أخبارشئون مصرية

فى الذكرى 36 لعودة طابا إلى حضن الوطن.. “الدكتور عبد الرحيم ريحان ” يتذكر تفاصيل العودة

في يوم 19 مارس، 2025 | بتوقيت 12:16 مساءً

اليوم تحل الذكرى 36 لعودة طابا آخر شبر في سيناء بعد معركة النصر كان دور الدبلوماسية والوثائق التاريخية والجغرافية

وقد عايشت القضية من بدايتها حيث كنت مفتشًا لآثار طابا قبل وبعد عودتها وأروى حكايتها من خلال قراءة في كتاب “طابا قضية العصر” للمؤرخ الدكتور يونان لبيب رزق

المنطقة المتنازع عليها في طابا كانت تمثل شرفة صغيرة من الأرض المطلة على رأس خليج العقبة مساحتها 1020م ورغم صغر مساحتها فكانت مسألة حياة أو موت بالنسبة لإسرائيل عبّر عنها وكيل حكومة إسرائيل (روبي سيبل) في المرافعات الإسرائيلية في قضية طابا ذاكرًا أنها ذات أهمية بالغة لمدينة إيلات وهي في حقيقتها ضاحية لها لذلك أقاموا استثمارات سياحية بها وبنية مدنية ليؤكدوا استحالة عودتها للسيادة المصرية.

فى الذكرى 36 لعودة طابا إلى حضن الوطن 1

التضليل والتزييف

تعمّد الجانب الآخر التضليل والتزييف للحقائق فمن خلال سيطرتهم على المنطقة من 1967 إلى 1982 قاموا بتغيير معالمها الجغرافية لإزالة علامات الحدود المصرية قبل حرب يونيو 1967، فقاموا بإزالة أنف الجبل الذي كان يصل إلى مياه خليج العقبة وبناء طريق مكانه يربط بين إيلات وطابا، وكان على المصريين أن يبحثوا عن هذه العلامة التي لم يعد لمكانها وجود ولم يعثروا إلّا على موقع العلامة قبل الأخيرة التي اعتقدوا لفترة أنها الأخيرة.

(اللجنة القومية العليا لطابا)

يوم 13 مايو 1985 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 641 بتشكيل (اللجنة القومية العليا لطابا) من أبرز الكفاءات القانونية والتاريخية والجغرافية وهى اللجنة التي تحولت بعد ذلك إلى هيئة الدفاع المصرية في قضية طابا والتي أخذت على عاتقها إدارة الصراع في هذه القضية من الألف إلى الياء، مستخدمة كل الحجج لإثبات الحق ومن أهمها الوثائق التاريخية التي مثلت نسبة 61% من إجمالي الأدلة المادية التي جاءت من ثمانية مصادر.

ذكرى عودة طابا للسيادة المصرية
ذكرى عودة طابا للسيادة المصرية

نصت مشارطة التحكيم على أن المطلوب من المحكمة تقرير مواضع علامات الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الانتداب، أي في الفترة ما بين عامي 1922 و1948، وبالرغم من ذلك فإن البحث في الوثائق ذهب إلى ثلاثينيات القرن التاسع عشر والوثائق في الفترة اللاحقة على عام 1948 حتى حرب يونيو 1967ونتائجها.فى الذكرى 36 لعودة طابا إلى حضن الوطن 3رحلة الوثائق

البحث عن هذه الوثائق تم من خلال دار الوثائق القومية بالقلعة والخارجية البريطانية ودار المحفوظات العامة في لندن ودار الوثائق بالخرطوم ودار الوثائق بإسطنبول ومحفوظات الأمم المتحدة بنيويورك، ودخل كتاب ” آثار سيناء – جزيرة فرعون قلعة صلاح الدين” التي أصدرته هيئة الآثار المصرية عام 1986 ضمن الوثائق التاريخية.

الطبيعة لا تكذب أبدًا

لم يقبل الوفد المصري بالموقع الذى حدده الجانب الآخر للعلامة 91 وأصروا على الصعود إلى أعلى الهضبة، وهناك وجد المصريون بقايا القاعدة الحجرية للعلامة القديمة ولكنهم لم يجدوا العمود الحديدي المغروس في القاعدة والذى كان يحمل في العادة رقم العلامة، وقد اندهش الإسرائيليون عندما عثروا على القاعدة الحجرية وكانت الصدمة الكبرى لهم حين نجح أحد الضباط المصريين في العثور على العمود الحديدي على منحدر شديد الوعورة حيث نزل وحمله إلى أعلى وطول هذا العمود 2م وعرضه 15سم ووزنه ما بين 60 إلى 70 كجم.
وكان موجودًا عليه رقم 91، وأمام هذا الموقف لم يملك أحد أعضاء الوفد الإسرائيلي نفسه قائلًا: أن الطبيعة لا تكذب أبدًا، واتضح فنيًا أن العمود والقاعدة قد أزيلا حديثًا ورغم ذلك فقد رفضت إسرائيل الاعتراف بهذه العلامة حتى موافقتها على التحكيم في 13 يناير 1986.

فى الذكرى 36 لعودة طابا إلى حضن الوطن

حكمت المحكمة

موقف مهيب لن ينساه التاريخ ويجب أن تسجله ذاكرة السينما والدراما المصرية يوم الخميس 29 سبتمبر 1988 في قاعة مجلس مقاطعة جنيف حيث كانت تعقد جلسات المحكمة، دخلت هيئة المحكمة يتقدمها رئيسها القاضي السويدي (جونار لاجرجرين) لتنطق بالحق وعودة الأرض لأصحابها صدر الحكم التاريخي بأغلبية أربعة أصوات والاعتراض الوحيد من القاضية الإسرائيلية بالطبع، “حكمت المحكمة أن علامة الحدود 91 هي في الوضع المقدم من جانب مصر والمعلم على الأرض حسب ما هو مسجل في المرفق (أ) لمشارطة التحكيم “.
يقع الحكم في 230 صفحة وانقسمت حيثيات الحكم إلى ثلاثة أقسام، الأول إجراءات التحكيم ويتضمن مشارطة التحكيم وخلفية النزاع والحجج المقدمة من الطرفين والثاني أسباب الحكم ويتضمن القبول بالمطلب المصري للعلامة 91 والحكم لمصر بمواضع العلامات الأربعة، والثالث منطوق الحكم في صفحتين جاء فيه في الفقرة رقم 245 ” النتيجة – على أساس الاعتبارات السابقة، قررت المحكمة أن علامة الحدود 91 هي في الوضع المقدم من جانب مصر والمعلم على الأرض حسب ما هو مسجل في المرفق (أ) لمشارطة التحكيم، وتم رفع العلم المصرى على الجزء الذى تم استرداه من طابا في 19 مارس 1989.

فى الذكرى 36 لعودة طابا إلى حضن الوطن 2

ثمرات الدوم

أحتفظ بثلاث ثمرات من الدوم منذ 39 عامًا وجدتهم عند شجر دوم طابا بعد عودتها اعتبرها إهداء من الشجرة التي كنت أنظر إليها بحسرة من خلال السلك الشائك قبل عودة طابا وكيف تظلل من اغتصبوا هذه الأرض متمنيًا أن أرى اليوم التي تظلل فيه أصحاب الأرض الحقيقيون
وحين عادت دخلت لأحقق أمنيتى وأستظل بها فأهدتنى ثلاث ثمرات أحكى بهم للأجيال قصص البطولة والدبوماسية على أرض الفيروز التي اختلطت رمالها الذكية المباركة بدماء الشهداء

الدكتور عبد الرحيم ريحان ، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية
الدكتور عبد الرحيم ريحان ، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية