كنت طالبا في مدرسة الإبراهيمية الثانوية –جاردن سيتي وتقابلت مع زميل عمري و حبيبي المرحوم أ.د/ يحي أحمد مصطفي رضوان أستاذ جراحة الفم والأسنان.أبن أستاذأساتذه التخدير في طب القصر العيني المرحوم الأستاذ الدكتور أحمد مصطفي رضوان وكانوا يسكنون في الحي الراقي حي الزمالك الذي يفصله عن حي بولاق الذي أسكن فيه كوبري أبوالعلا الشهير…كان جسمه ضخم قوي البنيان وقلبه كان أكثر أجزاء جسمه رقة و مشاعر نبيلة….حينما كان يشتري الكتب الخارجية لمقررات الثانوية العامة كان حريصا علي شراء نفس المجموعة وإهدائها لي وكان يصور لي كل أوراق الدروس الخصوصية التي يحصل عليها مساعدة لي علي التفوق ….عقب انتهائه من دراسة طب الفم والأسنان في جامعة القاهرة سافر للمملكة المتحدة لدراسة الدكتوراه وعاد للعمل بجامعة المنصورة بعد حصوله علي درجة الدكتوراه…حتى حصل علي درجة الأستاذية…وطوال هذه الفترة انقطعت علاقتنا ببعض …
وفي2000في يوم من الأيام كنت في طريقي لنادي أعضاء هيئة التدريس جامعة القاهرة بالدقي بجوار شارع المساحة و فوجئت بيافطة تحمل أسم أ.د/يحي أحمد مصطفي جراح الفم والأسنان فصعدت للعيادة وكانت لحظة من أجمل لحظات التفاعل الإنساني….لقاء الأصدقاء الإخوة…بكي كلانا من فرحة اللقاء بعد طول غياب و أستمر اللقاء وتجدد حتى ليله وفاته….في يوم من أيام الجمعة …أصطحب ولدية التوأم كريم و أحمد ومعه السيدة الفاضلة زوجته و ذهبوا لصلاة الجمعة في منطقة المعادي حيث يعيشون ثم أخذ الأسرة في طريقة لمنزل والدة المرحوم أ.د/أحمد مصطفي رضوان أستاذ التخدير بجامعة القاهرة وفي طريق كورنيش النيل بعد المحكمة الدستورية فوجئت زوجته برجل يقفز للسيارة بجوار زوجها الحبيب ويتولي القيادة بدلا منه لأنة لاحظ نومه علي عجله القيادة لدرجة أن أسرته لم تلحظ ذلك ….لقد أسلم الروح إلي بارئها وهو يقود السيارة وبحمد الله ورحمته أستطاع الرجل المجهول الكريم إنقاذ الأسرة من حادث كان بالتأكيد سوف يؤدي لأهلاك الأسرة كلها……مات صديق المدرسة وهو يقود سيارته…..الحمد لله علي كل شيء…كان موعدي معه للقاء مساء السبت في عيادته و حينما هممت بركوب المصعد وجدت أعلانا عن أقامة العزاء اليوم السبت لوفاة أ.د/يحي أحمد مصطفي …لم أصدق عيناي و اعتقدت أن المتوقي هو والدة ومن المؤكد أن هناك خطأ في كتابة أسم المتوفى.
ذهبت لجامع الحامديه الشاذلية بالمهندسين حيث تقام ليلة العزاء وحينما رأيت والد زميلي يقف لتلقي العزاء …أدركت الحقيقة التي رفض عقلي و فؤادي أن يصدقها…كانت صدمه قويه علي قلبي فلم أتحمل ذلك و أصبت بحالة إغماء ….وجدت أسرة زميل عمري حولي يخففون عني ويطيبون خاطري بأيمان شديد بالله و صبر عظيم علي مصيبتهم .
بدأت في مساعدة الأسرة علي إنهاء إجراءات المعاش وكذلك العديد من الأمور الضرورية حتى لا أثقل علي زوجته و والدية .
ذهبت لمقابلة وكيل كلية طب الفم والأسنان بجامعة القاهرة لشئون التعليم والطلاب وقتئذ أ.د/محمود الرفاعي وعرفته بنفسي بصفتي وكيلا لكلية السياحة والفنادق جامعة القاهرة بالفيوم طالبا منه المساعدة في الاتصال بزملائه في كلية طب الفم والأسنان بجامعة المنصورة للمساعدة في إنهاء أوراق معاش المغفور له بإذن الله المرحوم أ.د/يحي رضوان.
في هذا اليوم في أكتوبر 2002 بدأت صداقة جديدة بيني و بين أ.د/محمود الرفاعي ….لقد وجدت فيه كل معاني الصداقة الحقيقية كأن الله أراد أن يعوضني عن زميل عمري المرحوم د/يحي رضوان…استقبلني بكل كرم ومودة أحسن استقبال وقام علي الفور بالاتصال بزملائه في كلية طب الفم والأسنان بالمنصورة وقام بإنهاء كل ما يتعلق بالمرحوم في يوم واحد…بل علي العكس أبدي السعادة والاحترام والتقدير لشخصي اعترافا بالوفاء لفضل زميل المدرسة الكريم الأصل و الأخلاق المرحوم أ.د/يحي رضوان …وقال لي أنه يتمني أن أكون له صديقا وفيا وفرحت جدا من هذه المبادرة الكريمة لهذا الجراح المصري الشهير و المشهود له في عالم طب الفم و الأسنان….ثم صدر قرار أ.د/نجيب الهلالي جوهر رئيس جامعة القاهرة في 27 نوفمبر 2002 بتعيين أ.د/محمود الرفاعي عميدا لكلية طب الفم والأسنان بعد هذه المقابلة بأسبوع واحد جزاء لموقفة النبيل من رعايته لأسرة زميلنا المرحوم د/يحي رضوان.
توطدت علاقتي مع أ.د/محمود الرفاعي و أصبح أحد الأصدقاء الحقيقيين في حياته و تزاورت أسرتانا وتقابلت الزوجات و الأبناء و أصبحت علاقة صداقة عائلية .
بعد أن انتهت فترة العمادة
كنت أقوم بزيارته في العيادة كثيرا و استطعت بفضل الله أنا وهو أستعادة حياة المرح و السعادة بعيدا عن أعباء الإدارة الجامعية….وحينما توليت العمل مستشارا لوزير التعليم العالي لشئون الجامعات الخاصة للإشراف علي الجامعة الحديثة للتكنولوجيا و المعلومات …استعنت بفكر و عقل أخي أ.د/محمود الرفاعي في وضع قواعد تحديد أعداد الطلاب بكليات طب الفم والأسنان في الجامعات الخاصة حيث أنني كنت عضو لجنة قطاع التعليم الطبي و نجحت القواعد الموضوعية و استقرت الأوضاع في قطاع الفم والأسنان والحمد لله. وحينما بدأت الجامعة الحديثة في الأعداد والتحضير لإنشاء كلية جديدة لطب الفم والأسنان…قمت بترشيح أسم أ.د/محمود الرفاعي لعمادة الكلية وتولي أعداد اللوائح الدراسية والتعاون لشراء المستلزمات المعملية و اختيار أعضاء هيئة التدريس المناسبين للعمل عند الحصول علي الموافقات الشرعية لبدء الدراسة بالكلية الوليدة ….وفعلا أصبح الآن أ.د/محمود الرفاعي عميدا لكلية طب الفم والأسنان بالجامعة الحديثة للتكنولوجيا والمعلومات و مازال عطائه العلمي و الأكاديمي يتدفق لخدمة أبناءة الطلاب .
هكذا تكون الصداقة الحقيقية بين الزملاء…الإخلاص و التفاني في إسعاد الأخريين و إنكار الذات لنثبت أن الصداقة مثل لعبة تنس الطاولة لا تسعد اللاعبين إلا من خلال هات وخد.