ألقى المستشار أحمد سعيد خليل رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب كلمة أثناء مشاركته في افتتاح الدورة السادسة للملتقى السنوي لرؤساء إدارات المخاطر في المصارف العربية، والمنعقد في الفترة من 4 وحتى 6 أكتوبر 2024، بمدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية، والذي ينظمه اتحاد المصارف العربية، والبنك المركزي المصري، واتحاد بنوك مصر.
وأكد على الدور الهام الذي يلعبه اتحاد المصارف العربية في دعم الروابط وتوثيق أواصر التعاون بين البنوك العربية تحقيقًا لمصالحها المشتركة، فضلًا عن دوره في تطوير العمل المصرفي والتمويلي في دول المنطقة، الأمر الذي يسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في تلك الدول.
وسلط الضوء على التطورات العديدة التي يشهدها العالم حاليًا، وما نتج عنها من تحالفات جيوسياسية اقتصادية الجديدة، ما يؤثر بشكل واضح على الاقتصادات العالمية، بما في ذلك اقتصاد المنطقة العربية.
ونوه رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب عن استغلال المجرمين لما يحدث في المنطقة من خلال ارتكابهم المزيد من الجرائم التي ينتج عنها تدفقات مالية غير مشروعة، الأمر الذي يتطلب ذلك تعزيز الجهود في مكافحة الجرائم المالية، بما في ذلك غسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ فمع تصاعد الضغوط الاقتصادية، تزداد فرص استغلال الأوضاع من قِبَل الجماعات الإجرامية، مما يستوجب منا اتخاذ تدابير فعالة لضمان استقرار وشفافية القطاع المصرفي.
وأكد على إيلاء جمهورية مصر العربية أهمية بالغة لتحديد وتقييم وفهم مخاطر غسل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بها وتمويل الإرهاب التي تواجهها؛ بواسطة تطبيق منهج قائم على المخاطر لضمان تناسب تدابير منع غسل الأموال وتمويل الإرهاب أو تخفيفها مع المخاطر التي تم تحديدها وذلك في ضوء المعايير الدولية ذات الصلة وكذا التوصيات الصادرة عن مجموعة العمل المالي.
وأوضح أن جمهورية مصر العربية قد اعتمدت في عام 2019 أول تقرير لها حول تقييم مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب وأنه يتم تحديث هذا التقرير بصورة دورية، وذلك بمشاركة كافة الجهات الوطنية؛ سعيًا نحو تحديد وتقييم تهديدات الجرائم المالية ونقاط الضعف والعواقب ذات الصلة بالقطاعات المختلفة؛ كما أشار إلى قيام مصر من خلال التنسيق والتعاون بين كافة الأطراف المعنية، بوضع وتحديث الاستراتيجية الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ والتي تتميز بالمرونة وفقًا للمستجدات الدولية والمحلية كما تُعد خارطة طريق تسير وفقها منظومة المنع والمكافحة، بما يحقق الاستقرار المالي الذي ينعكس إيجابيًا على دعم الاقتصاد المصري كما يساعد على تحقيق أهداف التنمية.
وعلى صعيد آخر، أشار إلى التطور المطرد الذي يشهده المُجتمع البشري في مجال التكنولوجيا الرقمية وتطبيقاتها، والذي تستغله العديد من الدول في تطوير النظام المالي والمصرفي وتحوله نحو الرقمنة، وأضاف إلى أنه وعلى الرغم مما يحمله قطاع التكنولوجيا المالية من وعودًا هائلة للنمو، إلا أنه يواجه أيضًا نصيبه من التحديات؛ حيث أن التزايد المستمر في القدرات التكنولوجية يرتفع معه مستويات مخاطر الجرائم السيبرانية التي تشكل تهديدًا حقيقيًا ومتزايدًا. وعليه، يظل ضمان الأمن السيبراني وحماية المعاملات الرقمية هو التحدي الأكبر الذي يواجه المجتمع الدولي؛ إذ تشير التقارير الدولية إلى تقدم معدلات الجرائم السيبرانية، لا سيما هجمات برامج الفدية وعمليات الاحتيال عبر الإنترنت، لتكون أكثر الجرائم تهديدًا بالمستقبل.
وتناول جهود مصر في هذا المجال، إذ تم تطوير وتحديث الضوابط الرقابية بما يتناسب مع المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، كذلك قامت وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية بوضع إجراءات العناية الواجبة بالعملاء والتحقق من التزام المؤسسات المالية وأصحاب المهن والأعمال غير المالية بها بالتنسيق مع السلطات الرقابية، وذلك للتأكد من وجود فهم كافٍ لكافة العملاء، بما يشمل تحديد المستفيد الحقيقي.
ومن ناحية أخرى، وفيما يتعلق بالجوانب ذات الصلة بتغير المناخ، أشار إلى أن الجرائم البيئية تؤدي إلى آثار سلبية لا تقتصر فقط على البيئة، بل تمتد لتشمل النظام المالي ككل؛ حيث تتداخل الجرائم البيئية بشكل كبير مع جريمة غسل الأموال، إذ تُستخدم العائدات المتحصلة من الأنشطة البيئية غير المشروعة في جرائم غسل الأموال. ويمثل هذا التداخل تحديًا كبيرًا للجهات الرقابية والمالية، حيث يتطلب الأمر استراتيجيات دقيقة لمكافحة هذه الأنشطة.
وفي ختام كلمته، أكد أن مواجهة المخاطر وحالة عدم اليقين التي يتم التعرض لها، يتطلب التنسيق والتعاون، ليس على المستوى المحلي فقط، وإنما على المستوى الإقليمي والدولي، إذ تساهم المنظمات الدولية في إصدار التوصيات، بناءً على دراسة أفضل الممارسات، بغرض ضمان سلامة النظام المالي والمصرفي.