في لحظة تاريخية فارقة، تتعرض فيها مصر لهجوم ضارٍ، تتشابك فيه المؤامرات مع الأكاذيب، وتختلط فيه حملات التشويه بالشائعات المسمومة، نجد مجلس نقابة الصحفيين — بكل أسف — غائبًا عن ساحة الدفاع عن الوطن، مكتفيًا بالصمت أو ببيانات باهتة تصدر على استحياء، بينما خصوم البلاد يتقدمون الصفوف.
حركة حماس، التي لا يخفى على أحد أنها تلطخت بدماء المصريين في عمليات إرهابية داخل حدودنا، والتي مدت يدها لجماعة الإخوان خلال حكمهم الأسود، تقود اليوم موجة جديدة من التحريض والتضليل ضد مصر، محاولة ضرب جبهتها الداخلية وزرع الفتن بين أبنائها. ومع ذلك، لم نرَ من مجلس النقابة إلا موقف المتفرج، وكأن ما يجري لا يعنيه!
هذا هو المجلس ذاته الذي انتفض من قبل دفاعًا عن رسام كاريكاتير غير نقابي، محبوس على ذمة قضية جنائية، وسارع إلى تنظيم وقفة احتجاجية من أجل علاء عبد الفتاح، المحبوس في قضية أخرى. لكن عندما تعرّضت الدولة المصرية لهجوم مباشر يهدد أمنها القومي وسمعتها، اكتفى المجلس ببيان باهت، دون أن يجرؤ على دعوة أعضائه لوقفة وطنية حقيقية تساند القيادة السياسية وتؤكد وحدة الصف المصري.
ألم يكن من الواجب أن يكرر المجلس ما فعله قبل شهور، حين دعا لاجتماع مع النقابات المهنية للتنديد بممارسات الاحتلال الصهيوني؟
ألم يكن من الأولى أن يبادر النقيب بعقد جلسة عاجلة، يحضرها ممثلو النقابات، ويخرج منها موقف وطني صارخ يعلن أمام العالم رفض المخطط الإمبريالي-الأمريكي-الإسرائيلي الهادف لتهجير أهالي غزة إلى سيناء، وإصرار مصر على حماية أرضها وسيادتها؟
كنا ننتظر من النقابة أن تدعو وسائل الإعلام العالمية، وأن تجعل من مقرها منبرًا لإعلان دعم مصر في معركتها السياسية والاقتصادية ضد كل أشكال الابتزاز والحصار المقنّع. لكن الواقع المؤسف أن الكلمة التي كان يجب أن تكون جبهة دفاع عن الوطن، آثرت الصمت، بينما سلاح الشائعات يضرب في عمق المجتمع.
إن نقابة الصحفيين ليست مجرد مبنى أو لائحة أو انتخابات، بل هي بيت الكلمة الحرة، ومنبر الحقيقة، وحصن الدفاع عن مصر أمام حملات التشويه. واليوم، الوطن ينادي، فإما أن تكون النقابة في الصف، أو أن تخسر شرف تمثيل القلم المصري في لحظة تحدد مصير الأمة.
ومن هنا، فإنني أدعو كل أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، الشرفاء الغيورين على وطنهم، إلى التحرك الفوري والضغط على مجلس النقابة لعقد اجتماع طارئ مع النقابات المهنية كافة. اجتماع يخرج من قلب القاهرة برسالة قوية إلى الداخل والخارج: أن الصحفيين المصريين يقفون صفًا واحدًا خلف دولتهم وقيادتهم، وأن أي محاولة للنيل من مصر ستتحطم أمام وحدة شعبها وصلابة إرادتها.



