أخباربأقلامهم

” الدكتور محمد عبد المنعم صالح ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز” : الطاقة النووية.. إستخدامات سلمية وآفاق عالمية

في يوم 17 يوليو، 2025 | بتوقيت 12:10 صباحًا

يفزع العالم حين تتردد تحذيرات القوى العظمى بشأن احتمالات استخدام الأسلحة النووية كوسيلة للردع أو التهديد، غير أن الحقيقة العلمية تؤكد أن الطاقة النووية لا تقتصر على هذا الاستخدام التدميري، بل تتعداه إلى مجالات سلمية متعددة، باتت تمثل إحدى ركائز التنمية في العديد من الدول.

لقد شكّل اكتشاف النواة الذرية عام 1911 على يد العالم البريطاني إرنست رذرفورد، نقلة نوعية في مسار العلم، وأدى إلى انطلاق أبحاث مكثفة في مجال الفيزياء النووية، ازدادت وتيرتها مع اقتراب الحرب العالمية الثانية، واشتداد التنافس بين ألمانيا النازية والولايات المتحدة.

وقد ساهم فرار العالم الإيطالي إنريكو فيرمي من الفاشية إلى أمريكا، ولقاؤه بالفيزيائي الشهير ألبرت أينشتاين، في إقناع الإدارة الأمريكية بخطورة ما تمتلكه الذرة من قوة تدميرية، ما مهّد لتطوير أول قنبلة نووية. إلا أن مشاهد الدمار الفادح في هيروشيما وناجازاكي دفعت العلماء في الخمسينيات إلى تحويل الاهتمام من الاستخدام العسكري إلى الاستخدام السلمي للطاقة النووية.

وبدأت أولى المحطات التجارية للطاقة النووية في العمل خلال تلك الفترة؛ ففي عام 1951 نجح أول مفاعل تجريبي بالولايات المتحدة في توليد الكهرباء بولاية أيداهو، وفي عام 1954 دشنت روسيا أول مفاعل نووي مدني بمدينة أوبنينسك بقدرة 5 ميجاوات.

وتُعد الطاقة النووية اليوم ثاني أكبر مصدر للطاقة منخفضة الكربون عالميًا، وتوفر حوالي 10% من احتياجات الكهرباء في العالم من خلال نحو 440 مفاعلًا نوويًا، بحسب الرابطة العالمية للطاقة النووية.

الدول الرائدة في إنتاج الطاقة النووية

تصدّرت الولايات المتحدة الأمريكية دول العالم في إنتاج الطاقة النووية عام 2020، بنسبة بلغت 30.9% من إجمالي الإنتاج العالمي. تلتها الصين بحصة 13.5%، وتخطط الأخيرة لبناء 150 مفاعلًا نوويًا جديدًا بحلول عام 2035، في استثمار قد يتجاوز 440 مليار دولار، دعمًا لخطتها المناخية.

أما فرنسا فبلغت حصتها من الإنتاج النووي العالمي حوالي 13%، تليها روسيا بـ 7.9%، ثم كوريا الجنوبية بـ 6%، وكندا بـ 3.6%، ثم أوكرانيا، ألمانيا، إسبانيا والسويد.

ورغم تصدّر أمريكا إنتاج الطاقة النووية كمًّا، فإنها لا تعتمد عليها بنفس النسبة كما تفعل بعض الدول الأوروبية الأصغر، إذ تمثل الطاقة النووية نحو 19.6% فقط من الكهرباء المنتجة في أمريكا، في حين تعتمد فرنسا عليها بنسبة 70.6%، وسلوفاكيا بـ 53.1%، وأوكرانيا بـ 51.2%، والمجر بـ 48%، وبلغاريا بـ 40.8%.

أكبر الدول امتلاكًا للمفاعلات النووية

تتصدر الولايات المتحدة أيضًا قائمة الدول الأكثر امتلاكًا للمفاعلات النووية، إذ تمتلك 92 مفاعلًا. بينما تمتلك فرنسا 56 مفاعلًا، والصين 55 مفاعلًا، وروسيا 37 مفاعلًا، واليابان 33 مفاعلًا قابلة للتشغيل.

وتضم كوريا الجنوبية 25 مفاعلًا، تساهم في إنتاج نحو 28% من الكهرباء، بينما تملك الهند 22 مفاعلًا، وكندا 19 مفاعلًا، وأوكرانيا 15 مفاعلًا تغطي نحو 50% من احتياجاتها الكهربائية. أما بريطانيا فتمتلك 11 مفاعلًا تنتج نحو 15% من كهربائها، وقد أعلنت في أبريل 2022 خطة لبناء 8 مفاعلات جديدة.

أما باكستان فتمتلك 6 مفاعلات، تساهم في توليد نحو 10% من الكهرباء، وتملك إيران مفاعلًا واحدًا مخصصًا للأبحاث. وفي تركيا، بدأ بناء أول محطة نووية في أبريل 2018، ويُخطط لتشغيلها بدءًا من 2023.

الطاقة النووية في العالم العربي

كان لدولة الإمارات العربية المتحدة السبق في العالم العربي بإطلاق برنامج نووي سلمي؛ حيث أعلنت في أغسطس 2020 عن بدء تشغيل الوحدة الأولى من محطة براكة النووية، التي يُتوقع أن توفر 25% من احتياجات الدولة من الكهرباء عند اكتمال تشغيل وحداتها الأربع.

أما مصر، فتشهد مدينة الضبعة تنفيذ مشروع محطة نووية بالشراكة مع روسيا، تشمل 4 مفاعلات، من المتوقع تشغيلها بالكامل بحلول عام 2030.

وتسعى السعودية لبناء مفاعلين نوويين، وفقًا لتصريحات وزير الطاقة السعودي، ضمن خطة لاكتساب التكنولوجيا النووية تدريجيًا. كما يدرس الأردن إمكانية بناء مفاعلات نووية صغيرة لدعم إنتاج الكهرباء.

وفي المغرب، وعلى الرغم من عدم الإعلان الرسمي عن بدء تنفيذ مشروع نووي، فقد صرحت وزيرة الطاقة المغربية في سبتمبر 2022 أن المملكة تعكف على تحديث استراتيجيتها لدمج الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء، بينما كشف مجلس الوزراء الروسي عن نية توقيع اتفاقية لبناء أول محطة نووية بالمغرب.

الطاقة النووية والمناخ

تسهم الطاقة النووية بشكل فعّال في خفض الانبعاثات الكربونية، إذ شكّلت نحو 28% من إجمالي الكهرباء الخالية من الكربون عالميًا عام 2019. وعمومًا، يتم توليد الكهرباء عالميًا بنسبة 35.2% من الفحم، و23.6% من الغاز، و16.6% من الطاقة المائية، و10% من الطاقة النووية، و9.4% من مصادر متجددة كالرياح والشمس والمد والجزر، فيما تمثل النفط والمصادر الأخرى 5% تقريبًا.

استخدامات سلمية للطاقة النووية

لا يقتصر الاستخدام السلمي للطاقة النووية على توليد الكهرباء فحسب، بل يمتد ليشمل مجالات عدة منها:

الطب: تُستخدم النظائر المشعة وتقنيات التصوير النووي لتشخيص وعلاج بعض الأمراض، خصوصًا السرطان، عبر تحديد جرعات دقيقة من الإشعاع تستهدف الخلايا السرطانية دون الإضرار بالخلايا السليمة.

الزراعة: تستخدم التقنيات النووية في مقاومة الحشرات، وتحسين إنتاجية المحاصيل، وتحقيق الأمن الغذائى.

تحلية المياه: تتيح المفاعلات النووية تحلية مياه البحر بكفاءة عالية.

استكشاف الفضاء: تُستخدم الطاقة النووية كمصدر للطاقة في الرحلات الفضائية طويلة الأمد.

وهكذا، تُعد الطاقة النووية سلاحًا ذا حدّين؛ خطرٌ حين تُستخدم لأغراض عسكرية، وأملٌ حين تُوظف لخدمة الإنسانية، وتوفير حلول نظيفة ومستدامة لمواجهة تحديات المستقبل.

إلى لقاء في مقال جديد بإذن الله.

كاتب المقال

الدكتور محمد عبد المنعم صالح 

Email :[email protected]

 رئيس مجلس إدارة المنتدى العالمى لخبراء السياحة

دكتوراه العلوم الطبية البيئية – جامعة عين شمس

خريج الكلية الحربية المصرية –الدفعة 25 اطباء –1974

ماجستير الميكروبيولوجيا الطبية والوبائيات –الأكاديمية الطبية العسكرية

استشاري صحة البيئة والميكروبيولوجيا الطبية

إستشارى تدريب صحة وسلامة الغذاء بغرفة المنشات الفندقية

إستشارى برنامج التوعية الصحية ضد كوفيد -19

إستشارى تدريب الإدارة البيئية للفنادق ( الفنادق الخضراء )

إستشارى التدريب علي التنافسية في القطاع السياحي ، تابع لمنظمة العمل الدولية

إستشارى التدريب في منظمة الفنادق والنزل الأمريكية ، سابقاً

إستشارى التدريب في كلية أدنبره “اسكتلندا” سابقاً

عضو جمعية الباجواش المصرية

عضو لجنة جودة التعليم وأخلاقيات البحث العلمي ، كلية السياحة والفنادق، جامعة المنصورة

عضو لجنة جودة التعليم في الرقابة علي الأغذية-كلية الطب البيطري،  جامعة بنها سابقاَ

لمزيد من المقالات للكاتب  إدخل على الرابط التالى 

https://elmahrousanews.com/?s=%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF+%D8%B9%D8%A8%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B9%D9%85+%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD