قرية البرشا بالمنيا في صعيد مصر ارست ثقافة التعبير في فرقة بانوراما البرشا وهي مجموعة من الفتيات احبوا المسرح والغناء والتعبير عن ذاتهم برغم الامكانات المتاحة الفقيرة في تلك البقع النائية وغرقوا في محليتهم فوصلوا للعالمية.
لمهرجان كان بفيلم تسجيلي تحت عنوان رفعت عيني للسما ، فحصد جائزة العين الذهبية للفيلم التسجيلي . رفعوا فيه لافتات يصرخن فيها “انا جسمي مش خطيه” والمتحرش جبان . هكذا رفعوا لافتاتهم وتجولن بها في تظاهرة للتعبير عن مشاعرهن مطالبين الايساقوا للزواج صغار ولابد ان البنت تختار شريك حياتها ومكافحة الزواج المبكر ومناهظة الخلافات الاسرية .
فيلم وثائقي يسرد حكاية مسرح الشارع في قرية البرشا رصدت الشابات المراهقات بأحلامهم وكوابيسهم وصدقوا تلك الخيالات والاحلام التي لم يعرفن فيها الاحلام التي ينتقلون فيها عبر عوالم اخري غير واقعهم في البيت او الشارع يسعون فيه للشعور بالامان والحرية في الاختيار .
الفيلم من إخراج ندى رياض وأيمن الأمير، وبطولة فريق مسرح بانوراما برشا، ماجدة مسعود وهايدي سامح ومونيكا يوسف ومارينا سمير ومريم نصار وليديا هارون ويوستينا سمير مؤسسة الفريق وإنتاج شركة فلوكة فيلمز.
وبتدور أحداث الفيلم عن مجموعة من البنات اللي قرروا يأسسوا فرقة مسرحية ويعرضوا مسرحياتهم المستوحاة من الفلكلور الشعبي الصعيدي، في شوارع قريتهم “البرشا” في محافظة المنيا؛ علشان يسلطوا الضوء علي قضايا زي الزواج المبكر والعنف الأسري وتعليم البنات،
ويتكلموا عن أحلامهم البسيطة. وقدر المخرجين ندى رياض وأيمن الأمير على مدار 4 سنين إنهم يوثقوا رحلة البنات ويكتشفوهم أكتر.
كان من امنياتهم ان يغنوا ويقولون فيها عبارات تمثيلية يفرغن فيها طاقاتهم الابداعية من الاغاني التراثية مسرحهم يحكي قضايا مسكوت عنها بعبارات نقدية لتلك الاوضاع الحياتية ، فكان صادما للشارع بعد ان اصبحت مشاعا مثل قضايا التحرش والالفاظ البذيئة والشتائم .
التعبير هو إظهار الأفكار والعواطف بالكلام، أوالحركات، أو قسمات الوجه وهو الإفصاح عما يدور بخلجات النفس من مشاعر وبالذهن من معانٍ بأسلوب قريب وواضح،
أما الإنشاء فهو الخلق والإبداع والتأليف وتنسيق المعاني والأفكار في قالب أدبي محكم، وهو تحويل الفكرة التي أردت التعبير عنها إلى كيان وبناء.
وتبنتهم يد محترفة المخرجة ندي رياض والمخرج ايمن الامير بمتابعة تلك التظاهرة الثقافية بمعايشة استمرت سنوات حتي اكتسبوا ثقتهم كما يفعل علماء الانثروبولوجيا واخيرا خرجا بفيلم تسجيلي للفتيات ولا اعرف سر هذه المحافظة الخلابة والغارقة في الاثار والتاريخ حتي تنجب لنا اشهر قصص التاريخ في قصة ايزادورا وفجرت الطاقات الفنية للعديد من الفنانين والمبدعين مثل حسن الشرق والنحاتين الكبار ،
فليس غريب ان تنتقل ثقافة التعبير من تلك الاجيال لتظهر في فرقة مسرح الشارع بانوراما البرشا لعرض مسرحهم الذي اخذن فيه علي عاتقهم عرضهم الاول الصادم للشارع بعرض محاكمة قرية . مسرح الشارع فيه ينشغل الناس بحياتهم الخاصة. لذلك،
فلن تقوم سوى قلة مختارة منهم بالتخلي طواعية عن وقتها لحضور حدثًا خاصًا بالتوعية، أما الغالبية فسترغب في إمتاعها بالتسلية. فإذا أمكن توفير التسلية، سيكون ذاك أفضل بكثير. إن مسرح الشارع هو مصطلح عام يشمل جميع أنواع العروض الفنية التي يقوم بها المؤدون حيث يكون الناس
ليس فقط في الشارع بل في السوق أيضًا. وقد تكون العروض الفنية قصيرة ومرتجلة، تتغذي على التفاعل مع حشود المتفرجين، أو قد تكون أطول بعض الشئ وتحظى بإعداد جيد للسيناريو وبالبروفات، ولكنها دائمًا ما تعمل تحت فرضية أن الجمهور يمكن أن يترك العرض الفني أو أن بعض أفراد الجمهور على الأقل يمكن أن يغادروا المكان أثناء العرض.
والأمر متروك للمؤدين لجذب انتباه الناس والاحتفاظ بهذا الانتباه لأطول فترة ممكنة حتى يتمكنوا من نقل رسالتهم. لقد انبري الباحثون والمهتمون بمسرح الشارع بوضع عدة تعاريف لمفهوم مسرح الشارع جميعها اتفقت نظريا حول أن مسرح الشارع هو « كل عرض مسرحي يقدم في الأماكن والفضاءات المفتوحه مصادف الجمهور المتواجد في هذه الأماكن ومحدث التفاعلية معه بقصد إيصال أفكار العرض للجمهور
الباحث العراقي دكتور بشار عليوي والذي عرفه بوصفه «كل عرض مسرحي يقدم في الشارع والساحات والأماكن العامة متخذا من الناس المتواجدين عشوائيا جمهورا له ومستلهما موضوعاته من الواقع اليومي بهدف إيصال أفكاره عن طريق المشاركه التفاعليه مع العرض ولا أقصد بالأشتباك إنسياق ممثل مسرح الشارع خلف رغبات هذا المتلقي التافه ولكن قصدت ان يجد المتلقي نفسه داخل عرض مسرح الشارع فتتكون العلاقة الثنائيه بينه وبين ممثل مسرح الشارع فيتم كسر جميع الحوائط والحواجز ليجد المتلقي نفسه قد وصل الي غايات معينه وبوسيلة نقل تبادليه تبدأ من الممثل
وتنتهي عند المتلقي للوصول للغايات الدلاليه للعرض تلك هي اللحظة التي ننشدها جميعا في عروض مسرح الشارع لحظة تتمحور حول أبعاد اجتماعيه ذات طابع إنساني وقيمي فرقة بانوراما البرشا عرضت في كان بفرنسا فحصدت العين الذهبية للفيلم التسجيلي (رفعت عيني للسما )
كاتب المقال
فرج احمد فرج
باحث انثروبولوجي