سياسة “الطبق الساخن”، أو “Hot Plate”، هي النظرية التي أطلقها كبير السياسيين، في العصر الحديث، هنري كيسنجر، أشهر من شغل منصب وزير الخارجية الأمريكية، وأهم مستشاري الرئيس الأمريكي للأمن القومي.
ولمن لا يعرف، فهنر كيسنجر لاجئ يهودي، هرب في طفولته مع عائلته من ألمانيا النازية، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وعاش فيها حتى أصبح وزيراً لخارجيتها، وحصل على جائزة نوبل للسلام في عام 1973، تقديراً لدوره البارز في رسم السياسة الخارجية الأمريكية، ولعبه لدور الوسيط المتنقل في حرب الشرق الأوسط، في أكتوبر 1973، ورحلاته المكوكية بين مصر وإسرائيل، حينئذ. ويعرف عنه أنه رائد سياسة الانفتاح مع الاتحاد السوفيتي في عصر الحرب الباردة، ومؤسس العلاقات بين بلاده ودولة الصين الشعبية. وله يتنسب الفضل الأكبر في اتفاقيات السلام، وإنهاء الوجود الأمريكي في فيتنام، وإخراج بلاده من مستنقع الحرب هناك.
قدم كيسنجر نظرية الطبق الساخن عندما أرسل الرئيس السادات مستشاره للأمن القومي، أحمد حافظ إسماعيل، في بداية عام 1973 لمقابلة كيسنجر، طالباً المشورة والعون، لإنهاء فترة “اللا-حرب واللا-سلم” بعد ست سنوات من ركود المياه، بعد هزيمة يونيو 1967. وجرى اللقاء، بالفعل، على مأدبة عشاء، في أحد مطاعم العاصمة الأمريكية، واشنطن، حتى يكون الحوار غير رسمي.
في البداية سأل كسنجر المبعوث المصري عن المشكلة، ورد أحمد حافظ إسماعيل بأن الرئيس السادات يطلب خبرة كسنجر، وهو صاحب الخبرة والتاريخ في إيجاد الحلول لمختلف المعضلات السياسية على مستوى العالم. وتصادف الرد مع مجيء النادل للسؤال عما سيتناولون على العشاء، فطلب كيسنجر من إسماعيل السماح بأن يختار له أشهر الأطباق الأمريكية وهو “نيويورك ستيك”، ولكنه همس للنادل بكلمات لم يسمعها إسماعيل.
ثم بدأ الحوار بينهما، وشرح إسماعيل الوضع الناتج عن احتلال إسرائيل لسيناء، ومنعها لمصر من استخدام قناة السويس. وعندئذ، وصل النادل حاملاً أطباق العشاء، وشرع كل منهما في تناول طعامه، قبل أن يتوقف أحمد إسماعيل عن الأكل. ولما سأله كسينجر عن السبب، أجابه بأن الطبق بارد، وهنا ضحك كسينجر ونادى على النادل ليبدل الطبق بآخر ساخن.
وهنا قال كسينجر لأحمد حافظ إسماعيل، “يا صديقي … لن يقترب أحد من الطبق وهو بارد … لابد وأن يكون الطبق ساخناً، لتقترب منه”. وعاد إسماعيل لمصر، وأبلغ الرئيس السادات برأي كيسنجر، واتخذ السادات قراره بالحرب!