الخبير الدولى ” علاء خليفة ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” : انتشار اتفاقية الـ CBAM.. خطوة هامه نحو الحد من الانبعاثات الكربونيه ” شهادات ائتمان الكربون “

في ظل التحديات البيئية المتزايدة، بات من الواضح أن العالم بحاجة إلى حلول جذرية وفعالة للحد من الانبعاثات الكربونية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. من بين هذه الحلول تأتي اتفاقية “آلية تعديل حدود الكربون” أو ما يُعرف بالـ CBAM (Carbon Border Adjustment Mechanism)، التي تُعد إحدى الأدوات الهامة التي تبنتها العديد من الدول الاروبيه في السنوات الأخيرة ،وحاليا سوف تطبقها عده دول خارج الاتحاد الاروبي

مفهوم اتفاقية الـ CBAM

هناك لغط كبير وعدم فهم لافاقية CBAM من صدورها ، احب ان وضح ان هي آلية تُطبق على واردات الدول بهدف معادلة تكاليف الكربون التي تتكبدها الصناعات المحلية في مواجهة المنتجات المستوردة. بمعنى آخر، تسعى هذه الآلية إلى فرض ضريبة كربونية على المنتجات التي تُنتج في دول ذات لوائح بيئية أقل صرامة، مقارنة بالدول المستوردة، ما يضمن التنافسية العادلة ويحد من تسرب الكربون.

أهمية CBAM في الحد من الانبعاثات الكربونية

تأتي أهمية CBAM من دورها في تعزيز الجهود العالمية للحد من الانبعاثات الكربونية. إذ تُحفز هذه الآلية الصناعات في مختلف الدول على تبني ممارسات إنتاجية أكثر استدامة، للامتثال للمعايير البيئية المفروضة من قبل الدول المستوردة. كما تساهم في تحقيق التوازن بين التكاليف التي تتحملها الصناعات المحلية والمتطلبات البيئية، مما يُقلل من الفجوة بين الدول في تطبيق اللوائح البيئية.

في المرحلة الأولى من تطبيق اتفاقية CBAM، تركزت الجهود على خمس صناعات رئيسية، وهي:

1.صناعة الحديد والصلب

صناعة الحديد والصلب تُعتبر واحدة من أكثر الصناعات كثافة في استخدام الطاقة وإصدار الانبعاثات الكربونية. يتم تطبيق اتفاقية CBAM على هذه الصناعة لضمان أن تكاليف الكربون تتضمن جميع الانبعاثات الناتجة عن العمليات الإنتاجية المختلفة.

2.صناعة الأسمنت

صناعة الأسمنت، التي تُعد جزءًا لا يتجزأ من قطاع البناء، تُعتبر من أكبر المصادر لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون. اتفاقية CBAM تهدف إلى تحفيز هذه الصناعة على تبني تقنيات إنتاجية أكثر استدامة.

3.صناعة الألمنيوم

الألمنيوم هو مادة أساسية في العديد من الصناعات، ولكن إنتاجه يتطلب كميات كبيرة من الطاقة، مما يؤدي إلى انبعاثات كربونية كبيرة. من خلال تطبيق CBAM، يتم ضمان أن تكاليف الكربون تُعكس في الأسعار النهائية للمنتجات.

4.صناعة الأسمدة

صناعة الأسمدة تلعب دورًا حيويًا في الزراعة، لكنها أيضًا مصدر رئيسي للانبعاثات الكربونية. تطبيق CBAM على هذه الصناعة يهدف إلى تقليل التأثير البيئي من خلال تشجيع استخدام تقنيات أقل انبعاثًا للكربون.

5.صناعة الكهرباء

صناعة توليد الكهرباء، خاصة تلك التي تعتمد على الوقود الأحفوري، هي واحدة من أكبر المصادر للانبعاثات الكربونية. تطبيق CBAM هنا يهدف إلى تحفيز التحول إلى مصادر طاقة نظيفة ومتجددة.

تطبيق نطاقات الانبعاثات (Scope 1, Scope 2, Scope 3)

بالنسبة لهذه الصناعات، يتم تطبيق CBAM مع مراعاة جميع نطاقات الانبعاثات:

‏ •Scope 1: يشمل الانبعاثات المباشرة الناتجة عن الأنشطة الصناعية، مثل حرق الوقود في الأفران والمصانع.

‏ •Scope 2: يشمل الانبعاثات غير المباشرة الناتجة عن استهلاك الكهرباء والطاقة المشتراة المستخدمة في تشغيل المنشآت الصناعية.

‏ •Scope 3: يشمل الانبعاثات غير المباشرة الأخرى عبر سلسلة التوريد بأكملها، بما في ذلك استخراج المواد الخام، النقل، واستخدام المنتجات بعد البيع.

تطبيق CBAM مع مراعاة هذه النطاقات يضمن أن التكاليف الكربونية تُحتسب بشكل شامل، مما يعزز من جهود الحد من الانبعاثات عبر كامل سلسلة القيمة لهذه الصناعات.

أهمية وجود نظام MRV للتحقق من الانبعاثات

من العوامل الرئيسية لضمان فعالية تطبيق اتفاقية CBAM هو وجود نظام قياس، تقرير، والتحقق (MRV) للانبعاثات الكربونية. يعتبر نظام MRV أداة حيوية لضمان دقة البيانات المتعلقة بالانبعاثات، حيث يسمح بجمع وتحليل البيانات بشكل منهجي وشفاف، مما يساعد على تتبع الالتزامات البيئية وتقييم الأداء الفعلي للشركات والصناعات.

نظام MRV يسهم في توفير البيانات اللازمة لإصدار شهادات الكربون التي يمكن تداولها في الأسواق العالمية. تداول شهادات الكربون يمثل أحد الأدوات الاقتصادية الهامة لتحفيز الشركات على تقليل انبعاثاتها، حيث تتيح هذه الشهادات للشركات التي تحقق تخفيضات في الانبعاثات بيعها للشركات التي تحتاج إلى تعويض انبعاثاتها.

وبالتالي، يضمن نظام MRV دقة وموثوقية هذه الشهادات، مما يعزز من الثقة في الأسواق العالمية لتداول الكربون.

البصمة الكربونية المصرية والتزام NDC المصري

على الصعيد الوطني، تُعتبر البصمة الكربونية المصرية من المواضيع ذات الأهمية الكبرى. تعد مصر واحدة من الدول التي تواجه تحديات بيئية كبيرة، خاصة في ظل النمو السكاني السريع والتوسع الصناعي. ولهذا، يعتبر الالتزام المصري بالتقليل من الانبعاثات في إطار المساهمات المحددة وطنياً (NDC) جزءاً حيوياً من استراتيجية الدولة للحد من التغير المناخي.

تُبرز المساهمات المحددة وطنياً (NDC) لمصر التزامها بتخفيض الانبعاثات وتحقيق التنمية المستدامة، من خلال تطبيق تقنيات حديثة وفعالة في مختلف القطاعات، وخاصة في قطاع الكهرباء، النقل، والغاز والبترول. هذا الالتزام لا يعزز فقط من مكانة مصر على الساحة الدولية كمساهم في الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي، بل يساهم أيضاً في تحسين جودة الحياة للمواطنين وتقليل التكاليف الاقتصادية الناتجة عن آثار التغير المناخي.

الانبعاثات المصرية من قطاع النقل والتحول إلى الطاقة النظيفة

يُعتبر قطاع النقل في مصر من أكبر المساهمين في الانبعاثات الكربونية، حيث يشمل هذا القطاع جميع وسائل النقل البري والبحري والجوي. مع النمو السكاني المتزايد والتوسع الحضري، ارتفعت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن النقل بشكل كبير. يعتمد معظم النقل في مصر على الوقود الأحفوري، مثل البنزين والديزل، مما يؤدي إلى إطلاق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون (CO2) والملوثات الأخرى.

التحول إلى الطاقة النظيفة

في إطار جهود مصر للحد من الانبعاثات الكربونية وتحقيق التنمية المستدامة، تسعى الدولة إلى التحول نحو استخدام الطاقة النظيفة والمتجددة في قطاع النقل. تتضمن هذه الجهود عدة مبادرات رئيسية، منها:

1.تطوير وسائل النقل العام الصديقة للبيئة

تسعى الحكومة المصرية إلى توسيع شبكة المواصلات العامة، مثل المترو والقطارات الكهربائية، وتقليل الاعتماد على وسائل النقل الفردية. هذا التحول يسهم بشكل كبير في تقليل الانبعاثات الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري.

2.تشجيع استخدام السيارات الكهربائية

تمثل السيارات الكهربائية بديلاً واعدًا للسيارات التقليدية التي تعمل بالوقود الأحفوري. تعمل الحكومة المصرية على تشجيع استيراد وتصنيع السيارات الكهربائية محليًا، بالإضافة إلى توفير البنية التحتية اللازمة مثل محطات شحن السيارات الكهربائية.

3.التحول إلى النقل البحري والجوي الأكثر كفاءة

تشهد مصر أيضًا جهودًا لتحسين كفاءة النقل البحري والجوي من خلال تبني تقنيات أكثر استدامة واستخدام الوقود الحيوي وتقليل استهلاك الوقود الأحفوري.

ضرورة نشر ثقافة شراء شهادات الكربون لتعويض الانبعاثات

بالإضافة إلى التحول إلى الطاقة النظيفة، فإن نشر ثقافة شراء شهادات الكربون أصبح ضروريًا في مصر لتعويض الانبعاثات الكربونية التي لا يمكن التخلص منها بشكل مباشر. تمثل شهادات الكربون أداة فعالة تمكن الأفراد والشركات من المساهمة في تمويل مشاريع تقليل الانبعاثات مثل مشاريع الطاقة المتجددة أو إعادة التشجير.

أهمية شراء شهادات الكربون:

1.تحقيق التوازن الكربوني

من خلال شراء شهادات الكربون، يمكن للأفراد والشركات تعويض الانبعاثات التي يسببونها، مما يساعد على تحقيق توازن في الانبعاثات وبالتالي المساهمة في حماية البيئة.

2.تشجيع الاستثمار في المشاريع البيئية

تعزز شهادات الكربون الاستثمارات في مشاريع التقنيات النظيفة التي تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، مثل مشاريع الطاقة الشمسية أو الرياح.

3.تعزيز المسؤولية الاجتماعية

تعكس المشاركة في شراء شهادات الكربون التزام الشركات والأفراد بالمسؤولية الاجتماعية والمساهمة في الجهود الوطنية والعالمية لمكافحة تغير المناخ.

الخاتمة

في النهاية، تُعد اتفاقية CBAM خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة البيئية وتعزيز الجهود العالمية للحد من التغير المناخي. ومع استمرار تبني الدول لهذه الآلية وتطوير قوانينها، يمكن أن نرى تأثيرًا إيجابيًا أكبر على البيئة والاقتصاد العالمي. كما أن وجود نظام MRV فعال، إلى جانب الالتزام الوطني بتقليل الانبعاثات الكربونية، سيساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وضمان مستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة.

في رايي التحول نحو الطاقة النظيفة يمكن أن يحقق تحسينات كبيرة في هذا المجال. علاوة على ذلك، فإن تعزيز ثقافة شراء شهادات الكربون يمكن أن يلعب دورًا محوريًا في تعويض الانبعاثات والمساهمة في حماية البيئة

وإلى مقال جديد

كاتب المقال 

علاء خليفة

رئيس مجلس إدارة شركة “خبراء الديجيتال لاستراجيات التسويق الحديث ” في الإمارات ومصر،

رئيس مجلس إدارة شركة EGY TRACE – ايجيتريس الدولية لتقنيات وحلول أنظمة التحقق والرؤية الحاسوبية وأنظمة وحلول الواقع المعزز.

محاضر دولي وخبير في وضع استراتيجيات التسويق الدوليه للمقاصد العالمية.

يمتلك خبرة واسعة في مجال التسويق والتكنولوجيا المتقدمة والبلوك تشين، وأنظمة الرؤية الحاسوبية، والذكاء الاصناعي، وكذلك أنظمة قياس وتتبع وتقارير الانبعاثات الكربونية وفقًا لاتفاقية ال CBAM