
في مشهد لا يليق بعراقة وحضارة تمتد لآلاف السنين، شهدت منطقة الأهرامات بالجيزة حالة من الفوضى والتكدس الشديد خلال الأيام الأولى لتطبيق التشغيل التجريبي لمنظومة دخول السائحين الجديدة، ما ألقى بظلال من القلق على مستقبل السياحة المصرية، خاصة مع التنامي السريع في نقل الصورة السلبية عبر عدسات الهواتف المحمولة إلى وسائل التواصل الاجتماعي والصحف العالمية.
المنظومة التي كان يُفترض بها تسهيل دخول السائحين وتحسين تجربتهم، تحولت إلى عبء أثقل كاهل الزائرين، حيث واجهوا مشاهد من الزحام الخانق عند نقاط الإقلال والنزول، ووقفوا لساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة في انتظار وسيلة نقل تقلهم إلى داخل الموقع الأثري، نتيجة ضعف الطاقة الاستيعابية للناقلات وعدم كفاية عدد الأتوبيسات المخصصة لنقلهم.
بعض السائحين عبّروا عن استيائهم صراحة أمام الكاميرات، فيما فضّل آخرون التعبير عن غضبهم على منصات التواصل المختلفة، مصحوبًا بصور ومقاطع فيديو توثق لحظات الانتظار والمعاناة، وهو ما يُنذر بضربة موجعة لجهود الدولة المصرية في إنعاش قطاع السياحة وإعادة رسم صورة حضارية للمقصد المصري عالميًا.
وتتعارض هذه المشاهد المؤسفة مع الصورة الإيجابية التي نجحت الدولة في تصديرها خلال الأعوام الأخيرة، حيث اصطحب الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارات لعدد من المعالم السياحية والثقافية مثل خان الخليلي، المتحف المصري الكبير، ومترو الأنفاق، بهدف التأكيد على الأمن والاستقرار والانفتاح الثقافي الذي تتمتع به مصر.
غير أن التجربة السيئة التي مر بها الزائرون مؤخرًا، قد تعصف بهذه الجهود وتعيد ترسيخ الصورة النمطية عن ضعف البنية التحتية وسوء التنظيم، ما قد يدفع الكثير من شركات السياحة إلى إعادة النظر في إدراج مصر، وتحديدًا منطقة الأهرامات، ضمن برامجها.
ويتطلب الوضع تدخلًا عاجلًا من الجهات المسؤولة لتقييم ما جرى خلال التشغيل التجريبي، والعمل على تحسين المنظومة قبل دخولها حيّز التنفيذ الكامل، وذلك حفاظًا على سمعة مصر السياحية، وصونًا لعوائد اقتصادية تُعد أحد أهم مصادر الدخل القومي.