
كتب: د. عبد الرحيم ريحان
رصد الدكتور منصور بريك، عالم المصريات ومدير عام آثار الأقصر الأسبق، أربعة مواقع أثرية شهيرة أصبحت مهددة بفعل التلوث البشري، وهي: الهرم الأكبر، ومقبرة توت عنخ آمون، ومقبرة سيتى الأول، ومقبرة نفرتاري. وذلك في إطار أهداف حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، التي تسعى لمتابعة الحالة الفنية للمواقع الأثرية في مصر،

1. مقبرة سيتي الأول: تحفة فنية في خطر
تُعد مقبرة سيتي الأول بوادي الملوك واحدة من أجمل وأكمل المقابر الملكية، لما تحويه من نقوش وزخارف دقيقة ترجع إلى عصر الأسرة التاسعة عشرة. اكتشفها الإيطالي جيوفاني بلزوني، وعُرضت نماذج منها في لندن عام 1821، مما أسهم في جذب أنظار العالم إلى الحضارة المصرية.
وأشار د. بريك إلى أن المقبرة تعرضت عبر السنين لأضرار نتيجة كثافة الزائرين، واقترح غلقها تمامًا للزيارة العامة، والسماح فقط بدخول الباحثين أو الزائرين المميزين بتصاريح خاصة ورسوم مرتفعة، مع الحفاظ على النموذج المقلد لعرضه للسياح.
2. توت عنخ آمون: المقبرة الأشهر عالميًا تواجه الانهيار
رغم صغر حجمها، أصبحت مقبرة توت عنخ آمون الأشهر عالميًا منذ اكتشافها عام 1922، بما تحويه من كنوز غير مسبوقة. ولكنها اليوم تعاني من أضرار متراكمة بفعل الفيضانات وكثافة السياحة.
يشير د. بريك إلى أن مشروعًا رائدًا نُفذ لصنع نسخة طبق الأصل من المقبرة عام 2012 لعرضها للجمهور، وتم فتحها عام 2014، بينما أُنجز ترميم المقبرة الأصلية عام 2019. ومع ذلك، أُلغيت لاحقًا القيود على عدد الزائرين، مما أضعف الإقبال على النسخة، وزاد الضغط على الأصل.
3. نفرتاري: جدارية الحب والجمال في خطر
اكتُشفت مقبرة نفرتاري، زوجة رمسيس الثاني، عام 1904، وتُعد من أجمل مقابر وادي الملكات، لما تحتويه من جداريات فنية غنية بالألوان والرموز.
ظلت مغلقة لعقود بعد اكتشافها بسبب مشاكل بيئية، قبل أن تُرمم في مشروع مشترك بين الآثار المصرية ومعهد جيتي الأمريكي. وعقب سنوات من التقييد، فُتحت المقبرة للزائرين بشروط خاصة، إلا أن هذه القيود أُلغيت مؤخرًا، ما يهدد سلامة اللوحات مرة أخرى.
وأكد د. بريك أن المقبرة أُغلقت مؤخرًا من مارس حتى أكتوبر 2024 لأعمال الترميم، داعيًا إلى الالتزام مجددًا بتحديد أعداد الزائرين وتوفير نظام تهوية صارم.
4. الهرم الأكبر: العجيبة الوحيدة الباقية في مرمى الخطر
الهرم الأكبر، المعجزة الهندسية الباقية من عجائب الدنيا السبع، يشهد حاليًا تهديدًا حقيقيًا ناتجًا عن الإهمال في تنظيم الزيارات. يقول د. بريك إن زيادة نسبة الرطوبة وارتفاع الحرارة داخل الممرات تسببت في تآكل الحجر الجيري.
في التسعينات، نُفذ مشروع لتركيب نظام تهوية داخلي متطور باستخدام روبوت ألماني، أدى إلى نتائج إيجابية. وتم آنذاك تحديد عدد الزوار اليومي بـ500 فقط، وغلق الهرم لمدة ساعة ظهرًا للراحة.
لكن هذا النظام أُلغي لاحقًا، وتم رفع سعر التذكرة دون تحديد أعداد، مما أدى إلى ازدحام شديد قد يُلحق أضرارًا كارثية بالهرم، على غرار ما حدث في مواقع أثرية عالمية مثل كهف لاسكو في فرنسا، حيث يُمنع دخول السائحين حفاظًا على الرسومات.
توصيات عاجلة من د. منصور بريك
-
غلق مقبرة سيتي الأول أمام الجمهور، وقصر الزيارة على الباحثين بموجب تصاريح.
-
إعادة تحديد أعداد الزائرين لمقبرتي توت عنخ آمون ونفرتاري، وإحياء فكرة زيارة النماذج المقلدة.
-
إعادة تطبيق نظام تحديد زوار الهرم الأكبر، وتوفير ساعة راحة يومية، وتخفيض الضغط البشري عليه.
-
التنسيق مع غرفة شركات السياحة لتوزيع الزيارات بشكل دوري بين المقابر.
-
إطلاق حملات توعية دولية بأن حماية التراث لا تقل أهمية عن زيارته.