بأقلامهم

اللواء الدكتور سمير فرج ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز “: الاستراتيجية والأمن القومي .. وجهان لعملة واحدة

في يوم 4 سبتمبر، 2024 | بتوقيت 8:18 مساءً

“الاستراتيجية والأمن القومي وجهان لعملة واحدة”، هو عنوان أحدث كتبي، الذي صدر الأسبوع الماضي، من الهيئة المصرية العامة للكتاب، والذي بدأت في كتابته، منذ فترة، بهدف إتاحته كمرجع لكل الباحثين، المهتمين بمجالات الاستراتيجية والأمن القومي، خاصة في ضوء ما يشهده عالمنا الحديث والمعاصر، من تغير في الاتجاهات وما يترتب عليها من أحداث ومواقف، بما يجعل الكثيرون يتساءلون، عن استراتيجيات الدول، وعلى رأسهم مصرنا الحبيبة، وعن أبعاد الأمن القومي المصري، في الفترة الحالية؟

ومن خلال هذا الكتاب، حاولت الإجابة عن تلك التساؤلات، حيث تحدثت في الفصل الأول عن موضوع الاستراتيجية وعلم التخطيط، مستعرضاً مفهوم الاستراتيجية العليا والعسكرية، مع توضيح لمفهوم الأهداف الاستراتيجية، ووسائل تحقيقها. ثم تناولت في الفصل الثاني بعنوان “الأمن القومي مصطلح لكل العصور”، الذي يُفسّر بأنه قدرة الدولة على حماية نفسها من التهديدات الداخلية أو الخارجية، خاصة بعد ظهور مفهوم قوة الدولة الشاملة، الذي يضم القوى الاقتصادية والسياسية والبشرية والقوى الناعمة، والأبعاد التاريخية والثقافية للدولة، وعلى رأسها، بالطبع، القوة العسكرية، التي أضيف لها، حديثاً، أبعاداً جديدة متمثلة في حروب الجيل الرابع والخامس.

ولقد استعرضت في هذا الكتاب تعريف، الأمن القومي المصري، ومجالاته المختلفة، سواء كان المجال السياسي أو العسكري أو مجال المعلومات، وأخيراً مجال القوى الناعمة، ثم استعرضت عناصر تهديد الأمن القومي لأي دولة، سواء كانت تهديدات سياسية أو داخلية أو خارجية، فضلاً عن تصنيفها كتهديدات اقتصادية، أو عسكرية، ولم أغفل تهديد التطرف الديني، الذي يقف وراء كافة العمليات الإرهابية، التي تطول مختلف دول العالم. ثم تناولت بصفة خاصة التهديدات الرئيسية للأمن القومي المصري، حالياً، التي تشمل دوائر الأمن القومي البعيدة، والدوائر الإقليمية، والدوائر الخطرة.

تناولت، بعد ذلك، الاتجاهات الاستراتيجية للأمن القومي المصري، والتي تشمل أربعة اتجاهات، جغرافية، وهي الاتجاه الاستراتيجي الشمالي شرقي، من ناحية سيناء، الذي كان بوابة تهديد مصر، عبر التاريخ، منذ الهكسوس وصولاً للإرهاب الديني المتطرف، وما بينهم من أحداث مستمرة في فلسطين المحتلة، خاصة قطاع غزة. أما الاتجاه الاستراتيجي الثاني فهو الاتجاه الغربي،

من ناحية ليبيا، التي صار عدم استقرار وضعها السياسي والاقتصادي والأمني، بعد رحيل القذافي، يمثل تهديداً للأمن القومي المصري. ويعُد ثالث الاتجاهات الاستراتيجية هو الجنوبي، من ناحية السودان وحوض نهر النيل، الذي أصبح يمثل تهديداً مباشراً، نتيجة عدم الاستقرار العاصف بتلك المنطقة. وأخيراً، الاتجاه الرابع، الشمالي، من ناحية البحر المتوسط، الذي لم يُشكل تهديداً يُذكر، إلا بعد اكتشافات الغاز الطبيعي في شمال مصر، وما نتج عنه من أطماع متمركزة في ذلك الاتجاه.

انتقلت، بعد ذلك، للحديث عن دوائر الأمن القومي القريبة، وأولها الدائرة الإفريقية، مستعيد بعض من تفاصيل الدور الكبير الذي لعبته مصر، منذ إنشاء الرئيس جمال عبد الناصر، لمنظمة الوحدة الإفريقية مع إثيوبيا والسودان، والتي كانت سبباً لازدهار العلاقات المصرية الإفريقية، التي أعادها الرئيس السيسي، لما كانت عليه، مع وصوله للحكم.

أما على مستوى الدوائر العربية، فجاءت دائرة حوض نهر النيل، التي يضم أحد عشرة دولة، وتعتبر أهم الدوائر المؤثرة على الأمن القومي المصري، حالياً، منذ سيطرة الحوثيون على مضيق باب المندب، وانعكاسات ذلك على الملاحة بقناة السويس. ثم تناولت في دوائر الأمن القريبة، ومنها دائرة البحر المتوسط، مستعرضاً الوثيقة التي الأمريكية، التي كشفت عن أن دولاً مطلة على البحر المتوسط، تطفو فوق بحيرة من الغاز الطبيعي.

وفي الفصل الرابع، تناولت قضية الإرهاب الذي يهدد الأمن القومي، لكل دول العالم، مستعرضاً أشكاله المتعددة؛ ومنها الإرهاب السياسي، الذي يتلاعب بمصير الشعوب، والاجتماعي، المرتكز على الأحوال الاقتصادية، للتمييز بين فئات المجتمع، والإرهاب العسكري المعتمد على استخدام القوة، لأحداث الخوف والفزع، بهدف تغيير نظم الحكم، والإرهاب الأيديولوجي المرتكز على مذهبين فكريين؛ الفوضى والتحرير الذاتي، تجاه الأعراف والتقاليد، بما قد يصل لحد الحرب.

وتتخذ العمليات الإرهابية صوراً متنوعة، منها الاغتيال السياسي، أو الاختطاف، أو قتل مجموعات من الأجانب، فضلاً عن عمليات خطف الطائرات، أو التدمير والتفجير باستخدام العربات المفخخة، أو العمليات الانتحارية. وحديثاً تعرفنا على الإرهاب التكنولوجي، المعني بنشر الشائعات والأكاذيب، من خلال شبكات الاتصال، أو اختراق أنظمة القيادة أو الأنظمة المصرفية.

وقد تعرضت في هذا الفصل للشكل الجديد من الحروب، وهي الحروب بالوكالة، التي تعد العمليات الإرهابية أحد اشكالها، ومن أمثلتها، ما شهدناه من دعم عناصر المجاهدين، في أفغانستان، لطرد الروس. كما عرضت نبذة عن تاريخ الجماعات الإرهابية، ومنها تنظيم القاعدة، وداعش، وفي النهاية وضحت جهود مصر، في عهد الرئيس السيسي، للتصدي للإرهاب في سيناء، ونجاحها في القضاء عليه، لتبدأ مرحلة التنمية، إيماناً بمقولة الرئيس السيسي بأن تأمين سيناء لن يكون إلا بتنميتها.

أما الفصل الخامس، فقد أوضحت فيه أهمية التسليح لتحقيق مفاهيم الأمن القومي، مشيداً، عن حق، بقرار الرئيس السيسي بتنويع مصادر السلاح، والذي كان سبباً في تبوأ مصر لمركزها العسكري، الحالي، كأقوى الدول العربية والإفريقية، وفقاً لتقرير مؤسسة جلوبال فاير باور، كما تطرقت إلى أحدث أسلحة الترسانات العسكرية، وهو الطائرات المسيرة، التي أحدثت ثورة في الفكر العسكري.

كانت تلك نبذة عن كتابي الصادر حديثاً، والذي أتمنى أن يكون فيه النفع، والفائدة، خاصة لشباب الباحثين في مجال الاستراتيجية والأمن القومي.

كاتب المقال

اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج

Email: [email protected]

واحداً من أهم أبناء القوات المسلحة المصرية.

ولد في 14 يناير في مدينة بورسعيد، لأب وأم مصريين.

تخرج، سمير فرج، من الكلية الحربية عام 1963.

والتحق بسلاح المشاة، ليتدرج في المناصب العسكرية حتى منصب قائد فرقة مشاة ميكانيكي.

تخرج من كلية أركان حرب المصرية في عام 1973.

والتحق بعدها بكلية كمبرلي الملكية لأركان الحرب بإنجلترا في عام 1974، وهي أكبر الكليات العسكرية في المملكة البريطانية،وواحدة من أكبر الكليات العسكرية على مستوى العالم.

فور تخرجه منها، عُين مدرساً بها، ليكون بذلك أول ضابط يُعين في هذا المنصب، من خارج دول حلف الناتو، والكومنولث البريطاني.

تولى، اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج، ، العديد من المناصب الرئيسية في القوات المسلحة المصرية، منها هيئة العمليات، وهيئة البحوث العسكرية. وعمل مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً بكلية القادة والأركان. كما عين مديراً لمكتب مدير عام المخابرات الحربية ورئاسة إدارة الشئون المعنوية.

تتلمذ على يده العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة، إبان عمله مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً في كلية القادة والأركان المصرية.

لم تقتصر حياته العملية، على المناصب العسكرية فحسب، وإنما عمل، سمير فرج، بعد انتهاء خدمته العسكرية، في العديد من المناصب المدنية الحيوية، ومنها وكيل أول وزارة السياحة، ورئيس دار الأوبرا المصرية، ومحافظ الأقصر. ويشغل حالياً منصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة NatEnergy.

وله العديد من الكتب والمؤلفات العسكرية، خاصة فيما يخص أساليب القتال في العقيدة الغربية العسكرية. كما أن له عمود أسبوعي، يوم الخميس، في جريدة الأهرام المصرية ومقال أسبوعى يوم السبت فى جريدة أخبار اليوم.