في ظل التحديات البيئية الكبيرة التي يواجهها العالم اليوم، وخاصة تلك المتعلقة بالتغير المناخي والاحتباس الحراري، أصبح من الضروري لكل دولة أن تتخذ خطوات فعالة لمتابعة الانبعاثات الكربونية وتنسيق جهودها في الحد منها.
أحد الحلول الأكثر فاعلية لتحقيق هذا الهدف هو إنشاء وحدات مناخية متخصصة داخل كل وزارة وهيئة حكومية، بحيث تكون مسؤولة عن متابعة الانبعاثات في كل قطاع، وتحليل البيانات المتعلقة بها، واقتراح السياسات اللازمة للحد منها.
أهمية وحدات المناخ داخل الوزارات والهيئات
وجود وحدات متخصصة في كل وزارة أو هيئة حكومية لمتابعة الانبعاثات ليس فقط مجرد إجراء تنظيمي، بل هو ضرورة قصوى لتحقيق الأهداف الوطنية والدولية في مجال الحد من التغير المناخي. هذه الوحدات تلعب أدواراً متعددة ومهمة تشمل:
1.متابعة الأداء المناخي لكل وزارة أو هيئة: كل قطاع حكومي ينتج عنه نوع معين من الانبعاثات سواء في الصناعة أو النقل أو الزراعة أو الطاقة. وجود وحدة مناخية في كل وزارة يساعد على مراقبة الانبعاثات الخاصة بكل قطاع بشكل دقيق ومستمر.
2.تحليل البيانات وتقديم التقارير: الوحدات المناخية تتولى مسؤولية جمع البيانات المتعلقة بالانبعاثات وتحليلها بهدف تحديد المشكلات ووضع حلول مبتكرة للحد من هذه الانبعاثات. تقديم تقارير دورية حول أداء كل قطاع يعتبر خطوة مهمة لتقييم النتائج واتخاذ القرارات المناسبة.
3.التنسيق مع القطاعات المختلفة: الوحدات المناخية تعمل على تنسيق الجهود بين القطاعات المختلفة. على سبيل المثال، يمكن لوزارة النقل أن تتعاون مع وزارة الصناعة أو الطاقة من أجل تحسين السياسات التي تؤثر على انبعاثات الغازات الدفيئة.
4.تحقيق الأهداف الدولية: التزمت الكثير من الدول بأهداف دولية للحد من الانبعاثات، مثل اتفاقية باريس للمناخ. وجود وحدات مناخية في كل وزارة يضمن أن الحكومة تعمل على تحقيق هذه الأهداف بطريقة منظمة ومدروسة.
أهمية وجود نظام MRV وطني لجمع وتنسيق المعلومات
إلى جانب أهمية وجود وحدات مناخية داخل الوزارات، يعتبر بناء نظام وطني لمتابعة وتوثيق المعلومات عن الانبعاثات، والمعروف باسم MRV (القياس، الإبلاغ، والتحقق) خطوة حيوية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ما هو نظام MRV؟
نظام MRV هو إطار عمل يستخدم لقياس الانبعاثات، الإبلاغ عنها، والتحقق من دقتها. يتيح هذا النظام للحكومات متابعة أداء القطاعات المختلفة فيما يتعلق بالانبعاثات والتأكد من أن كل قطاع يلتزم بالسياسات والخطط الموضوعة للحد من الانبعاثات.
فوائد نظام MRV الوطني
1.جمع معلومات دقيقة وشاملة: نظام MRV يعتمد على تكنولوجيا متقدمة مثل أجهزة الاستشعار والذكاء الاصطناعي لجمع بيانات دقيقة حول الانبعاثات. هذه المعلومات تعتبر حجر الأساس لاتخاذ قرارات دقيقة.
2.الشفافية والمصداقية: من خلال تطبيق نظام MRV، يمكن للجهات الحكومية تقديم تقارير دقيقة وموثوقة عن الانبعاثات. هذه التقارير تساعد على تعزيز الشفافية والمصداقية على المستوى الوطني والدولي.
3.تحسين صنع القرار: وجود بيانات موثوقة يساهم بشكل كبير في تحسين عملية اتخاذ القرار. من خلال تحليل البيانات التي يتم جمعها عبر نظام MRV، يمكن للحكومة اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن السياسات المناخية والبيئية.
4.تعزيز التعاون الدولي: نظام MRV يساعد الحكومات على التعاون بشكل أكثر فعالية مع المنظمات الدولية والالتزام بالاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية باريس. البيانات الموثوقة التي يتم جمعها من خلال MRV تعتبر أداة قوية لتعزيز الثقة والتعاون بين الدول.
5.تحقيق الأهداف الوطنية: من خلال تطبيق نظام MRV بشكل صحيح، يمكن للحكومة ضمان أنها تلتزم بخططها الوطنية لتقليل الانبعاثات وتحقق أهدافها المتعلقة بالمناخ.
التحديات والحلول
رغم الفوائد العديدة لإنشاء وحدات مناخية وتطبيق نظام MRV وطني، هناك بعض التحديات التي يجب مواجهتها:
1.نقص التمويل: إنشاء وحدات مناخية وتطبيق نظام MRV يتطلب استثمارات كبيرة في التكنولوجيا والموارد البشرية. الحل هو توفير ميزانيات كافية ودعم مالي من الجهات الدولية المانحة.
2.التنسيق بين القطاعات: أحياناً قد يكون من الصعب تنسيق الجهود بين الوزارات المختلفة. الحل هنا يكمن في إنشاء آلية تنسيق قوية تعتمد على تبادل البيانات والتعاون المستمر.
3.التوعية والتدريب: يحتاج العاملون في الوحدات المناخية إلى تدريب مستمر لتطبيق أحدث التقنيات في جمع وتحليل البيانات. الحل هو تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية متخصصة.
الخاتمة
إن بناء وحدات مناخية داخل الوزارات والهيئات، إلى جانب إنشاء نظام MRV وطني، يمثل خطوة أساسية لتحقيق الأهداف المناخية لأي دولة. هذه الأدوات تساعد الحكومات على مراقبة الانبعاثات بشكل أكثر دقة وشفافية، مما يعزز القدرة على اتخاذ قرارات أفضل وتحقيق التزاماتها الدولية NDC . ومن خلال جمع البيانات الدقيقة والتحقق منها بطرق علمية موثوقة، يمكن لكل دولة أن تلعب دوراً ريادياً في الحد من التغير المناخي وتحقيق التنمية المستدامة.
وإلى لقاء ومقال أخر بإذن الله تعالى
كاتب المقال
علاء خليفة
رئيس مجلس إدارة شركة “خبراء الديجيتال لاستراجيات التسويق الحديث ” في الإمارات ومصر،
رئيس مجلس إدارة شركة EGY TRACE – ايجيتريس الدولية لتقنيات وحلول أنظمة التحقق والرؤية الحاسوبية وأنظمة وحلول الواقع المعزز.
محاضر دولي وخبير في وضع استراتيجيات التسويق الدوليه للمقاصد العالمية.
يمتلك خبرة واسعة في مجال التسويق والتكنولوجيا المتقدمة والبلوك تشين، وأنظمة الرؤية الحاسوبية، والذكاء الاصناعي، وكذلك أنظمة قياس وتتبع وتقارير الانبعاثات الكربونية وفقًا لاتفاقية ال CBAM
الخبير التسويقى الدولى ” علاء خليفة ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” : ضريبة الكربون والتخفيف عن التحديات البيئية