أكد الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن التعاون العربي المشترك في مجال الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفًا، بل ضرورة حتمية، مشيرًا إلى أهمية تعظيم مستوى التعاون العربي المشترك في هذا المجال من خلال إطار مؤسسي، مضيفًا تقدم مصر باقتراح لإنشاء مجلس الوزراء العرب للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات البازغة تحت مظلة جامعة الدول العربية، ليكون منصة رفيعة لتوحيد الجهود وتنسيق السياسات وتعزيز الحضور العربي على خريطة الذكاء الاصطناعي الدولية.
جاء ذلك في كلمة الدكتور عمرو طلعت التي ألقاها خلال فعاليات المنتدى العربي الأول للذكاء الاصطناعي، الذي تنظمه الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، على مدار يومين في مدينة العلمين الجديدة، برعاية وحضور السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، وذلك بهدف تعزيز التعاون العربي في مجال الذكاء الاصطناعي، وتبادل الخبرات والرؤى حول أحدث التطورات والتحديات المرتبطة بهذا المجال الحيوي.
وحضر فعاليات الافتتاح السيد محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم، والمستشار أحمد سعيد خليل، رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والدكتور إسماعيل عبد الغفار، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري.
وفي كلمته، أكد الدكتور عمرو طلعت أن المنتدى العربي الأول للذكاء الاصطناعي يمثل محفلًا عربيًا جامعًا يسهم في إثراء المداولات حول مستجدات الذكاء الاصطناعي، مستندًا إلى العلم ومرتكزًا على الأولويات المشتركة للدول العربية، مضيفًا أنه بصفة جمهورية مصر العربية رئيسًا للدورة 28 لمجلس وزراء الاتصالات والمعلومات العرب، ورئيس المكتب التنفيذي، فإنه يتقدم بالتهنئة للأمين العام على “المبادرة العربية للذكاء الاصطناعي: نحو ريادة تكنولوجية وتنمية مستدامة” التي تم إطلاقها بعد قمة العراق في مايو الماضي، مؤكدًا أن هذه المبادرة تمثل بوصلة للعمل العربي المشترك ومرتكزًا استراتيجيًا يرسخ التكامل الرقمي العربي، موضحًا أن تبنّي الأمانة العامة لهذا الملف على أعلى مستوى يعكس وعيًا عميقًا بأن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي باتت ركيزة أساسية للاقتصاد الرقمي العربي، وقاطرة لتطوير مختلف قطاعات المنطقة، وجسرًا نحو اقتصاد معرفي أكثر تنافسية ومجتمع أكثر شمولًا وعدالة.
وأشار الدكتور عمرو طلعت إلى أن مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات أصدر في مطلع العام الجاري الاستراتيجية العربية الموحدة للذكاء الاصطناعي، إلى جانب اعتماد وثيقة أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، بما يضمن اقتران تطوير هذه التكنولوجيا في المنطقة العربية بقيم سامية، وكذلك الابتكار بالمسؤولية والحوكمة، للمضي قدما نحو تطوير وتبنّي الذكاء الاصطناعي على نحو يعزز جهود التنمية الشاملة، ويطوع هذه التقنيات لخدمة الإنسان وتعزيز رفاهيته دون إقصاء لأي فئة من فئات المجتمع.
وأوضح الدكتور عمرو طلعت أن الذكاء الاصطناعي أصبح ساحة سباق عالمي بين القوى العظمى والشركات التكنولوجية العالمية المطورة لنماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي والذكاء الاصطناعي التوكيلي، ورقائق ومعالجات الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أهمية تعظيم الاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي مع الانتباه للأخطار الناجمة عنه والتحوط من آثارها والاستعداد لها، مشددًا على ضرورة أن تتعامل الحكومات والمجتمعات مع التأثيرات السريعة للتطور المطرد لهذه التكنولوجيا على أسواق العمل من خلال سياسات استباقية تؤهل المتخصصين في مختلف القطاعات وتمكنهم من مواكبة التغيير، مشددًا على أن هذه التطورات المتسارعة لا تترك أمام المنطقة العربية خيارًا سوى التحرك بوعي جماعي ورؤية متكاملة وصوت واحد.
وذكر الدكتور عمرو طلعت أن مصر تواصل العمل من خلال المرحلة الثانية من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي بهدف تحويل القدرات التكنولوجية إلى أثر تطبيقي تنموي في القطاعات الحيوية، مضيفًا أنه خلال الشهر الماضي تم إطلاق منظومتين للذكاء الاصطناعي: الأولى في قطاع القضاء من خلال منظومة التقاضي عن بُعد بالمحاكم الجنائية المدعومة بمنظومة تحويل الصوت المنطوق إلى نص مكتوب لإنتاج المحاضر آليًا باستخدام الذكاء الاصطناعي، بدقة بلغت أعلى المستويات عالميًا في معالجة اللغة العربية المنطوقة باللهجة المصرية. وقام بتطوير هذه المنظومة مهندسون مصريون بمركز الابتكار التطبيقي التابع لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وأضاف الدكتور عمرو طلعت أن المنظومة الثانية في قطاع الرعاية الصحية، ذلك عبر إطلاق أول منظومة مصرية بالكامل للكشف المبكر عن أورام السيدات باستخدام الذكاء الاصطناعي، وهي الأولى من نوعها في المنطقة، وتم تطويرها بدقة تصل إلى 90%، وهي الأعلى عالميًا في هذا المجال، ومطورة بالكامل بعقول مصرية، مضيفًا أن المشروع استهدف بناء منظومة محلية بدقة عالية تحاكي الخصائص الجينية المصرية، مؤكدًا استعداد مصر للتعاون مع كافة الدول العربية الشقيقة لتوسيع نطاق الاستفادة من هاتين المنظومتين ليشمل مختلف الدول العربية.
وأوضح الدكتور عمرو طلعت أن مصر تعمل كذلك على إنتاج منظومات في قطاعات التعليم والزراعة والري لتعزيز القدرات على إدارة العملية التعليمية، وإدارة الموارد المائية بأنظمة ذكية، وتعزيز تخطيط الإنتاج الزراعي، مشيرًا إلى أنه تم اختيار مصر لاستضافة النسخة الأولى من قمة AI Everything الشرق الأوسط وأفريقيا في فبراير المقبل، مما يعكس ريادة مصر المؤثرة في بناء تطبيقات الذكاء الاصطناعي لخدمة مختلف القطاعات، وتحقيق أثر تنموي ملموس في الحياة اليومية للمواطن، داعيًا للمشاركة الفعالة في القمة، وفتح أفاق للتعاون بين قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر والأشقاء في الدول العربية.
واختتم الدكتور عمرو طلعت كلمته بالتأكيد على أن تكامل الجهود العربية هو الطريق الأمثل لصون المصالح العربية المشتركة، وتعزيز الحضور التفاوضي في المحافل الدولية. كما توجه بخالص التقدير إلى جميع من أسهموا في تنظيم المنتدى، معربًا عن ثقته في أن التعاون العربي سيظل وضاءًا ليعزز قدرة الدول العربية على تحقيق ريادة رقمية عربية تليق بشعوبها في عصر الذكاء الاصطناعي.



