
خلال حملته الانتخابية، وقبل أن يصل إلى كرسي الرئاسة، كان الرئيس الأمريكي ترامب قد وعد خلال حملته الانتخابية أنه سيحل المشكلة بين روسيا وأوكرانيا بعد 24 ساعة من وصوله. وبعد ان جلس على الكرسي في المكتب البيضاوي يوم العشرين من يناير،
ومن يومها ونحن ما زلنا ننتظر متى يحل السلام بين روسيا وأوكرانيا، تلك الحرب التي بدأت في22 فبراير من عام 2022، عندما رفضت روسيا انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، لما في ذلك من تهديد لأمن روسيا القومي، باعتبار أوكرانيا دولة حدودية،
وعلى أثر ذلك، شنت هجوماً عسكرياً، نجحت من خلاله في السيطرة على 20% من الأراضي الأوكرانية، وأعلنت ضم أربعة مقاطعات ، وهي لوهنسيك ودونيتسيك وزابورجيا وخيرسون، لتجري، بعد ذلك، استفتاءً شعبياً، قامت بمقتضى نتائجه، بضم تلك المقاطعات الأربعة إلى روسيا بعد تصديق الدوما (البرلمان الروسي) .
وخلال تلك الحرب، التي انتهت عامها الثالث، قامت الولايات المتحدة الأمريكية، ومعها كل دول حلف الناتو، ودول الاتحاد الأوروبي، بمساعدة أوكرانيا عسكرياً واقتصادياً، إلا أن الدعم العسكري اقتصر على الأسلحة الدفاعية، وليس الهجومية، حيث كان هدف أمريكا، في تلك الفترة إطالة زمن القتال، في تلك الحرب، لإنهاك روسيا اقتصادياً وعسكرياً.
فلو كانت أمريكا تستهدف نصرة أوكرانيا، في حربها مع روسيا، وتمكينها من استعادة أراضيها، لأمدتها بالأسلحة الهجومية اللازمة لتنفيذ تلك الخطة الهجومية لذا جاءت النتيجة الحتمية، بفشل الهجوم المضاد الأوكراني، في الربيع الماضي، واستكمال روسيا لعملياتها الدفاعية عن الأراضي التي ضمتها إليها، وفي المقابل بدأ الدعم الأمريكي والأوروبي، إلى أوكرانيا، في التراجع.
ورغم اقتصار العمليات العسكرية على الدولتين الأوربيتين؛ روسيا وأوكرانيا، بما يمكن وصفها بأنها حرباً إقليمية، إلا أنها تعتبر حرباً عالمية من حيث التأثير، إذ تأثرت كافة دول العالم سلباً، جراء تلك الحرب، في ظل كون الدولتين أكبر منتج، ومُصدر، للغلال والحبوب، خاصة القمح والذرة، على مستوى العالم،
مما أدى إلى اضطراب سلاسل الإمداد العالمية من الحبوب، وارتفعت أسعارها لمعدلات غير مسبوقة، بالإضافة إلى كون روسيا أكبر مُصدر للغاز إلى أوروبا، حيث تأثرت أسعار الغاز الطبيعي في العالم كله.
إلا أن أوكرانيا فاجأت الجميع وقامت بالهجوم المضاد ضد روسيا، وقامت باحتلال جزء كبير من مقاطعة كورسك داخل الأراضي الروسية، وبدا أن روسيا لم تكن قد وضعت خطة متكاملة للدفاع عن إقليم كورسك، حيث كانت الدفاعات الروسية هناك ضعيفة،
الأمر الذي استغلته القوات الأوكرانية واندفعت لاختراق هذه الدفاعات مفاجأ للجميع بدءا من القوات الروسية وباقي دول العالم، وحققت توغل داخل الأراضي الروسية بحوالي 20 كم، واستولت القوات الأوكرانية على المنطقة المخترقة، ونظمت دفاعاتها حتى أن القوات الروسية وجدت صعوبة في طرد القوات الأوكرانية واستعادة الأراضي الروسية.
وعندما بدأت إدارة ترامب في عملية تحقيق السلام، بدءًا بدعوة الرئيس ترامب بدعوة الرئيس الأوكراني إلى البيت الأبيض حيث تم في لقاء عاصف خرج منه الرئيس الأوكراني، حيث شعر أن الرئيس الأمريكي سوف ينهي هذه الحرب على حساب أوكرانيا، بعدها بدأ الرئيس ترامب في قطع المساعدات العسكرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا.
الأمر الذي وضع أوكرانيا في موقف صعب للغاية أمام الروس، وهذا بالطبع أدى الى رفع الروح المعنوية لدى الروس، وقاموا بهجوم مضاد على دفاعات كورسيك الأوكرانية، حيث تراجعت القوات الأوكرانية، وتم رفع العلم الروسي على مدينة سودجا.
بعد خسارة سودجا، لم تعد أوكرانيا تسيطر إلا على 10% من مقاطعة كورسيك، ولقد ارسل الرئيس ترامب مندوبين أمريكيين إلى روسيا لعرض مقترح خطة ترامب للسلام. ولم يتضمن هذا الاقتراح سوى وقف إطلاق النار بين الدولتين لمدة 20 يومًا. بالطبع، لم توافق روسيا على وقف إطلاق النار، حيث ان أوكرانيا سوف تحاول استغلال الوقت لإعادة تنظيم دفاعاتها في كورسيك بينما تحاول روسيا استعادة كورسيك لتكون في موقف افضل عند التفاوض.
على الطرف الآخر، تسلم الوفد الأمريكي في موسكو شروط السلام، من روسيا والتي تضمنت عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، وكذلك الاتفاق على ضم جزيرة القرم ومقاطعات دونيتسك، لوهانسك، زاباروجيا، وخيرسون إلى روسيا. وعلى الجانب الآخر، اختار الرئيس ترامب السعودية لتكون مقر مباحثات السلام، حيث يعرض كل جانب وجهة نظره. وإن كانت حتى الآن مجرد مقترحات تنتظر لقاء الزعيمين. وقد انحاز الرئيس ترامب إلى فكرة إجراء انتخابات جديدة في أوكرانيا حتى يكون الرئيس الجديد هو الذي يوقع على معاهدة السلام.
وخلال الأسابيع الماضية، قامت القوات الروسية بعملية عسكرية مباغتة وغير مسبوقة في إقليم كورسيك ضد القوات الأوكرانية، حيث تسلل 800 جندي روسي من القوات الخاصة عبر أنبوب كان يمر منه الغاز الروسي إلى أوكرانيا في الماضي. وقد توقف الضخ فيه منذ عامين. ولذلك، بدأ الروس بشفط الغاز المتبقي في الأنبوب، ثم ضخ أكسجين بدلاً منه، ثم دفع 800 جندي روسي من القوات الخاصة عبر هذا الأنبوب، الذي يبلغ قطره 140 سم، لمسافة 17 كيلومترًا خلف القوات الأوكرانية.
وخلال أربعة أيام، اندفعوا بعدها إلى العمق خلف القوات الاوكرانية، مما أدى إلى استسلام 400 جندي أوكراني على الفور، تاركين معداتهم وأسلحتهم الأمريكية والأوروبية. وطبقًا لما ذكرته مجلة فوربس، ما زالت باقي القوات الأوكرانية محاصرة في ذلك الجيب في كورسيك، تنتظر الرحمة من بوتين، الذي أعلن أنه في حالة استسلام الجنود الأوكرانيين، سيتم ضمان حياتهم ومعاملتهم طبقًا لمبادئ القانون الدولي.
وقد صرح ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، أن القوات المحاصرة في كورسيك أصبحت في حكم الأسرى أو القتلى. هذه العملية أطلق عليها الروس اسم “السيل” (Potok)، والتي قد تصبح مستقبلاً فكرة جديدة في أنواع القتال لم تُستخدم من قبل. ومن هنا، فإن أوكرانيا أصبحت الآن هي التي تطلب سرعة الوصول إلى اتفاق سلام لإنقاذ جنودها في كورسيك.
ويبدوا ان كلا الجانبين اتفقا على المبادئ الرئيسية لاتفاق السلام على أساس تنازل أوكرانيا عن شبه جزير القرم، والمقاطعات الأربعة، وتتعهد بعدم الانضمام لحلف الناتو، وعدم امتلاك السلاح النووي، اما روسيا فإنها تتعهد بعدم مهاجمة أوكرانيا مرة اخري، والاشتراك في عملية اعمار أوكرانيا نتيجة للدمار التي تسببت فيه جودة هذه الحرب.