بأقلامهم

“اللواء الدكتور سمير فرج “يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” : مصر وتركيا الى أين؟!

في يوم 13 سبتمبر، 2024 | بتوقيت 10:30 مساءً

خلال ثلاث سنوات عملت فيها ملحقاً عسكرياً في العاصمة أنقرة في تركيا واعتقد انني اقتربت طويلا وكثيراً من الشعب التركي في تلك الفترة. فلقد كنت عميد السلك الدبلوماسي العسكري. وتقريباً كنت اذهب الى مطار انقرة مرتين أسبوعياً. لأكون في صف استقبال كبار الزوار لتركيا من الملوك والرؤساء. وبجانب السفير الصيني عميد السلك الدبلوماسي الذي قضى هناك عشر سنوات ويتقن اللغة التركية مثل الأتراك تماماً.

لذلك كانت لي صداقات كثيرة مع كل الوزراء وكبار رجال الدولة. خاصة أن تلك الفترة كانت استمراراً للفترة الأتاتوركية في تاريخ تركيا الذي كان للعسكريين مكانة أكبر فيه فلقد كان ترتيب رئيس أركان الجيش التركي قبل رئيس الوزراء. ولكن بعد مجيء الرئيس ديمريل وأصبح رئيساً للدولة جعل رئيس الأركان بعد رئيس الوزراء. وأيام كان اردوغان رئيس بلدية إسطنبول.

وبعد مغادرتي تركيا عاد الحكم الإسلامي هناك بوصول نجم الدين أربكان. رئيس حزب الرفاه الإسلامي وكان أردوغان عضواً بالحزب ولكن بعدها قام أردوغان بإنشاء حزب العدالة والتنمية (AKP) ليكون الحزب الديني الإسلامي الذي تولى زمام البلاد وتراجعت قبضة العصر الأتاتوركي في تركيا حتى الآن.

وخلال وجودي في تركيا. شاهدت بنفسي مدى حب الشعب التركي لمصر والآثار الموجودة في تركيا الآن شاهدة على ذلك. فان مسجد السلطان أحمد أحد معالم تركيا. صنعه وبناه العمال المصريين. وهو نسخة من جامع محمد علي في القلعة. ولكن على مساحة اكبر.

كما أن السوق المغطى. وهو أكبر الاسواق السياحية في إسطنبول. أقامه الصناع المصريين. وهو أيضا نسخة مقلدة من خان الخليلي الموجود في القاهرة. ولكن على مساحة أكبر أما أهم سوق تجاري شعبي في إسطنبول فهو سوق مصر بنفس الاسم وله ميناء على مضيق البسفور عندما كان عصر الإمبراطورية العثمانية كانت تصل الغلال والمنتجات من مصر إلى السوق مباشرة وهو يماثل في مصر سوق العتبة.

أما الشعب التركي فهو يعشق الشعب المصري والجميع يذكر عندما جاء الشيخ عبد الباسط عبدالصمد المقرئ المشهور ليقرأ القرآن في جامع السلطان أحمد في شهر رمضان. كان هناك يومياً 2 مليون تركي في الشوارع حول جامع السلطان أحمد يستمعون الى صوت الشيخ عبد الباسط حتى صلاة الفجر.

وجاءت زيارة الرئيس السيسي لفتح صفحة جديدة في العلاقات التي سادها عدم الاستقرار في السنوات الماضية. وكان قرار الرئيس أردوغان باستقبال الرئيس السيسي في مطار انقرة بنفسه مخالفاً لكل الأعراف والتقاليد السابقة أن الرئيس التركي يستقبل ضيفه في القصر الرئاسي في شنكاية. وطبقاً لمعلوماتي أن الرئيس السيسي لم يعلم بوجود الرئيس أردوغان في المطار إلا قبل هبوط الطائرة بدقائق لتكون تعبيراً عن مدى حفاوة استقبال الرئيس المصري في أنقرة.

ولقد كانت أولى نتائج الزيارة الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي المصري التركي. ليكون شكلاً جديداً للعلاقات المصرية التركية في الفترة القادمة.

وأعتقد أنه عندما يتم رفع التبادل التجاري بين البلدين الى ما قيمته 15 مليار دولار. هو تطور كبير في العلاقات بين مصر وتركيا. خاصة قرار ازالة العوائق أمام المستثمرين.

كذلك جاء قرار مواصلة الحوار السياسي والدبلوماسي وتوسيع التشاور في المجال العسكري والامني وهو أمر مهم للغاية وأن كان لم يتم شرح تفاصيله حتى الآن إلا أنه من الواضح سيكون له تأثير كبير على التعاون في هذا المجال في المرحلة القادمة.

وجاء قرار تطابق الفكر المصري والتركي مهماً جداً في القضايا الراهنة وأولها المشكلة الفلسطينية والأحداث في غزة.

وجاء توقيع الطرفان على مذكرات تفاهم في مجالات المالية والبيئة والعمران والصحة والطاقة والطيران المدني والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتعليم العالي.

وبناء القدرات في مجال السكة الحديد وتدريب الدبلوماسيين كلها مجالات مشتركة للدولتين المصرية والتركية.

وفي مجالات التعاون في التصدي للإرهاب أعتقد أن تركيا تحتاج إلى الخبرة المصرية في ذلك المجال. وفيما يخص ليبيا جاء التأكيد على الدور الكبير لهذه الدول على تيسير مهمة مندوب الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في ليبيا. كذلك السودان والعراق والتأكيد على سيادة البلدان في كافة المجالات.

ولعل اهم ما جاء في هذا البيان الاتفاق على ضرورة انهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وأعتقد أن كلمات الرئيس السيسي وأردوغان جاءت معبرة عن تطلعات كل منهما لبدء فترة جديدة في العلاقات. لصالح مصر وتركيا في الفترة المقبلة.

وأتذكر خلال وجودي في الولايات المتحدة منذ فترة عندما قابلت السيد ارميتاج أحد أعضاء مجلس الدفاع القومي الأمريكي المكون من17 عضواً وكنا نتحدث عن الأوضاع في الشرق الأوسط. وذكر خلال اللقاء أنه كان عائداً لتوه من تركيا.

حيث تقابل مع الرئيس أردوغان وكان مكلف بإبلاغه بعدم موافقة أمريكا على قيام تركيا بغزو شمال سوريا واستطرد أن الحديث تطرق مع أردوغان بعد ذلك عن الموقف في الشرق الأوسط. وسأله لماذا العلاقات سيئة بينك ومع مصر؟ مع أن الرئيس السيسي لم يهاجم تركيا أبداً.

وأنت بدأت بتعكير هذه العلاقات وأنتم ومصر أقوى دولتين في المنطقة ويجب أن تكون بينكما علاقات قوية مستقرة لصالح أمن واستقرار الشرق الأوسط ويومها أعترف أردوغان بأنه مخطئ وأنه سوف يعمل في القريب العاجل على عودة العلاقات مع مصر لطبيعتها وأن الأجهزة المختصة سوف تعمل على التمهيد والإعداد لذلك التقارب.

وهنا أتذكر يوم تقديم السفير محمد الديواني أوراق اعتماده كسفير مصري الى الرئيس التركي تورجت اوزال. وكنت موجوداً في هذا اللقاء. وبعد تقديم أوراق الإعتماد أصر الرئيس تورجت على أن يلتقي بالسفير المصري الجديد بالطبع كنت معه.

ويومها تحدث الرئيس التركي أن الشعب التركي يكن كل الحب والتقدير للشعب المصري ورئيسه. وإن تركيا ومصر أهم دولتين في المنطقة. وشاد بما حدث الأيام الماضية خلال حرب تحرير الكويت من الذي قدم الدعم لأمريكا ولدول أوروبا في المشاركة في تحرير الكويت هي مصر وتركيا.

لذلك يجب أن يظل التعاون بينهما قوياً. لأننا مفتاح الأمن والأمان في الشرق الأوسط. وحتى إسرائيل التي هي طفل أمريكا المدلل في المنطقة لكن لا يمكن أن تفعل شيئاً تظل مصر هي أساس التوازن في الشرق الأوسط.

واعتقد أن حديثة كان سليماً وهكذا تعود البلدان مصر وتركيا ليكونا رمانة الميزان في الشرق الأوسط. وتعود العلاقات كما كانت من قبل لصالح مصر وتركيا ودول العالم كله.

كاتب المقال

اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج

Email: [email protected]

واحداً من أهم أبناء القوات المسلحة المصرية.

ولد في 14 يناير في مدينة بورسعيد، لأب وأم مصريين.

تخرج، سمير فرج، من الكلية الحربية عام 1963.

والتحق بسلاح المشاة، ليتدرج في المناصب العسكرية حتى منصب قائد فرقة مشاة ميكانيكي.

تخرج من كلية أركان حرب المصرية في عام 1973.

والتحق بعدها بكلية كمبرلي الملكية لأركان الحرب بإنجلترا في عام 1974، وهي أكبر الكليات العسكرية في المملكة البريطانية،وواحدة من أكبر الكليات العسكرية على مستوى العالم.

فور تخرجه منها، عُين مدرساً بها، ليكون بذلك أول ضابط يُعين في هذا المنصب، من خارج دول حلف الناتو، والكومنولث البريطاني.

تولى، اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج، ، العديد من المناصب الرئيسية في القوات المسلحة المصرية، منها هيئة العمليات، وهيئة البحوث العسكرية. وعمل مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً بكلية القادة والأركان. كما عين مديراً لمكتب مدير عام المخابرات الحربية ورئاسة إدارة الشئون المعنوية.

تتلمذ على يده العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة، إبان عمله مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً في كلية القادة والأركان المصرية.

لم تقتصر حياته العملية، على المناصب العسكرية فحسب، وإنما عمل، سمير فرج، بعد انتهاء خدمته العسكرية، في العديد من المناصب المدنية الحيوية، ومنها وكيل أول وزارة السياحة، ورئيس دار الأوبرا المصرية، ومحافظ الأقصر. ويشغل حالياً منصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة NatEnergy.

وله العديد من الكتب والمؤلفات العسكرية، خاصة فيما يخص أساليب القتال في العقيدة الغربية العسكرية. كما أن له عمود أسبوعي، يوم الخميس، في جريدة الأهرام المصرية ومقال أسبوعى يوم السبت فى جريدة أخبار اليوم.