تصدمني بوستات التدين على “الفيس” وهى تلتحف بالأدعية والمواعظ الإلكترونية عبر صفحات تمت دروشتها ببوستات وأدعية سابقة التجهيز ترسل للعديد من الأشخاص بضغطة زر واحدة.. وتستحلفك بالله ألا تحبس ذلك البوست أو المنشور عندك وتطلب أن تمرره لغيرك حتى تنال الثواب وتنجو من العقاب وتنذرك بوقف الحال إن توقف البوست عندك.. وآخرون يطلبون المشاركة في مليونية أو مليارية الصلاة على النبي إلكترونيا.. ومنهم من يلجأون لاستجوابك بالتأنيب والتوبيخ سائلين: كم مرة صليت على النبي اليوم؟
وصفحات تدمع بكاء على ما فات وما ينتظرنا من عذاب أليم ..وطلبات للاستغفار والندم.. وعبر مناسباتٍ دينيةٍ يرسل لك بوستات إلكترونية بلا روح أشهرها ما يقتحمنا أسبوعيا: “جمعة مباركة”، أو يرفعون صورة طفل تارك الرضاعة منذ قليل وهو يصلي على سجادة ويرتدي طاقية وبجانبه سبحة.. تشعر كأنك أمام إحدى الألعاب الإلكترونية التي لا تتطلب منك سوى ضغطة على الكيبورد لتشارك في ألعابهم!
أظن أن بعضهم في غفلةٍ عن مغزى التدين الحقيقي في المعاملات بين البشر.. والأهم عندهم الشعارات الإلكترونية التي أصبحت تشغل كل أوقاتهم، كأنها أصبحت فرائض دينية عندهم أو دينًا جديدًا يتم تدشينه عبر: “الكتائب الدينية”، بالأدعية والذكر وتمرير بعض السور وتنويهات جمعة مباركة وليلة الخميس وغيرها ..
ويغفل “المؤمن الفيسبوكي” أهمية السلوك في حياتنا الواقعية.. وربما يتخطى الخطوط الحمراء كإثارة الشائعات والخوض في الأعراض وإغواء الرجال أوالنساء..ومن غير شك فإن بعضًا من سدنة التدين الإلكتروني منافقون يتخفون وراء شعارات دينية ويظهرون من الأخلاق والعفة والحشمة ما ليس فيهم بهدف التقاط أو “شأْط” النصف الآخر، أو نيل الإعجاب والرضا بين مرتادي الصفحة وجمع أكبر قدر من الإعجاب و”اللايكات”..
وغالبًا يلتقطون ضحاياهم من الإناث بتلك البوستات الدينية التي تصادف هوى لدى غالبية المراهقات وبعض الشباب ..وكلنا سمعنا كيف جندت داعش العديد من الشباب حول العالم بشعاراتها الدينية عبر شبكات التواصل الاجتماعي.. اصطياد خسيس وبوستات للتمويه سواء تعلق الأمر بالإناث أو الذكور.
ومؤمنو التدين الإلكتروني تجدهم يؤدون طقوسهم الدينية وعباداتهم خلف شاشات الكمبيوتر والهواتف المحمولة وتجدهم أكثر الواعظين في العالم الأفتراضي وهم أكثر الناس خبثًا، يرتدون عباءة الدين رياء، ويتخفون وراء مواعظهم وتدينهم لاصطياد ضحاياهم إلكترونيًّا.