كتب الدكتور عبد الرحيم ريحان
اختلف المفسرون في قصة يوسف الصديق ن12حو معنى (حمل بعير) ذلك عندما أخبر النبي يوسف اخوته من بني إسرائيل بمن يلّغ عن من أخفى صواع ملك مصر في راحلته أثناء خروجهم من مصر بالقمح الذى اشتروه من عزيز مصر النبي يوسف بسبب المجاعة التي أصابت الأرض المصرية والعربية في السنوات العجاف وصواع الملك هو مكيال القمح ولقد ذهب غالبية المفسرين للكتاب المقدس أن حمل بعير تعنى حمل جمل بينما ذهب غالبية المفسرين للقرآن الكريم أنه حمل حمار.
وفى هذا الصدد كانت دراسة المهندس محمد عبد الرازق جويلى الباحث في علوم تفسير القرآن الكريم والذى توغل بنا في الماضى السحيق ليؤكد لنا أن النبي اسماعيل عليه السلام أول من ركب الجمل وروضه للسير في الصحاري بعد أن كان متوحشًا في الماضي منذ آلاف السنين لا يستطيع أحد ركوبه أو السير به رغم أن الجمل كان موجودًا في البيئة كحيوان شرس لا يستطيع أحد أن يقترب منه .
ويتابع المهندس محمد جويلى بأنه إذا أخذنا بالاحتمالين: حمل بعير = حمل حمار، فإن نصيب الفرد في بني إسرائيل كان أقل من رغيف في اليوم، وحمل بعير = حمل جمل فإن نصيب الفرد لن يزيد عن رغيفين في اليوم من هنا كانت المجاعة التي أدارها النبي يوسف عليه السلام أيام السنوات العجاف في المنطقة العربية والعالم كله.
في العهد القديم نجد الإشارة إلى الإبل كوسيلة للنقل استخدمت في زمن سيدنا يعقوب عليه السلام، وأثناء قصة يوسف عليه السلام.. جاء ذكر الجمال في سفر التكوين في العهد القديم (فَقَامَ يَعْقُوبُ وَحَمَلَ أَوْلاَدَهُ وَنِسَاءَهُ عَلَى الْجِمَالِ) سفر التكوين 31: 17، هذا النص يؤكد أن سيدنا يعقوب استخدم الإبل في النقل وحمل الأولاد والنساء، ولكن القرآن لم يذكر الجمال كوسيلة للنقل بل ذكر العير والبعير أي الحمير.
قال تعالى { وَ لَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } يوسف: 94، عن ابن جريح عن مجاهد: (أيتها العير) قال: كانت حميرًا، وفي تفسير القرطبي: قال مجاهد كان عيرهم حميرًا
قال تعالى { قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَ لِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ } يوسف: 72 في تفسير الطبري “عن ابن جريج عن مجاهد قال قوله (حمل بعير) حمل حمار”. طبعًا بعض المفسرين نقلوا معنى آخر من الإسرائيليات حيث اعتبروا أن البعير هي الإبل، ففي تفسير القرطبي ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم: البعير هنا الجمل في قول أكثر المفسرين وقيل إنه الحمار
من هنا ندرك أن القرآن استخدم كلمة تحتمل عدة معاني (الجمل والحمار) ولم يستخدم كلمة جمل صراحة.. لماذا؟ العلم الحديث يكشف لنا هذا السر اليوم .
ويوضح المهندس محمد جويلى أنه لو قسنا قصة النبي يونس مع قصة النبي صالح وهم قوم ثمود الذين كانوا حوالي سنة 4000 قبل الميلاد وهم الذين أرسل لهم الله ناقة تسقيهم من اللبن وكانت الجمال غير مستأنسة في الصحاري في ذلك الوقت فعقروها
وفي دراسة حديثة تؤكد دقة كلمات القرآن الكريم وأنه يتفق مع العلم الحديث أجريت على عظام الجمال التي تعود لآلاف السنين والتي وُجدت في مناطق متفرقة من الشرق الأوسط.. تبين أن الجمل استُخدم كوسيلة للنقل أول مرة عام 930 قبل الميلاد أي بعد سيدنا يعقوب بزمن طويل
وتقول الدراسة إن الوسيلة المستخدمة في زمن يعقوب هي الحمير في تطابق كامل مع القرآن الكريم ومع تفسير سيدنا مجاهد رضي الله عنه جاء على موقع ناشيونال جيوغرافيك أن الجمال لم يتم ترويضها بواسطة البشر إلا في القرن العاشر قبل الميلاد،
وتقول الدراسة إن الجمل ذكر في التوراة 47 مرة مع أنبياء الله عليهم السلام (إبراهيم – يعقوب – يوسف) ولكن الدراسة التي أجريت على بقايا عظام للجمال منتشرة في فلسطين بينت أن قياس عمر هذه العظام باستخدام تقنية الكربون المشع يعطي عمرًا لأقدم عظم لا يتجاوز 900-930 سنة قبل الميلاد، حيث ظهرت الجمال فجأة كوسيلة للنقل باعتبارها أكثر كفاءة من الحمير التي استخدمت سابقًا كوسيلة للنقل.
الدراسة تتوقع أن الإبل قد تم ترويضها واستعمالها للنقل أولاً في الجزيرة العربية قبل الميلاد بألف سنة تقريبًا وذلك من خلال فحص بقايا لعظام الإبل التي بينت بوضوح علامات الإجهاد وبعض الجروح والكسور التي نتجت عن استخدام الإبل في التنقل المتكرر وحمل الأمتعة.
وجاء في معجم لسان العرب: قال ابن بري “وفي البعير سؤال جرى في مجلس سيف الدولة ابن حمدان وكان السائل ابن خالويه والمسؤُول المتنبي، قال ابن خالويه والبعير أَيضًا الحمار وهو حرف نادر أَلقيته على المتنبي بين يدي سيف الدولة، وكانت فيه خُنْزُوانَةٌ وعُنْجُهِيَّة، فاضطرب فقلت المراد بالبعير في قوله تعالى “ولمن جاء به حِمْلُ بَعير”، الحمارُ فكسرت من عزته!
وبالتالي فإن يعقوب وأخوة يوسف عليهم الصلاة والسلام كانوا بأرض كنعان وليس هناك إِبل وإنما كانوا يمتارون على الحمير في قوله تعالى “حمل بعير”، أَي حمل حمار، وكذلك ذكره مقاتل بن سليمان في تفسيره