أخبارمنوعات

“اللواء الدكتور سمير فرج ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” : أجرانات الثانية

في يوم 31 مايو، 2024 | بتوقيت 12:31 مساءً

بعد تمام شهر من بدء أعمال القتال، في غزة، بين إسرائيل وعناصر المقاومة الفلسطينية، حماس، التي أثبتت نجاحها في ميدان القتال، مقابل تعثر القوات الإسرائيلية، صرحت، من خلال مقالاتي، وحواراتي التليفزيونية في الإعلام المصري والعربي، أنه فور انتهاء الحرب، ستقوم الجهات الإسرائيلية، بالتحقيق في أسباب الفشل في التصدي لحماس، حتى قبل بداية الحرب؛ إذ فشلت المخابرات الإسرائيلية، بفرعيها؛ الموساد والشاباك، في كشف خطة حماس بالهجوم في ذلك التوقيت، أو اكتشاف تجهيزاتها له، سواء بشراء الطائرات الشراعية التي عبرت بها السور الذي أقامته إسرائيل بطول الحدود مع غزة، فضلاً عن الفشل في الوصول إلى معلومات دقيقة عن أنفاق غزة. فاليوم، ونحن على بعد أيام من بدء الشهر الثامن لتلك الحرب الغاشمة، لم يكتشف جيش الاحتلال الإسرائيلي سوى 35%، فقط، من تلك الأنفاق التي حيرته، وكانت، ومازالت، السبب وراء الخسائر الفادحة في أرواح قواته.

ولا زلت عند تصريحاتي بأن تعنت نتنياهو في الوصول إلى اتفاق سلام، مع حماس، لوقف إطلاق النار، يرجع لخوفه من المساءلة الرسمية عن تقصيره في الحرب، وعدم تحقيق جيشه لأي هدف أو مكسب، من الأهداف الأربعة التي حددها، هو شخصياً، منذ بدء القتال، فقد صرح بوضوح بأن أول أهداف الجيش الإسرائيلي هو القضاء على حماس، وهو ما لم يتحقق، حتى كتابة هذه الصور، ولم يلح تحقيقه في الأفق، فمازالت حماس تقاتل الجيش الإسرائيلي، وتكبده خسائر فادحة، لم يتعود عليها يوماً. أما ثاني الأهداف فكان تحرير الرهائن، وهو ما لم يتحقق بالحرب، وجميع الرهائن التي سرحتها حماس، كانت ضمن اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وكان الهدف الثالث السيطرة على غزة، وهو ما استعصى على قوات نتنياهو، حتى بعد ثمانية شهور من القتال الغاشم والمستمر.

أما الرابع الأهداف فكان “نقل”، أو بمعنى أدق “تهجير”، سكان غزة إلى سيناء، وهو الأمر الذي فشل فيه نتنياهو، تماماً، بسبب إصرار الرئيس السيسي على عدم تهجير سكان غزة، إلى مصر، لما فيه من تفريغ للقضية الفلسطينية من أصلها ومضمونها، وهو ما أيدته الإدارة الأمريكية، وأعلنه وزير خارجيتها، بلينكن، صراحة، ونشره في تغريدة على حسابه الرسمي على منصة “إكس”، برفض الولايات المتحدة لترحيل ونقل الفلسطينيين من غزة إلى صحراء سيناء. وهكذا فشل نتنياهو في تحقيق أي من أهداف الحرب، وهو ما دفعني للتصريح بخوفه من السلام، لما ينطوي عليه من مساءلة رسمية، فضلاً عن اتهامه في ثلاث قضايا فساد، يُنتظر أن يعاقب عليها بالسجن، إذا ما تمت محاكمته.

وخلال الأسبوع الجاري، وبينما الحرب ما زالت مشتعلة، حدث ما توقعته، إذ أن أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس، أنه سيقدم اقتراحاً، للحكومة الإسرائيلية، بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، للبحث في أسباب إخفاقات السابع من أكتوبر، وهو ما أعاد لذاكرتي، تفاصيل يوم 21 نوفمبر من عام 1973، بعد أيام من انتصار قواتنا المسلحة المصرية، في حرب أكتوبر 73، عندما أعلنت إسرائيل تشكيل لجنة للتحقيق في القصور التي ألّم بالجيش الإسرائيلي خلال حرب أكتوبر 73. وشُكلت اللجنة، بالفعل، برئاسة شيمون أجرانات، رئيس قضاة المحكمة العليا الإسرائيلية، وعضوية القضاة موشيه لاندرو، وإسحاق نابتزال، ورؤساء أركان الجيش السابقين في إسرائيل، ييتجال يادين، وحاييم لاسكوف، وعقدت اللجنة أكثر من 140 جلسة، واستمعت لما يقرب من 58 شاهد، من ضمنهم جولدا مائير، رئيس الحكومة الإسرائيلية، خلال الحرب، ووير دفاعها موشى ديان، فضلاً عن الاطلاع على 188 شهادة خطية، وانتهت بقرار إقالة الياهو زعيرا، مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، إبان حرب 73، وكذا إقالة رئيس أركان حرب الجيش الإسرائيلي دافيد بن أليعازر، وإقالة قائد الجبهة الجنوبية شلومو جونين، وعدد من ضباط الاستخبارات الإسرائيلية. وبعدها بشهور قدمت جولدا مائير استقالاتها من رئاسة الوزراء، ومعها موشى ديان، وزير الدفاع، بسبب قرارات لجنة أجرانات، التي عرفت باسم رئيسها.

وفي حرب غزة، فإن الشيء الفريد، هو عدم انتظار انتهاء الحرب لبدء التحقيقات، مثلما حدث في أكتوبر 73، بل صدر قرار التحقيق، بينما الحرب لازالت مستمرة، وهو ما يؤكد مدى فشل القوات الإسرائيلية، الذي يتحمله رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، حتى أن إتاحة مزيد من الوقت لا يعني ضمان النتائج، وهو ما يُعد إدانة كبيرة للجيش الإسرائيلي، المصنف ضمن قائمة أقوى 20 جيشاً على مستوى العالم، إلا أن صلابة المقاومة الفلسطينية، وبأس أهالي غزة، أثبتت قدرتها على هزيمة ذلك الجيش، وهو ما حدث في حرب أكتوبر 73، عندما صدرت كافة التقارير الاستراتيجية، والعسكرية، قبيل بدء الحرب، لصالح إسرائيل، مؤكدة تفوق قواتها على القوات المسلحة المصرية، من خلال دراسات مقارنة أثبتت التقدم النوعي والكمي للأسلحة والمعدات الحربية الإسرائيلية على نظيراتها المصرية.

ورغم حسم تلك التقارير، لنتيجة الحرب، مبكراً، لصالح إسرائيل، إلا أن الجيش المصري العظيم، فجر مفاجأة، للعالم، بانتصاره الغالي في تلك الحرب، بتأييد من الله عز وجل، ثم بفضل شعب مصر العظيم، الذي ساند جيشه، وأيده، ودعمه خلال مسيرته لتحقيق أغلى انتصاراته في العصر الحديث. تذكرت أحداث ونتائج لجنة أجرانات، وأنا أتابع أخبار بدء التحقيق في قصور الجهات الإسرائيلية في حرب غزة، متمنياً أن يثبُت للجميع فشل الجيش الإسرائيلي، والحكومة الإسرائيلية، وقبلهم جميعاً، المتغطرس، بنيامين نتنياهو.

كاتب المقال

اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج

Email: [email protected]

واحداً من أهم أبناء القوات المسلحة المصرية.

ولد في 14 يناير في مدينة بورسعيد، لأب وأم مصريين.

تخرج، سمير فرج، من الكلية الحربية عام 1963.

والتحق بسلاح المشاة، ليتدرج في المناصب العسكرية حتى منصب قائد فرقة مشاة ميكانيكي.

تخرج من كلية أركان حرب المصرية في عام 1973.

والتحق بعدها بكلية كمبرلي الملكية لأركان الحرب بإنجلترا في عام 1974، وهي أكبر الكليات العسكرية في المملكة البريطانية،وواحدة من أكبر الكليات العسكرية على مستوى العالم.

فور تخرجه منها، عُين مدرساً بها، ليكون بذلك أول ضابط يُعين في هذا المنصب، من خارج دول حلف الناتو، والكومنولث البريطاني.

تولى، اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج، ، العديد من المناصب الرئيسية في القوات المسلحة المصرية، منها هيئة العمليات، وهيئة البحوث العسكرية. وعمل مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً بكلية القادة والأركان. كما عين مديراً لمكتب مدير عام المخابرات الحربية ورئاسة إدارة الشئون المعنوية.

تتلمذ على يده العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة، إبان عمله مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً في كلية القادة والأركان المصرية.

لم تقتصر حياته العملية، على المناصب العسكرية فحسب، وإنما عمل، سمير فرج، بعد انتهاء خدمته العسكرية، في العديد من المناصب المدنية الحيوية، ومنها وكيل أول وزارة السياحة، ورئيس دار الأوبرا المصرية، ومحافظ الأقصر. ويشغل حالياً منصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة NatEnergy.

وله العديد من الكتب والمؤلفات العسكرية، خاصة فيما يخص أساليب القتال في العقيدة الغربية العسكرية. كما أن له عمود أسبوعي، يوم الخميس، في جريدة الأهرام المصرية ومقال أسبوعى يوم السبت فى جريدة أخباراليوم.