
في ظل التحولات المناخية المتسارعة والضغوط العالمية المتزايدة على الاقتصاديات النامية للتوافق مع المعايير البيئية الدولية، شدد المهندس أحمد كمال عبد المنعم، المدير التنفيذي لمكتب الالتزام البيئي والتنمية المستدامة، ومستشار اتحاد الصناعات المصرية للشؤون الفنية والتغيرات المناخية، على أن التكامل بين القطاع الخاص المصري والمؤسسات المالية والتنموية الدولية لم يعد خيارًا، بل ضرورة حتمية لضمان استدامة الاقتصاد المصري وتعزيز قدراته التصديرية.
جاء ذلك خلال مشاركته في الجلسة الثانية من فعاليات الملتقى السابع لاستراتيجيات التحول نحو الاقتصاد الأخضر، والتي عقدت تحت عنوان: “التكامل بين القطاع الخاص والمؤسسات التنموية في دعم التحول الأخضر.. التحديات والفرص”، حيث تناولت الجلسة تأثير السياسات المناخية العالمية، وعلى رأسها آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية (CBAM)، على الأسواق التصديرية المصرية.
أرقام تكشف حجم التحدي والفرصة
وفي كلمته، كشف كمال عن عدد من المؤشرات المهمة حول وضع الاقتصاد الأخضر في مصر، مشيرًا إلى أن نسبة الاستثمارات العامة الخضراء بلغت 30% من إجمالي الاستثمارات في العام المالي 2023/2024، مع استهداف رفعها إلى 50% بحلول عام 2025، بحسب بيانات وزارة التخطيط.
لكن في المقابل، أظهرت تحليلات اتحاد الصناعات المصرية بالتعاون مع شركائه الدوليين أن 65% من المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة تفتقر إلى التمويل اللازم للتحول البيئي، في حين أن 72% منها لا تمتلك الكوادر الفنية المؤهلة للامتثال للمعايير البيئية الدولية، ما يعكس فجوة كبيرة بين الطموح والإمكانات.
وأضاف كمال أن هذه التحديات تتطلب تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص، وتفعيل أدوات التمويل الأخضر والمبادرات منخفضة الكربون لدعم المنشآت الصناعية، وخاصة الصغيرة والمتوسطة، في رحلتها نحو الإنتاج المستدام.

أربعة محاور حيوية للنقاش
الجلسة ناقشت أربعة محاور رئيسية هي:
- آليات التحول الأخضر داخل المؤسسات الصناعية
- دور الشراكات التنموية الدولية في دعم الاستدامة
- التحديات والفرص أمام القطاع الخاص للتكيف مع آلية CBAM الأوروبية
- أدوات التمويل الأخضر والمبادرات منخفضة الكربون في مصر
وقد شهدت الجلسة تفاعلًا ثريًا بين نخبة من صناع القرار والخبراء في مجالات الصناعة والتنمية المستدامة، من أبرزهم:
- المهندس خالد أبو المكارم – رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة
- المهندس شريف الصياد – رئيس شركة تريدكو للصناعات الهندسية ورئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية
- المهندس عصام النجار – رئيس الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات
- المهندس نديم إلياس – رئيس المجلس التصديري للطباعة والتغليف

رأي المحروسة نيوز: التحول الأخضر لم يعد ترفًا.. بل هو مفتاح البقاء والتقدم
ترى بوابة المحروسة نيوز أن ما تضمنته جلسات الملتقى السابع للاقتصاد الأخضر من أرقام ونقاشات، يجب أن يُترجم إلى خارطة طريق واقعية وشاملة تدعم المنشآت المصرية في سعيها للتحول البيئي، خاصة في ظل تطورات الأسواق الأوروبية وتشديد معايير النفاذ إليها.
ونؤكد أن مصر تمتلك المقومات البشرية والفنية التي تؤهلها للعب دور ريادي في الاقتصاد الأخضر بالمنطقة، لكنها بحاجة إلى تمويل ذكي، وشراكات فاعلة، وبيئة تشريعية مرنة. ويظل دعم المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة هو العامل الأهم، إذ تمثل العمود الفقري للاقتصاد الوطني، ومن دون إدماجها في منظومة التحول الأخضر، لن يتحقق التوازن البيئي المطلوب ولا العدالة الاقتصادية.
إن التحول الأخضر ليس فقط استجابة لمتطلبات الخارج، بل هو استثمار في الداخل، في بيئة أكثر صحة، وطاقة أكثر كفاءة، وفرص عمل أكثر استدامة.
ولذلك، تدعو المحروسة نيوز إلى:
- تعزيز الحوافز الحكومية للمنشآت الخضراء
- تسريع وتيرة نشر التمويل الميسر للمشروعات المستدامة
- إعداد كوادر فنية محلية تتفهم وتطبق معايير البيئة الدولية
- وإشراك المجتمع الصناعي في صياغة السياسات البيئية لضمان ملاءمتها للواقع المصري
فالاقتصاد الأخضر هو اقتصاد المستقبل، ومَن لا يبدأ من الآن، سيتأخر كثيرًا عن قطار التنمية.



