنة العليا للمعرض؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكم من الإعلاميين استضافوا الوزراء من قبل؟ هل نضعهم جميعًا في اللجنة؟
محمد أحمد مرسي.. الوراثة كمعيار
ثم يأتي اسم محمد أحمد مرسي، الذي لم يُعرف له حضور أو خبرة في الوسط الثقافي، سوى أنه ابن أستاذنا الكبير الدكتور أحمد مرسي. أهذا هو المعيار الجديد؟ أن تتحول اللجنة العليا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب إلى مقاعد وراثية توزع على أبناء الكبار؟

السيد وزير الثقافة، السيد رئيس الهيئة:
ألا تخشون أن يسألكم فخامة الرئيس: أين شباب الكتاب من هذه اللجنة؟ أليست الجمهورية الجديدة التي نادي بها الرئيس قائمة على ضخ دماء جديدة في كل مؤسسات الدولة؟ كيف نجرؤ على تقديم صورة للعالم تقول إن مصر بلا شباب مثقف أو ناشر أو كاتب قادر على المساهمة في صناعة هذا الحدث؟
اللجنة العليا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب ليست ديكورًا، وليست جائزة ترضية. إنها قلب المعرض، إن صلحت صلح، وإن فسدت فسد. وما حدث في تشكيلها هو رسالة بالغة السوء: أن مصر تتجاهل شبابها وتُسلم رايتها إلى الغياب والمجاملة والوراثة.
لكننا نعلم أن مصر ليست كذلك. مصر مليئة بالشباب المبدع، بالناشرين الذين يسهرون من أجل قوتها الناعمة من أجل الكتاب، وبالكتّاب الذين يحملون همّ الوطن. والعار ليس عليهم، بل على من تجاهلهم.
وفي المقال القادم، سنضع الحصر الكامل بالأسماء التي تجاوزت السبعين عامًا في اللجنة، ليعلم الجميع أن ما يحدث ليس سوى إقصاء متعمد للشباب الذين دعاهم الرئيس، ولم يجدوا لهم مكانًا في لجنتكم .



