آثار ومصرياتأخبار عاجلةسلايدر

“المحروسة نيوز ” تستطلع أراء خبراء الآثار والترميم حول ترميم أسود قصر النيل

في يوم 9 نوفمبر، 2024 | بتوقيت 2:00 مساءً

كتب الدكتور عبد الرحيم ريحان

حملة الدفاع عن الحضارة تلتزم المنهج العلمى فى كل القضايا التى تتعرض لها، ومن هذا المنطلق نعرض أراء خبراء الترميم

وأشار الدكتور محمد عطية مدرس ترميم الآثار بكلية الآثار جامعة القاهرة وباحث دكتوراه في القانون الدولى إلى أن تماثيل الميادين متنوعة في خامات تنفيذها منها التماثيل الحجرية مثل الجرانيت والبازلت ومنها نفذ من خامة مطبوخة وهي الأحجار الصناعية لكن الخامة الاكثر انتشارًا ورونقًا في تماثيل الميادين تلك التي صنعت من البرونز عن طريق الصب المجوف والتى تتميز بالإتقان الفني والملائمة الهندسية في الثبات والارتكاز وتعد أسود قصر النيل علامة بارزة علي هذا النوع الخلاّب من التماثيل وأصبحت علامة مميزة لمنطقة وسط البلد ولذا فإن التعامل عليها يجب أن يكون علي قدر قيمة تلك التماثيل سواءً القيمة التاريخية أو التكنولوجية

وما ظهر مؤخرًا من طلاء التماثيل بدهانات اللاكية الأسود غير علمى تمامًا، ومن هنا نؤكد علي أن التماثيل البرونزية يجب أن تطلي بطلاءات تحافظ علي الطابع التاريخي لها ويكون لتلك الطلاءات مواصفات خاصة أهمها

1- أن تكون طلاءات مانعة الصدأ وفي بعض الأحيان مثبطة له حيث أن مركبات صدأ البرونز تكون ذات ألوان متباينة بين درجات الأخضر والأزرق لكونها مركبات نحاس بصورة أساسية وأغلب تلك المركبات نشطة كيميائيا

2-طلاءات البرونز وكافة تماثيل الميادين يجب أن تتوفر بها صفه هامة جدا تسمي self healing وتعني أن طبقة الطلاء العازل للتمثال إذا تعرضت في جزء منها للتلف فإن الطبقة تعيد إنتاج هذا الجزء التالف منها حتي تقوم بدورها في حماية التمثال وعدم تكرار المعالجات بكثرة ربما في النهاية تؤدي لتلف التمثال بدلًا من صيانته

وهنا يجب أن ننوه أن صيانة تماثيل الميادين فيه من المتخصصين في أقسام الصيانة والترميم بالجامعات المصرية امثال الاستاذ الدكتور محمد سمير المتولي والذي لابد من الرجوع للعلماء أمثاله قبل الشروع في التعامل علي تلك التماثيل

حيث أن تطبيق دهانات مثل اللاكية الذي تم دهان التماثيل به فيه طمس للقيمة التاريخية للتمثال إضافة إلي سرعة تلف تلك الدهانات والتي علي الأقل سيتم إزالتها في خلال 6شهور عن طريق الرمالة بطريقة السفع بالرمال مما يسبب تأكل جسم التمثال وكثرة تكرار عملية الدهان تلك حتما سيؤدي لتلف وتآكل خامة البرونز

ويشير  حمدى يوسف خبير الترميم أن الأسلوب الأمثل للتعامل مع أسود قصر النيل هو إجراء عملية العزل بالورنيش ” الشفاف ” للمجسم المعدني كأحد الخيارات المطروحة مع مراعاة أن الورنيش مصرح به في عزل المعادن عمومًا ، ولكن اي نوع من الورنيشات؟ ورنيش الدامار فهو من أفضل الورنيشات لهذا الغرض. وكذلك اللوحات الزيتية لأن جميع أنواع الورنيش تتحول بفعل الأطوال الموجية وكذلك الحرارة إلي اللون الأصفر علي المدي القصير باستثناء ورنيش الدامار عمره الافتراضي أعلي من الورنيشات المعروفة

ولكن يفضل استخدام مادة البارالويد 72في العزل أكثر من الورنيش لأن مقاومته أعلي و طبقة الفيلم التى تتكون أقل بكثير من الورنيش، ولكن هناك شروط للتنفيذ لأن التركيز الخاص بالبارلويد لابد أن يتراوح من 2 / 5 % ولذا الاستخدام في الجو المفتوح يعمل علي كثافة البارالويد لسرعة تطاير المذيب العضوي وبالتالي يتم اللجوء إلي استخدام مسدس الرش لتفادي زيادة اللزوجة أو ارتفاع الكثافة.

والمشكلة هي أن النحاس الأحمر عمومًا هو سبيكة من النحاس بنسبة 85% والزنك حوالي 12% مع نسبة 3% من الرصاص أو أي معادن أخرى حسب طبيعة الاستخدام، ولا بد هنا من الرجوع إلي لون الباتينا اأو طبقة التقادم الزمني لمعدن النحاس الأحمر ، وطبقة الباتينا لهذا المعدن لونها أخضر جنزاري نتيجة لتكوين أكسيد نحاسوز المعروف باسم الملاكيت أو الأكسيد المائي، وهذا هو لون الباتينا الأصلي المفروض فى أي مشغولة معدنية منفذة من معدن النحاس الأحمر

ولذلك كان يجب فحص الطبقة وإجراء تحاليل لها لمعرفة إذا كانت هناك خلايا سرطانية عميقة في جسم المشغولة المعدنية وبالتالي يمتد سرطان التآكل في المعدن بشكل سريع بسبب العوامل الجوية لأن المعدن يتحلل بالكامل نتيجة لوجود مسطح من بخار المياه في محيط التمثال وهو نهر النيل ..بالتالي فلو تركنا طبقة الباتينا النبيلة ( طبقة التقادم الزمني) في ظل هذا الجو فقد يصاب التمثال بخلايا صدأ سرطانية خصوصًا في الأماكن الضيقة والزوايا وبالتالي تتسبب في مشكلة، وهنا يفضل إزالة طبقة الباتينا الخضراء ( الملاكيت ) لتفادي ذلك وخصوصًا وأن التمثال ليس في بيئة مثالية تشبه بيئة العرض المتحفي، ويتم عزل التمثال بالمادة المقترحة مع ضرورة عدم خدش المعدن وإظهار لونه الأصلي وهو اللون الأحمر اللامع، فاللمعة الموجودة والتي قد تظهر بسبب المادة العازلة بعد فترة وجيزة سوف تختفي بفعل الأتربة

وأضاف حمدى يوسف أن وجه الاعتراض إذا كان القائم علي الترميم يستخدم مادة صبغية (يعني لون ) في عملية الترميم بأي درجة حتي لو كانت طفيفة، فاستخادم لون في عملية الترميم الهدف منه هنا هو إظهار طبقة تقادم زمني مزيفة وغير حقيقية وهي عملية فنية تسمي أسلوب التبتين أو التعتيق وهنا يصبح تغييرًا في مظهر الأثر وتدخل إبداعي من القائم علي الترميم مع ضرورة التفرقة بين مايقوم به أي فنان تشكيلي بتنفيذ عمل فني حديث يقوم بتنفيذ طبقة مزيفة من الباتينا (عوامل التقادم الزمني ) ليعطي قيمة وانطباع بأهمية العمل الذي نفذه..

كاريكاتير ببريشة الفنان الكبير القدير نبيل صادق حول ترميم تماثيل كوبرى قصر النيل

وهنا يجب أن ننتبه إلي الفرق بين ماهو أثري وماهو عمل فني تشكيلي حديث متروك فيه الحرية الابداعية للمنفذ، لأنه لو تدخلنا بأي طبقة لونية كما ذكرت فسوف يصبح العمل فاشل وتزوير لحالة الأثر وهذا لانستطيع معرفته من خلال الصورة الفوتوغرافية بل يجب متابعة وفحص ذلك علي الطبيعة أو الاطلاع علي خطة الترميم شاملة المواد المستخدمة ..

ولذا ..فالصور المتداولة علي السوشيال ميديا ليست دليل إدانة علي تلف أو صحة أو خطأ تم في معالجة أي قطعة أثرية مالم يتم نشر خطة ترميم القطعة الأثرية وأسلوب التعامل معها والخامات التي استخدمت من قبل الجهة المعنية بحفظ وتنفيذ أعمال الصيانة الدورية ، وبالتالي نؤكد مرة أخري أن استخدام أي مادة لونية غير لون الأثر المعدني أو غير لون عوامل التقادم الزمني الطبيعية يدخل في حيز التزوير وإتلاف الأثر بما يعني أن يتم التعامل مع المعدن للحفاظ عليه بعيدًا عن اأي ملوثات أو مسببات تلف لأن الهدف قبل أي شيء هو حفظ الأثر من الضياع أو الانهيار أو الاندثار ، أمّا السلبيات الأخري الخاصة بالمظهر تستحق المحاسبة بتهمة إتلاف أثر وتغيير معالمه اذا ثبت بالدليل استخدام أي أصباغ أو درجات لونية للتماثيل .

وينوه خبير الآثار فاروق شرف وله أعمال رائدة فى ترميم الآثار على مدى ثلاثون عامًا من آثار مصرية قديمة ومسيحية وإسلامية وعصر حديث إلى عدم إنكاره مجهود الزملاء والأبناء العاملين بالمجلس الأعلى للآثار فهو فهو مجهود محترم وباعتباره أول من قام بترميم تماثيل الميادين مع فريق عمل من الأخصائيين أصحاب كفاءات عالية عام  2005 من خلال برتوكول تعاون بين محافظة القاهرة والمجلس الأعلى للآثار متمثل فى قطاع المشروعات فله عدة ملاحظات

1- ضرورة عمل دروة ( تغطية) محكمة للأثر لمنع تأثر المواد بأي مؤثرات جوية وأي تأثير من أشخاص غير متخصصين.

2- قبل البدء فى الأعمال من خلال الخطة الموضوعة يجب مراجعة التقارير التى قدمت من قبل لمعرفة مميزات أو أخطاء من قام بصيانة التماثيل من قبل وبالمجلس الأعلى للآثار.

3- لأي عمل ترميمي لابد من عمل تجربة فى مكان ليس ظاهرًا والانتظار عليه أسبوع على الأقل لرؤية التأثيرات الجوية والبيئية من عوادم السيارات والأتربة وتأثير الرطوبة أو الأبخرة بمساعدة حرارة الشمس.

4- ما ذكر عن العزل بالبارالويد 72 B للتماثيل ليس مناسبًا فى هذه الحالة لأن البارالويد عبارة عن حبيبات خرز تذوب إمّا فى مادة الأسيتون السريعة التطاير وإمّا فى مادة التراي كلوروإيثلين البطيئة التطاير وفى كلتا الحالتين إذا كانت نسبة المحلول ٢% مثلآ فأثناء الاستخدام تتحول إلى نسبة أعلى تركيزًا وهى فى الوعاء أو بالفرشاة بسبب الجو وقد يصل التركيز اإلى ٤ أو ه %.

وفى هذه الحالة أثناء الدهان يتكون طبقة فيلم على السطح ولمعة ثم بمرور وقت ليس بطويل يؤدى إلى تقشر لمادة العزل خاصة شدة حرارة الشمس فترة النهار والرطوبة ليلآ والفرق فى الدرجة وهى إحدى عوامل التلف مع الأتربة وعوادم السيارات وتلامس أيدى الزائرين وأضف إلى ذلك عدم وجود مسام للمعدن إلا فى الأماكن الهشة أو الضعيفة .

5- الباتينا التى تتكون على سطح البرونز على فترات زمنية من التفاعلات الجوية تحافظ على السطح وتعطية الأثرية والقدم.

6 – الكحول مع الماء بنسبة 1 : 1 لتطرية الأتربة المتكلسة أو العزل بعد أعمال التنظيف ويوجد أكثر من مادة شفافة من أصل معدنى مجربة ولا تعطى لمعة بل تعطى صقل السطح

   

مقالات ذات صلة