بأقلامهم

“اللواء الدكتور سمير فرج ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” : الهدهد

في يوم 6 يوليو، 2024 | بتوقيت 3:48 مساءً

الهدهد طائر ورد اسمه في القرآن الكريم لأنه كان رسولا ومبعوثا من النبي سليمان إلى بلقيس ملكة سبق ولقد حرم الرسول عليه الصلاة و الإسلام ذبحه لذلك عرف في التراث الإسلامي بأنه طائر لأغراض الاتصال ونقل الرسائل، ومن هنا أطلق حزب الله اسمه على مسيرة إيرانية الصنع والتصميم تعمل بالكهرباء وبدون صوت وتستطيع التهرب من الرادارات، وهي فرد من عائلة هدهد واحد وثلاثة.

هذه الطائرة أطلقها حزب الله إلى داخل عمق إسرائيل، وبالذات منطقة حيفا، لتعود إلى قاعدتها في حزب الله في جنوب لبنان، بعد ان نجحت في تصوير فيديو 9 دقائق يصور مسارا دقيقا، حيث تجاوزت طبقا لحزب الله، جميع وسائل الدفاع الجوي الإسرائيلي، بدءا من القبة الحديدية. إلى نظام مقلاع داوود، وأخيرا نظام أرو أو السهم. هذه الأنظمة الثلاثة التي تدافع عن سماء إسرائيل وتعمل على مختلف الارتفاعات المنخفضة والمتوسطة والعالية والتي لم تستطع اكتشاف طائرة الهدهد وتدميرها بالطبع كانت صدمة كبيرة داخل رئاسة الأركان العسكرية الإسرائيلية.

وعادت بعد أن صورت كل الأهداف داخل إسرائيل منها مواقع إسرائيلية حساسة، قواعد عسكرية، مواني إسرائيلية ومطارات. هذا الفيديو كشف مشاهد في مدينة حيفا. غاية في الدقة، منها مجمع الصناعات العسكرية، قاعدة حيفا العسكرية، والمنشآت البتروكيماوية، ومبني قيادة وحدة الغواصات الإسرائيلية، وسفن سعر بأنواعها كذلك المنشآت المدنية للشعب الاسرائيلي

ولقد ردت وسائل إعلام إسرائيلية. ان هذه كانت رسالة شديدة اللهجة لإسرائيل من حزب الله، والواقع من وجهة النظر العسكرية أن حزب الله أصبح لديه بنك معلومات كامل، يحتوي كافة المعلومات عن الأهداف الإسرائيلية العسكرية والمدنية. والصناعية. في مدينة حيفا على البحر المتوسط الذي يعتبر أكبر ميناء في إسرائيل، مثل ميناء الإسكندرية في مصر.

وبتحليل هذه الصور نجد أنها كانت في غاية الدقة والوضوح، ولا تحتاج إلى محلل لقراءة الصور الجوية. كما يحدث في مختلف الجيوش العسكرية، حيث أن دقة التصوير والوضوح أضافت قدرة عالية لعناصر حلف حزب الله لتصل طائرة الهدهد إلى حيفا، وكيف لم تكتشفها الرادارات الإسرائيلية، وكيف لم تتعامل معها عناصر صواريخ ومدفعية الدفاع الجوي الإسرائيلية. سواء القبة الحديدية أو نظام مقلاع داوود، أو نظام أرو، وكلها أنظمة دفاعية عالية الدقة تعمل على مختلف الارتفاعات.

وقد يتساءل البعض هل هذه الصور حقيقية وكيف ذلك؟ وأن الأمر في غاية السهولة، وهو نفس الموقف، غاية التعقيد، وكلنا نتذكر كيف أن أوكرانيا نجحت في المراحل الأولى في حربها مع روسيا أن أرسلت طائرة مسيرة اخترقت كل وسائل الدفاع الجوي الروسي، حيث تعتبر أنظمة الدفاع الجوي الروسي من أهم وأدق. وأكفأ انظمة الدفاع الجوي في العالم، وصلت هذه المسيرة إلى مبني الكريملين في موسكو، وانفجرت فوق المبنى، وكانت صفعة قوية للجيش الروسي وقوات الدفاع الجوي له.

لذلك جاءت المفاجأة هذه المرة من حزب الله وحسن نصرالله الذي وقف في مؤتمره مع أعضاء حزبه، يتفاخر بما حققه جزب الله وهو وصول هذه الطائرة هدهد إلى عمق إسرائيل، وإلى أكبر هدف حيوي في إسرائيل بعد تل أبيب، وهو ميناء حيفا.

وبوصول هذه الطائرة إلى عمق إسرائيل، فذلك يعني إن حزب الله أصبح قادرا على الوصول بطائراته المسيرة الهجومية وصواريخه إلى عمق إسرائيل، وأصبح لدى حماس بنك معلومات. له أهداف محددة. سوف يستخدمها في أي عمليات عسكرية واسعة يمكن لحزب الله أن يدمر بها هذه الأهداف، ويلحق بإسرائيل خسائر معنوية ومادية كبيرة، لم يحدث لها من قبل.

وأعتقد أن إسرائيل بعد هذا الحدث قد عقدت العديد من الجلسات لدراسة هذه الكارثة العسكرية لتحديد. أين الثغرات في وسائل الدفاع الجوي الإسرائيلي وكيف لم يمكن تدمير هذه الطائرات التي تخترق كل هذه المسافة داخل العمق الإسرائيلي حتى أن بعض المحللين العسكريين قد خرجوا للإعلام وقالوا وأن هذه الطائرة المسيرة ال الهدهد قد تم إطلاقها من داخل إسرائيل بواسطة أحد العملاء،

كل ذلك في إطار تبرير ضعيف لضعف وسائل الإنذار الإسرائيلية التي لم تلتقط طائرة الهدهد أو التعامل معها، لتخترق كل هذه المسافة داخل الدفاعات والأراضي الإسرائيلية، كما أن ذلك الحدث. كشف مواقع الأسلحة والمعدات الإسرائيلية في هذه المنطقة، وبلا شك ستقوم إسرائيل بعدها بتغيير أماكن تمركزها، حتى لا تكون أهداف مؤكدة لأي هجوم من حزب الله ضدها مستقبلا، كذلك أثار هذا العمل العديد من المحللين، كيف أن عناصر الحرب الإلكترونية الإسرائيلية. لم تستطع اكتشاف طائرة الهدهد، أو حتى الشوشره عليها إلكترونيا، خاصة أن إسرائيل من أكثر الدول في العالم تقدما في مجال حرب المعلومات الإلكترونية (IT) التي تعتمد على جمع المعلومات من الأهداف والتعامل معها إلكترونية. قبل ضربها بالنيران.

ومن هذا المنطلق، فإن الأحداث تثبت يوما بعد يوم، إن جيش الدفاع الإسرائيلي لم يعد أسطورة كما كان يطلق عليها من قبل وها هو يفشل بعد تسع شهور من القتال في تحقيق أي مهام من هذه الحرب، حيث أن خسائره حتى الآن 2500 قتيل، وأكثر من 250 جندي وضابط، بينهم قيادات كبيرة، ولأول مرة قامت إسرائيل بتهجير نصف مليون من المستوطنين الموجودين على أطراف غزة. كذلك ولأول مرة حصلت المقاومة الفلسطينية علي كثير من المعلومات عن الموساد خلال العمليات التي تمت.

أخيرا، أن إسرائيل لأول مرة يتم غزو إراضيها، وهي ليست من قامت بالغزو لأراضي الغير كما كان يحدث من قبل. في كل المعارك السابقة، كما حققت هذه الحرب إسقاط الوحدة الداخلية داخل الحكومة الإسرائيلية، بانسحاب لبعض الوزراء من حكومة الحرب وعادت قضية فلسطين إلى مكانها في العالم، ولأول مرة تحدث مظاهرات داخل إسرائيل تطالب بإسقاط نتنياهو بعد فشله في إدارة هذه الحرب، وبلغت خسائر إسرائيل 240 مليون دولار في اليوم الواحد بسبب توقف الاستثمارات والسياحة كذلك فقدت إسرائيل لأول مرة تعاطف شعوب العالم فيها حيث ان المظاهرات في جميع مدن وجامعات العالم أوضحت ان إسرائيل بلدا لا تعرف الحقوق الإنسانية .

كما يأتي بعد ذلك فكرة ما هو مصير العمليات في اتجاه جنوب لبنان في الفترة القادمة، حيث أكد العديد من المحللين العسكريين أن جيش الدفاع الإسرائيلي خائف من الدخول في هذه الحرب، حيث أن حزب الله لم يستخدم حتى الآن سوى 10% من قواته العسكرية.

على أي حال يأمل الجميع أن ينتصر فكر السلام وتهدأ الأحوال لصالح شعب غزة الذي تعرض لأكبر هزة إنسانية في التاريخ الحديث.

كاتب المقال

اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج

Email: [email protected]

واحداً من أهم أبناء القوات المسلحة المصرية.

ولد في 14 يناير في مدينة بورسعيد، لأب وأم مصريين.

تخرج، سمير فرج، من الكلية الحربية عام 1963.

والتحق بسلاح المشاة، ليتدرج في المناصب العسكرية حتى منصب قائد فرقة مشاة ميكانيكي.

تخرج من كلية أركان حرب المصرية في عام 1973.

والتحق بعدها بكلية كمبرلي الملكية لأركان الحرب بإنجلترا في عام 1974، وهي أكبر الكليات العسكرية في المملكة البريطانية،وواحدة من أكبر الكليات العسكرية على مستوى العالم.

فور تخرجه منها، عُين مدرساً بها، ليكون بذلك أول ضابط يُعين في هذا المنصب، من خارج دول حلف الناتو، والكومنولث البريطاني.

تولى، اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج، ، العديد من المناصب الرئيسية في القوات المسلحة المصرية، منها هيئة العمليات، وهيئة البحوث العسكرية. وعمل مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً بكلية القادة والأركان. كما عين مديراً لمكتب مدير عام المخابرات الحربية ورئاسة إدارة الشئون المعنوية.

تتلمذ على يده العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة، إبان عمله مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً في كلية القادة والأركان المصرية.

لم تقتصر حياته العملية، على المناصب العسكرية فحسب، وإنما عمل، سمير فرج، بعد انتهاء خدمته العسكرية، في العديد من المناصب المدنية الحيوية، ومنها وكيل أول وزارة السياحة، ورئيس دار الأوبرا المصرية، ومحافظ الأقصر. ويشغل حالياً منصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة NatEnergy.

وله العديد من الكتب والمؤلفات العسكرية، خاصة فيما يخص أساليب القتال في العقيدة الغربية العسكرية. كما أن له عمود أسبوعي، يوم الخميس، في جريدة الأهرام المصرية ومقال أسبوعى يوم السبت فى جريدة أخبار اليوم.