آثار ومصرياتأخبار

تحالف بين «المحروسة نيوز» و«الدفاع عن الحضارة المصرية» لإحياء مفهوم الملكية الفكرية فى التراث المصرى القديم

في يوم 19 أغسطس، 2025 | بتوقيت 7:13 مساءً

فى سابقة مهمة تعكس رغبة حقيقية فى دعم كل التحركات الجادة المعنية بحماية التراث المصرى والدفاع عن حضارته، أعلنت «بوابة المحروسة نيوز» عن تحالفها مع «حملة الدفاع عن الحضارة المصرية» برئاسة الدكتور عبد الرحيم ريحان، لإطلاق سلسلة تحقيقات توعوية تهدف إلى نشر ثقافة الملكية الفكرية باعتبارها أحد أهم حقوق الشعوب فى الحفاظ على تراثها المادى واللامادى، وإثبات أسبقية المصريين فى تسجيل المعارف وتوثيقها منذ فجر التاريخ.

وتأتى هذه الخطوة فى توقيت بالغ الأهمية، خاصة بعد الجدل الذى أثارته واقعة تحويل أحد الشباب المبدعين إلى النيابة على خلفية قضية تتعلق بالملكية الفكرية، وهو ما دفع شريحة واسعة من الشباب إلى التساؤل عن ماهية هذا المفهوم وأصوله التاريخية، وهو ما تعمل الحملة على تبسيطه وتقديمه للرأى العام من خلال هذه السلسلة.

🔹 حين كانت المعرفة سرّ الخلود

تركت الحضارة المصرية القديمة إرثاً عظيماً من المعارف والابتكارات تجاوز حدود الزمان والمكان، وتنبع قيمة هذا التراث من أن المصريين القدماء لم يعتبروا المعرفة “ترفًا”، وإنما قيمة أخلاقية وضرورة حياتية، تُمارس فى تفاصيل الحياة اليومية، بدءًا من بناء المنازل والزراعة، إلى تشييد المعابد وإقامة الطقوس.

لقد أدرك القدماء أن العقل هو أداة الخلود، وأن تسجيل الأفكار وتناقلها بين الأجيال هو الطريق الوحيد لحفظ الحقوق وترسيخ السيادة على الطبيعة، وهو ما جعـل الكتابة والتدوين أساسًا فى بناء الحضارة المصرية.

🔹 كيف حمى المصريون أفكارهم من الضياع؟

لم تُبنَ المعارف المصرية على المصادفة، بل على منهجية دقيقة قوامها التأمل والتجريب والتدوين.

وشهدت المعابد الكبرى إنشاء مؤسسات تعليمية متخصصة عُرفت باسم بيت الحياة (بر عنخ) لتدريس فنون الكتابة والحساب ومهارات نسخ الوثائق، حتى أصبحت مراكز لتكوين أجيال متتابعة من “الكتبة” الذين حفظوا لنا تراث الحضارة بمنهج واضح يشبه ما نطلق عليه اليوم «حقوق الملكية الفكرية».

الدكتور قاسم زكى، أستاذ الوراثة المتفرغ بكلية الزراعة بجامعة المنيا وعضو اتحاد كتاب مصر،

🔹 من براءات الاختراع إلى تقويم الزمن

وفى هذا السياق يؤكد الدكتور قاسم زكى، أستاذ الوراثة المتفرغ بكلية الزراعة بجامعة المنيا وعضو اتحاد كتاب مصر، أن المصريين القدماء لم يكتفوا بابتكار المعارف، بل وثّقوها فى شكل ما يشبه “براءات اختراع” تُسجَّل وتُنتَقَل من جيل إلى آخر، فأدركوا علاقة الشمس بالقمر ودورة النجوم وحركة الكواكب، ووضعوا تقويمًا شمسيًا دقيقًا من 365 يومًا و12 شهرًا، واعتمدوا على نجم الشعري اليمانية (سيريوس) لتحديد بدء فيضان النيل وربط الزمن بالدين والزراعة.

كما تظهر تلك “البراءات” فى البرديات الطبية مثل إيبرس وإدوين التى سجّلت مئات الوصفات لعلاج أمراض القلب والعين والأسنان، وميّز المصريون فيها بين الجراحة والأعشاب والطقوس، بل ظهرت لديهم تخصصات دقيقة مثل “طبيب العيون” و“طبيب البطن” و“طبيب الأسنان”.

وامتدت هذه المعارف إلى الحساب والمساحة والهندسة، فاخترعوا نظامًا عشريًا قائمًا على الرقم “10”، ووضعوا وحدات للوزن والحجم والمسافة، واستطاعوا تصميم أبنية عملاقة بحسابات هندسية مازالت تثير الإعجاب حتى اليوم، وهو ما دفع الإغريق والرومان لاحقًا إلى الاعتراف بتفوّق المصريين علميًا ومعرفيًا.

الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية للآثار المصرية

🔹 الكلمة… أقدم وثيقة حق ملكية فكرية

لم يكن التدوين عند المصريين مجرد تسجيل للأحداث، بل كان وسيلة لتكريس القيم والأخلاق والعدالة.
فقد لعبت الكتابة دورًا محوريًا فى تثبيت الحكمة ونشر التربية، كما يظهر فى وصايا الحكماء مثل “بتاح حتب” و“آنى” و“أمنموب”، وهو ما يثبت أن الحضارة المصرية لم تفصل أبدًا بين المعرفة والضمير الإنسانى.

🔸 توثيق المعرفة

وإذ تقدّم «بوابة المحروسة نيوز» هذه السلسلة بالتعاون مع «حملة الدفاع عن الحضارة المصرية»، فإنها تدعو الشباب إلى إعادة اكتشاف جذور الملكية الفكرية فى حضارتهم، بوصفها حقًا أصيلاً للأمة المصرية ورافدًا من روافد قوتها الناعمة.

إن تسجيل المعرفة وتوثيقها لم يكن يومًا عملاً ترفيهيًا، بل مشروعًا وطنيًا لبناء الإنسان… وما أشد حاجتنا اليوم إلى استلهام هذه الروح.

الدكتور عبد الرحيم ريحان