في مشهد يبعث على الأسى، ويتناقض مع أبسط مفاهيم الاحترام والهوية والانتماء، تتوالى الوقائع داخل الأندية المصرية التي تمنع دخول الرجال مرتدي الجلباب أو “الجلابية” تحت ذريعة زائفة مفادها أن هذا الملبس “غير اجتماعي” أو “لا يليق بالمكان”!
والغريب أن هذا المنع لا يُطبّق إلا على المصريين البسطاء، بينما تُفتح الأبواب على مصراعيها لاستقبال الضيوف الخليجيين من شيوخ وأمراء، يرتدون العباءات والغُتر والعُقل، التي لا تختلف كثيرًا – شكلًا أو مضمونًا – عن الجلباب المصري الأصيل!



هل أصبح الجلباب عارًا في وطنه؟
هؤلاء الذين يتباهون برفض دخول “صاحب الجلابية” نسوا – أو تناسوا – أن هذا الزي هو رمز مصري خالص، ضارب بجذوره في التاريخ، وجزء من تراثنا الشعبي والثقافي.
نسوا أن الجلباب كان وما زال ملبس الجدعان، والشهامة، والرجولة، والمروءة، سواء في الصعيد أو الريف أو بحري.
ونسوا أن آباءنا وأجدادنا – بكل فخر – صنعوا مجد هذا الوطن وهم يرتدون الجلباب، لا البدلة المستوردة.
ازدواجية مقيتة ومشهد مُهين
ما يثير الغضب أن نفس هؤلاء المسؤولين الذين يمنعون دخول المواطن المصري بجلابيته، يهرولون للتصوير مع الأمير الفلاني أو الشيخ العلاني حين يزور النادي مرتديًا عباءته، ويضعون صورهم معه في بهو النادي بكل فخر!
فلماذا هذه الازدواجية؟ ولماذا هذا التمييز المقيت؟ أليس ابن البلد أحق بالاحترام في بلده؟ أم أن المال والنفوذ صارا بطاقة عبور لما لا يُسمح به للغلبان ابن البلد؟
رسالة إلى من يرفض دخول الأب بجلابيته لتشجيع ابنه
ما العيب أن يأتي أبٌ بسيط من الريف أو الصعيد ليرى ابنه يلعب في مباراة، مرتديًا جلبابه؟
- هل الجلباب يخدش الذوق العام؟
- هل هو زِي خليع أو غير أخلاقي؟
بل هو عنوان الأصالة والبساطة.
والمعيب حقًا هو أن نحرم أبًا من رؤية ابنه، أو مواطنًا من دخول نادٍ لأنه لم يرتدِ “بليزر” أو “تي شيرت ماركة”، مع أن كثيرًا من تلك الماركات لا تغطي أخلاقًا ولا تشتري هوية.
الجلابية في الأزهر والكنيسة… فهل تمنعونهم أيضًا؟
ألا يرتدي شيوخ الأزهر الجلباب والعمة والقفطان؟
ألا يرتدي رجال الدين المسيحي الجلباب الكنسي والعمة القبطية؟
هل تمنعونهم أيضًا من دخول الأندية؟ أم أن “الاحترام” صار مرهونًا بماركة الزي لا بمكانة صاحبه؟
دعوة صريحة لوزير الشباب والرياضة
أطالب الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، أن يصدر قرارًا واضحًا يلزم كل الأندية بعدم التمييز في الزي طالما أنه محترم ومحتشم ومناسب للمجتمع.
وزيرنا من بيئة مصرية أصيلة، يعرف قيمة الجلباب، ويعلم أنه ليس مجرد زي، بل هو عنوان انتماء، ورمز لطبقات كادحة لا تملك إلا الكرامة.
نعم، نحن كلنا أبناء فلاحين وصعايدة، نفتخر بذلك، ونعتز بأن الجلباب زينا، والجلابية شرف… مش تهمة.
فكفّوا عن إذلال الناس باسم “التحضر”،
ولا تهينوا زيًّا هوية وطن وأصالة شعب.



