في الذكرى الثمانين لقصف مدينة هيروشيما بالقنبلة الذرية، والعالم اليوم تحكمه صراعات سياسية وعسكرية متعددة، تتجدد التحذيرات من مخاطر استخدام الأسلحة النووية وتداعياتها الكارثية على الإنسان والبيئة.
وقد قامت اليابان صباح يوم 6 أغسطس، وفي تمام الساعة 8:15 بتوقيت طوكيو – وهو توقيت إسقاط القنبلة – بقرع “جرس السلام” في مراسم سنوية رمزية، تستحضر أول هجوم نووي في التاريخ، عندما ألقت الولايات المتحدة الأمريكية قنبلة يورانيوم على هيروشيما، عُرفت بالاسم الكودي “ليتل بوي” (الولد الصغير).


هذه القنبلة، وبقوة تفجيرية تعادل 15 ألف طن من مادة TNT، أسفرت عن مقتل أكثر من 140 ألف شخص بنهاية عام 1945، ودمرت نحو 70% من مباني المدينة. وبعد ثلاثة أيام، أسقطت الولايات المتحدة قنبلة أخرى، من البلوتونيوم، على مدينة ناجازاكي، فدمرت مساحة تقدر بـ 6.7 كيلومتر مربع، وأودت بحياة أكثر من 74 ألف شخص.
وفي 15 أغسطس 1945، وبعد ستة أيام من مأساة نجازاكي، أعلنت اليابان استسلامها لقوات الحلفاء، منهية بذلك الحرب العالمية الثانية.
ووفقًا لبيانات الحكومة اليابانية حتى مارس 2023، لا يزال 113,649 ناجيًا على قيد الحياة، بانخفاض قدره 5,346 عن العام السابق، وتجاوز معظمهم عمر الـ85 عامًا.
الأضرار الصحية والبيئية للقنبلتين النوويتين
في حديث للسفير الياباني لدى كينيا، أشار إلى بعض الأضرار الصحية والبيئية الكارثية التي نجمت عن تفجيري هيروشيما وناجازاكي، موضحًا الآتي:
مقتل أكثر من 140 ألف شخص في هيروشيما، و74 ألفًا في نجازاكي نتيجة التأثير المباشر للقصف النووي.
ظهور حالات كثيرة من السرطان نتيجة التعرض للإشعاعات الذرية.
تغيرات جينية في الحمض النووي للنباتات والحيوانات، أثّرت على بنية الحياة الطبيعية.
استنزاف طبقة الأوزون وارتفاع ملحوظ في درجات حرارة الأرض، ما ساهم في تسريع الاحتباس الحراري.
وقد جاء في تقرير للأمم المتحدة أن استخدام أقل من 10% من الترسانات النووية العالمية المتوفرة حاليًا قد يؤدي إلى توقف شبه كامل للأمطار في مناطق مثل الهند ووسط الصين، كما يمكن أن يؤدي إلى انخفاض هطول الأمطار عالميًا بنسبة تتراوح بين 15% إلى 30%.
الآثار الصحية طويلة الأمد – بحسب مشروع K1 Project
أشار موقع K1 Project إلى عدد من الآثار الصحية طويلة المدى التي لحقت بالناجين من التفجيرات النووية، من أبرزها:
خلال الأشهر الأولى بعد القصف، قُدِّر عدد الوفيات الناتجة عن الإشعاع النووي في هيروشيما بين 90,000 و166,000 شخص، وفي نجازاكي بين 60,000 و80,000 شخص، شملت ضحايا الانفجار الحراري والتعرض الإشعاعي المباشر.
طفرات جينية في الحمض النووي للخلايا، ما نتج عنه أمراض مزمنة كالسرطان، وإمكانية توريث هذه التغيرات للأجيال القادمة.
اللوكيميا (سرطان الدم) كانت أكثر أنواع السرطان فتكًا بالناجين، وبدأت في الظهور بعد عامين من القصف، وبلغت ذروتها بين 4 إلى 6 سنوات بعد الحدث.
الأطفال كانوا الأكثر تأثرًا، حيث شكّلت حالات اللوكيميا نحو 46% من الإصابات السرطانية. أما الأنواع الأخرى من السرطان فلم تظهر إلا بعد 10 سنوات من القصف.
إعاقات عقلية وجسدية بين الأطفال الذين تعرضت أمهاتهم للإشعاع أثناء الحمل، حيث أظهرت الدراسات زيادة في حجم الرأس وضعف النمو البدني والعقلي لهؤلاء الأطفال.
شعب لا يموت
رغم الدمار الشامل الذي تعرضت له، لم تسمح هيروشيما – مدينة الحضارة والتاريخ – أن تُمحى من الوجود، أو أن تتحول إلى أرض قاحلة. بل نهض الإنسان الياباني من بين الركام، مدفوعًا بإصراره على الصمود وروح الحضارة التي يحملها، ليعيد الحياة إلى مدينته، وليُذكّر العالم بقدرة الإنسان على التجدد والانتصار على الكوارث.



