
كتب الدكتور عبد الرحيم ريحان
في إطار مبادئ حملة الدفاع عن الحضارة المصرية برئاسة الدكتور عبد الرحيم ريحان يقدم خبير الترميم استشارى الحملة للترميم والصيانة الأستاذ حمدى يوسف خطة لترميم منشآت القاهرة الخديوية
يوضح حمدى يوسف أن الثروة الفنية المعمارية للعمارة الخديوية في القاهرة والإسكندرية ذات ملامح فنية متفردة وتمثل قيمة تراثية معبرة عن مصر في تلك الحقبة التاريخية من تاريخ مصر الحديث
وعلي الرغم من اهتمام الدولة ممثلة في الهيئة القومية للتنسيق الحضاري بالاهتمام بالحفاظ علي النسق العام لمدينتي القاهرة والإسكندرية ومعظمها مسجل ضمن المباني التاريخية ويخضع للحماية بالقانون 144 لسنة 2006 وغير مسجلة آثار
ولابد من بذل مزيد من الجهد العلمي من قبل المسؤولين عن هذا الملف الخاص بحفظ هذا الإرث المعماري المصري في العصر الحديث وفق خطوات علمية هندسية وفنية تعتمد علي ثلاثة محاور أساسية حتي نستفيد منها الاستفادة القصوي سواءً علي المستوي العلمي أو علي المردود الاقتصادي ،
ويتلخص المشروع باختصار شديد في هذه المحاور الثلاثة
المحور الأول ..ويتم علي النحو التالي :
لابد ان تتبني الهيئة القومية للتنسيق الحضاري عملية توثيق لكل هذه المنشآت تاريخيا يتم فيه ادراج كل الفنانين المعماريين الذين اسهموا في تنفيذ هذه المنشآت
علي أن تقوم الهيئة القومية للتنسيق الحضاري بعملية التوثيق الهندسي لكافة واجهات تلك المنشآت بما تحويه من عناصر وتفاصيل فنية علي اختلاف انواعها ومسمياتها الفنية
وذلك من خلال الرفع الهندسي لتلك العناصر بمقياس رسم معلوم ومنفذ بشكل هندسي صحيح
علي أن يشمل هذا الرفع الهندسي أيضا جميع الواجهات كاملة ومعها الرفع الهندسي أيضا يوضح المسقط رأسي لكل طابق علي حده في المنشأة الواحدة بالمساحات والأبعاد وسماكات الجدران ،
مع افراد صفحات خاصة لجميع التفاصيل الفنية الدقيقة وموضحا عليها الأبعاد بكل دقة لكل عنصر فني جمالي علي حده ،
مع مراعاة ارفاق شرح وافي لجميع مكونات الخامات المستخدمة في تنفيذ المنشأة لكل بند من بنود التنفيذ علي حده ،
حتي نحصل في النهاية عن مرجع هندسي موثق بشكل علمي و كامل يحوي كل التفاصيل الفنية والمعمارية لكل منشأة ،
المحور الثاني .. و هو خاص بكيفية ترميم هذه المنشآت
فالجميع قد لاحظ أن المسؤولين عن الترميم بالقاهرة الخديوية قد استخدموا اللون الواحد في دهان جميع العناصر الفنية علي واجهات تلك المنشآت ،
وهذا يعد تشويها لتلك الواجهات لأنه اخفي التفاصيل الفنية في الواجهات واصبح لا فرق بين وحدات فنية زخرفية و مسطحات جدران سادة بدون زخارف والواجهة كاملة قد تم دهانها بلون واحد ،
وهذا خطأ فني و بعيد كل البعد تماما عن الغاية التي من اجلها صمم الفنان المعماري واجهات تلك المنشآت بأسلوب فني مبدع راعي فيه اختلاف وتباين الدرجات اللونية لشكل العناصر الزخرفية في الواجهات علي اختلاف عناصرها واشكالها ،وخصوصا وأن المختصين بمشروع الترميم في التنسيق الحضاري لم يقوموا بإزالة الطبقات اللونية القديمة والتالفة بشكل جيد و قاموا بدهان العناصر الفنية بطبقات لونية كثيفه جديدة ومستحدثة علي نفس اللون القديم دون ازالته مما ساعد علي تكوين طبقات لونية مستحدثة كثيفة علي الكوابيل و التماثيل والروزيتات وغيرها من التفاصيل الفنية الدقيقة ،
وهذا تسبب في إخفاء و طمس التفاصيل الفنية لتلك العناصر الفنية حتي بدت وكأنها مسطحة بدون نقوش او تفاصيل وليست وحدات زخرفية مقصودة لذاتها كعنصر فني زخرفي جمالي في الواجهة
لأن قيام هيئة التنسيق الحضاري بتنفيذ طبقات اللون كل عامين او ثلاثة ( حسب الخطة الزمنة للصيانة الدورية ) كان سببا في اختفاء جميع تفاصيل الزخارف الفنية لهذه العناصر ،
وبتكرار التنفيذ الخاطئ للترميم سيأتي اليوم الذي تختفي فيه تلك التفاصيل الفنية تماما .
ولذا ..
يجب ان تتم عمليات ترميم تلك الواجهات وفق اساليب ومعايير الترميم التي اقرتها المنظمة الدولية المعنية بالتراث والعلوم يونسكو والتي تستخدم في ترميم الاثار المصرية علي اعتبار ان تراث اليوم الغير مسجل اثريا سوف يصبح بعد سنوات قليلة في عداد الآثار
علي ان يتم اسناد ترميم تلك واجهات تلك المنشآت الي المختصين في ترميم الآثار وليس شركات مقاولات عامة ، وذلك المختصين بترميم الآثار اكثر فهما وتأهيلا للتعامل مع هذا النوع من مشاريع الترميم وايضا كيفية الحفاظ علي جميع التفاصيل الفنية الزخرفية واضحة المعالم لمن يشاهدها ،
سواء في إظهار التفاصيل الفنية او استخدام الدرجات اللونية في اماكنها الصحيحة وباستخدام خامات فنية تلائم طبيعة تلك العناصر الفنية
المحور الثالث .. هو اجراء عملية تسجيل أثري لكل منشأة برقم توثيق علي ملف كل منشأة ، باعتبار ان التراث الفني المصنف اليوم علي انه غير اثري سوف يصبح في غضون سنوات اثري ويجب ان يعامل فنيا علي إنه اثر ، علي أن يبقي هذا التراث تحت وصاية ومسؤولية الهيئة القومية للتنسيق الحضاري بعيدا عن وزارة الاثار ومستقلا بذاته
الفائدة المرجوة بعد هذا المشروع هو الحفاظ علي الهوية التراثية المتنوعة باختلاف الفترات الزمنية وكذلك إضافة المزيد من الإرث الحضاري المعماري إلي التراث الأثري المصري
علي ان يتم تنفيذ موسوعة علمية شاملة لكل منشآت القاهرة والإسكندرية محتوية علي تلك الثروة المعمارية الموثقة هندسيا بشكل علمي والتي تعد مرجعا هاما لكل دارسي علوم الهندسة المعمارية و الكليات الفنية المتخصصة كتراث مصري أصيل لطلبة الكليات المعنية او كنمط معماري مصري مميز لهذه الحقبة الزمنية ،
بالإضافة بالطبع إلي المردود الاقتصادي للسياحة المصرية والذي يشاهده مرتادي القاهرة من الزائرين وذلك من خلال الإظهار المعماري بشكل فني محترم تم تنفيذه بشكل علمي معترف به دوليا .