مع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي يُعد أضخم صرح ثقافي وحضاري في العالم، تزداد الأنظار الموجهة إلى هذا المشروع المصري العملاق الذي انتظره العالم لسنوات. وفي هذا السياق، أعدت الدكتورة شادية محمد سالم محمود، المدير العام بوزارة السياحة والآثار، دراسة علمية جديدة بعنوان: “المتحف المصري الكبير وإحياء متحف الإسكندرية: دراسة في الاستمرارية الثقافية والنهضة الفكرية”.
خبرة علمية ومهنية رفيعة
تستند الدراسة إلى خبرة علمية ومهنية واسعة للدكتورة شادية محمد سالم، التي شغلت لسنوات منصب مدير عام إدارة المنظمات الدولية للتراث الثقافي بالوزارة، وعملت مشرفًا على اللجنة الفنية في المجلس التنفيذي للصندوق الإفريقي للتراث العالمي بجوهانسبرغ لأكثر من أربع سنوات. كما تواصل نشاطها كخبيرة دولية عبر مشاركاتها في المؤتمرات العالمية.
تحمل الباحثة درجتي الماجستير والدكتوراه في علم المتاحف من الولايات المتحدة الأمريكية، كما حصلت على الأستاذية في إدارة التراث الثقافي من جامعة ميتشيغان، ما يمنح دراستها بعدًا علميًا رصينًا.

المتحف المصري الكبير.. أرقام ومكانة عالمية
يقع المتحف المصري الكبير على مساحة حوالي 490 ألف متر مربع عند هضبة الأهرامات بمحافظة الجيزة، ليكون أيقونة ثقافية جديدة على مرمى حجر من إحدى عجائب الدنيا السبع.
يضم المتحف ما يزيد عن 100 ألف قطعة أثرية تغطي مختلف مراحل الحضارة المصرية القديمة، من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر اليوناني الروماني، بينها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون التي تُعرض لأول مرة في مكان واحد.
تكلف مشروع إنشاء المتحف أكثر من مليار دولار بتمويل مصري ودولي، ومن المقرر أن يتم افتتاحه خلال عام 2025 في احتفالية كبرى ستجعل منه حدثًا عالميًا يترقبه المجتمع الدولي.
إحياء لمتحف الإسكندرية القديم
تؤكد الدراسة أن المتحف المصري الكبير يمثل امتدادًا لمتحف الإسكندرية القديم، الذي كان مركزًا للمعرفة وملتقى للفلاسفة والعلماء منذ القرن الثالث قبل الميلاد. وترى أن المتحف الجديد لا يقتصر على دوره كأكبر متحف أثري في العالم، بل يفتح الباب أمام استعادة مصر لدورها الريادي الثقافي والفكري عالميًا.
رسالة معاصرة ودور مجتمعي
تسلط الدراسة الضوء على رسالة المتحف المصري الكبير، باعتباره أكثر من مجرد قاعات عرض، فهو مؤسسة فكرية وثقافية متعددة التخصصات، تستهدف تعزيز الحوار الثقافي العالمي، وتقديم نموذج أصيل للممارسات المتحفية الحديثة التي تعود جذورها إلى مصر القديمة.
كما تدعو الدراسة إلى ضرورة إعادة صياغة السياسة الثقافية المصرية بما يتواكب مع هذه الرؤية، عبر استراتيجيات للتفاعل المجتمعي والتطوير الأكاديمي، ووضع المتحف في قلب التبادل الثقافي الدولي.
نحو متاحف المستقبل
ترى الدكتورة شادية أن مستقبل المتاحف يتجاوز العرض التقليدي للآثار إلى لعب أدوار أعمق في إحياء الروايات الثقافية الأصيلة، وإعادة صياغة الذاكرة الإنسانية في سياق معاصر، لتصبح المتاحف مؤسسات للبحث والتعلم والتفاعل الثقافي.
ومن هذا المنطلق، يمثل المتحف المصري الكبير نقلة نوعية في الفكر المتحفي، وشاهدًا على استمرارية الدور الحضاري لمصر كمنارة للمعرفة والنهضة الإنسانية.



