كلّف رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي الحكومة بالعمل على إحياء مسار خروج “بني إسرائيل”، حتى يتم تنظيم رحلات سياحية لهذا المسار بالتزامُن مع الانتهاء من أعمال التطوير بموقع التجلي الأعظم في سانت كاترين بجنوب سيناء، كما وجّه بتكثيف الدعاية والترويج لمسار الخروج وهذه الرحلة.
وفى ضوء هذا يرصد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، صاحب كتاب “التجليات الربانية فى الوادى المقدس طوى” يرصد مسار الخروج ومحطاته لتشملها الدعاية والتنمية لزيارة المسار
وينوه الدكتور ريحان إلى أن بنى إسرائيل هم أخوة نبى الله يوسف عاشوا بمصر فى أرض جوشن أو جاسان المعروفة الآن بوادى الطميلات وهو الوادى الزراعى الذى يمتد من شرق الزقازيق إلى غرب الإسماعيلية، حتى جاء من نسل لاوى نبى الله موسى، الذى تربى فى مصر على يد أحد ملوكها وخرج مرتين إلى سيناء، الخروج الأول حين قتل خطأ احد المصريين أثناء شجار مع عبرانى من أهله، وقابل فتاتين عند بئر مدين وهى مدين سيناء وليس الشام وقد أثبتها الدكتور ريحان علميًا فى كتابه ” التجليات الربانية بالوادى المقدس طوى” ومكانها اليوم منطقة نبق ما بين شرم الشيخ ودهب، ثم عاد بعد عشر سنوات قضاها هناك وفى طريق العودة رأى نارًا عند شجرة العليقة الملتهبة الموجودة حتى الآن داخل دير سانت كاترين وناجى ربه عندها
الخروج الثانى
وأوضح الدكتور ريحان أن الخروج الثانى كان مع أهله من بنى إسرائيل، وعبروا البحر الأحمر عند أقرب نقطة مرئية بنص القرآن الكريم “وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ” سورة البقرة آية 50، أى كان الغرق على مدى البصر ليشاهدوا المعجزة، وفى سفر الخروج 14: 21 “و مد موسى يده على البحر فاجرى الرب البحر بريح شرقية شديدة كل الليل وجعل البحر يابسة وانشق الماء”، وبالتالى فمعجزة شق البحر ذكرت فى القرآن الكريم والكتاب المقدس وإنكارها يعنى ازدراء الأديان وهو ما يؤكد معجزة إنشقاق البحر فى الكتب المقدسة
الرحلة عبر جنوب سيناء
ويشير الدكتور ريحان إلى اتخاذ بنو إسرائيل طريق جنوب سيناء عبر رحلتهم، ولم يتخذوا طريق شمال سيناء رغم أنه الأقرب إلى الأرض المقدسة ولكنه كان طريقًا حربيًا وهو طريق حورس الشهير وعليه عدة قلاع تبدأ من قلعة ثارو بالقنطرة شرق، وعبروا عيون موسى 35كم من نفق أحمد حمدى حاليًا إلى وادى غرندل إلى منطقة معبد سرابيط الخادم حاليًا حين طلبوا من نبى الله موسى أن يجعل لهم إلهًا كما لهم آلهة، وهو المعبد المصرى القديم الوحيد فى طريقهم بل الوحيد فى كل سيناء وبه تماثيل وسرابيط وهى صخور منفصلة نقش عليها المصرى القديم أخبار حملات تعدين الفيروز وقد أطلق على سيناء أرض الفيروز نتيجة استخراجه من هذه المنطقة وحتى الآن
ثم استمروا عبر ساحل خليج السويس حتى وصلوا إلى موقع مدينة طور سيناء الحالية، وهناك أمره ربه بالتوجه إلى الجبل لتلقى ألواح الشريعة، وهنا ترك شعب بنى إسرائيل فى موقع بطور سيناء على خليج السويس يطلق عليه وادى الراحة الثانى حيث ارتاح شعبه لانتظاره، لكن وادى الراحة الأول هو الشهير بمنطقة سانت كاترين وهو الوادى الذى ارتاحت فيه أسرته حين عودته من مدين ورؤية النار
وأردف الدكتور ريحان بأن نبى الله موسى ولى قيادة بنى إسرائيل إلى أخيه هارون وذكر أنه سيتغيب 30 يوم لتلقى الألواح وفى الطريق زاده الله 10 أيام أخرى، فاعتقد بنى إسرائيل أنه لن يعود، وقام صائغ ماهر اسمه السامرى من بنى إسرائيل بإقناعهم بإلقاء الذهب الذى حصلن عليه النساء من نساء المصريات وخرجوا به فى النار ليتخلصوا من الذنب ففعلوا، لكنه كان ماكرًا فصاغه عجلًا ذهبيًا وطلب منهم عبادته ففعلوا، وحين عودة نبى الله موسى بعد تلقى الأواح لامهم على فعلتهم الشنيعة ونسف العجل فى اليم وهو ما يؤكد عبادة العجل قرب بحر وهو خليج السويس
أمًا منظر العجل المنحوت فى الجبل بوادى الراحة بسانت كاترين فهذا شكل تخيلى كسائر الأشكال على جبال سيناء ولا علاقة له بعبادة العجل، ثم أخذ نبى الله موسى بنى إسرائيل من موقع طور سيناء الحالى عبر وادى جميل وهو وادى حبران تقوم الدولة بتمهيده وتأمينه وتزويده بالخدمات ضمن مشروع التجلى الأعظم، ويتميز هذا الوادى بالعيون الطبيعية الغزيرة والنباتات الطبية والمتنوعة ثم توجه إلى موقع جبل الشريعة وموقعه حاليًا بمدينة سانت كاترين وناجى ربه طالبًا الاعتذار لبنى إسرائيل عن عبادة العجل
ويوضح الدكتور ريحان استمرار مسار نبى الله موسى مع شعبه عبر الطريق الساحلى الموازى لخليج العقبة بعد ذلك حتى وصلوا إلى وادى باران جنوب فلسطين وأرسل نبى الله موسى من يتعرف على أخبار المقيمين بالأرض المقدسة قبل دخول بنى إسرائيل إليها ورفضوا دخول الأرض المقدسة لاعتقادهم بوجود عماليق بها وهم الكنعانيون أصحاب الأرض الحقيقيون، فقدّر الله عليهم التيه أربعون عامًا متخبطين بين شعاب وأودية سيناء مارين بوادى فيران مرة ووادى طابا ومنطقة وسط سيناء الذى يطلق عليها حالياً التيه وقد ذكر ذلك فى القرآن الكريم فى سورة المائدة من آية 20 إلى 26 وفى التوراة فى سفر العدد إصحاح 12 كما تذكر التوراة أن نبى الله موسى مات عن عمر يناهز 120 عام ودفن بسفح جبل نبو الذى يبلغ ارتفاعه 806م فوق مستوى سطح البحر ومات نبى الله هارون فى تلك الفترة ودفن بجبل هور تجاه وادى حور شرق وادى عربة بين الأردن وفلسطين ودخل بنى إسرائيل الأرض المقدسة فى عهد يوشع بن نون
أدلة أثرية دامغة
ويؤكد الدكتور ريحان أن مسار نبى الله موسى يتضمن 4 أدلة أثرية واضحة على صحة المسار وهى شجرة العليقة المقدسة وعيون موسى وجبل موسى وجبل التجلى، وتقع عيون موسى على بعد 35كم من نفق أحمد حمدى وعددهم 12 عين وقد أثبتت الدراسات الحديثة التى قام بها فيليب مايرسون أن المنطقة من السويس حتى عيون موسى منطقة قاحلة جدًا وجافة مما يؤكد أن بنى إسرائيل استبد بهم العطش بعد مرورهم كل هذه المنطقة حتى تفجرت لهم العيون وكان عددها 12 عين بعدد أسباط بنى إسرائيل ، ولقد وصف الرّحالة الذين زاروا سيناء فى القرنين 18، 19م هذه العيون
وشجرة العليقة المقدسة الموجودة حاليا بدير سانت كاترين وهذا النوع من نبات العليق لم يوجد فى أى مكان آخر بسيناء، وهى شجرة غريبة ليس لها ثمرة وخضراء طوال العام كما فشلت محاولة إعادة إنباتها فى أى مكان فى العالم، وجبل موسى ذات الطبيعة الجلمودية الصخرية وحبل التجلى المواجه له ذات الطبيعة الركامية كعلامات للدك
وهذه الأدلة الأثرية أكدتها الإمبراطورة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين حين جاءت إلى الوادى المقدس فى القرن الرابع الميلادى بعد زيارتها القدس وبنت فى حضن شجرة العليقة الملتهبة كنيسة صغيرة، وأكدها الإمبراطور جستنيان فى القرن السادس الميلادى حين بنى أشهر أديرة العالم حاليًا وهو دير طور سيناء والذى تحول اسمه إلى دير سانت كاترين فى القرن التاسع الميلادى بعد العثور على رفاة القديسة كاترين على أحد جبال المنطقة الذى حمل اسمها ، وأدخل جستنيان كنيسة العليقة الملتهبة داخل أسوار الدير ليخلع نعليه كل من يزورها حتى الآن وجاءت اليونسكو عام 2002 لتسجل مدينة سانت كاترين قيمة عالمية استثنائية، وكان من أهم معايير التسجيل الشواهد الأثرية الباقية على تعانق الأديان بهذه البقعة الطاهرة
وبناءً عليه يطالب الدكتور ريحان الحكومة باعتماد هذا المسار الذى رصده وحققه فى كتابه لتكون مسار الزيارة المعتمد المطلوب تنميته والترويج له