
تُبرز العالمة الشهيرة في علم المصريات، الدكتورة مونيكا حنا، أهمية الدمج بين التنمية المجتمعية وإدارة المواقع الأثرية، وخاصة في مشروع الأهرامات، حيث تكشف عن الرؤية التي تبنّتها خلال زيارتها لموقع أوراسكوم بيراميدز في هضبة الأهرامات. وقد تطرقت إلى غياب المراعاة الكافية لثقافة المكان واحتياجات المجتمع المحلي المحيط بالأهرامات، مشيرة إلى أن هذا المشروع الكبير، رغم أهميته الاستراتيجية والمالية، لم يأخذ في اعتباره دور السكان المحليين والمجتمع المحيط.
عدم مراعاة ثقافة المكان في التخطيط والتطوير
تشير الدكتورة حنا إلى أن أحد أهم أوجه القصور في خطة تطوير هضبة الأهرامات هو غياب التشاور مع الزوار المحليين والأجانب، والمرشدين السياحيين، والآثاريين. تضيف أن غياب إدارة ثقافة المكان كان جليًا أثناء التشغيل التجريبي للمشروع، وهو ما يختلف تمامًا عن مشاريع سابقة مثل خطة إدارة وادي الملوك التي تم تنفيذها قبل 15 عامًا واحتفظت بعلاقة وثيقة مع المجتمع المحلي.
قصة نزلة السمان: تعقيدات تاريخية واجتماعية
تتحدث حنا عن تاريخ نزلة السمان، وهي منطقة محورية في محيط الأهرامات، حيث سكنتها عائلات كانت تشارك في الحياة اليومية للموقع الأثري. وفقًا لرؤيتها، كانت القرية تاريخيًا تشكل جزءًا من العلاقة الوثيقة بين المكان وسكانه، لكن الجهود الأمنية التي بدأت منذ التسعينيات أسهمت في عزلهم عن التفاعل الفاعل مع الموقع الأثري، مثل بناء الجدار الأمني الذي كان الهدف منه حماية المنطقة ولكنه فشل في دمج المجتمع المحلي ضمن خطط التنمية المستدامة.
التحديات الأمنية والمجتمعية: هل الحلول الأمنية كافية؟
تنتقد حنا التركيز على الحلول الأمنية الأحادية في التعامل مع السكان المحليين، مشيرة إلى أن هذا قد يؤدي إلى تزايد التوترات وارتفاع السلوكيات العدوانية. وتشير إلى أن هناك ضرورة لإيجاد حلول مبتكرة تستند إلى المشاركة المجتمعية، مثلما حدث في مشروعات أخرى مثل “إسنا تكوين المجتمعي” في مصر، أو نموذج البتراء في الأردن، الذي يعتمد على إشراك المجتمع المحلي في إدارة التراث والحفاظ عليه.
ضرورة تطوير خطة تنمية شاملة ومشاركة حقيقية
تدعو حنا إلى ضرورة وضع خطة تنمية طويلة الأجل تشمل تفعيل مشاركة المجتمع المحلي في عملية إدارة التراث الأثري، مشيرة إلى أن هذه الشراكات يمكن أن تكون نموذجًا ناجحًا إذا تم تعزيز التعاون بين الحكومة والمجتمع المحلي والقطاع الخاص. وبذلك يمكن تحويل سكان نزلة السمان إلى شركاء حقيقيين في خطط التطوير، بدلاً من عزلهم.
الطريق إلى الاستدامة: تطوير متوازن بين التراث والمجتمع
في الختام، تؤكد حنا على أن الطريق الوحيد لضمان استدامة مشروع تطوير هضبة الأهرامات ونجاحه المستقبلي هو من خلال تفعيل المشاركة المجتمعية، والابتعاد عن الحلول الأمنية الأحادية. بذلك فقط يمكن أن تظل الأهرامات والمواقع المحيطة بها جزءًا من تراثنا، وفي الوقت نفسه تكون سببًا في تحسين حياة المجتمعات المحيطة.