أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية أن مسار العائلة المقدسة فى مصر هو مشروع قومى ضمن مشاريع إحياء المسارات الروحية فى مصر متمثلة فى مشروع التجلى العظم لإحياء مسار نبى الله موسى ومشروع ترميم وإعادة توظيف القاهرة التاريخية لإحياء مسار آل البيت والمسارات التاريخية بالقاهرة
ويرصد الدكتور ريحان أحدث مسارات العائلة المقدسة والذى يضيف ثلاث محطات جديدة وهامة فى الرحلة من خلال قراءة أثرية لكتاب الدكتور حجاجى إبراهيم أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة طنطا الحاصل على وسام فارس من إيطاليا ” المعقول فى خط سير العائلة المقدسة فى مصر” والذى أهدى منه نسخة لقداسة البابا تواضروس الثانى
وأن الجديد فى مسار الرحلة هو وجود طريق سرى كان منذ قدومهم من فلسطين حتى وصولهم إلى الدير المحرّق وكانوا يتحركون بسرية تامة خوفًا من أن يلحق بهم جنود هيرودس ويقبضوا عليهم، وطريق جهرى ارتبط بالاحتفاليات الشهيرة للرحلة بعد موت هيرودس
وينوه الدكتور ريحان إلى أن الرحلة السرية فى مصر بدأت من رفح “رع بح” ثم العريش وقد أقام بها نبى الله إبراهيم تعريشة لزوجته سارة للإقامة بها فسميت العريش ثم الفرما وتعنى الأرض اللزجة وهى برامون بالقبطية وتعنى الوقفة فحين تقف فى الفرما فأنت بين قارتى آسيا وإفريقيا ثم إلى بلبيس “بربس” وبها معبد الإله بس القطة ثم تل بسطا “باستت” ثم كفر الدير بمنيا القمح بالشرقية حيث البئر الشهير بئر شيشنق وبه حاليًا كنيسة الملاك ميخائيل بمنيا القمح
ومن موقع كنيسة الملاك ميخائيل بمنيا القمح إلى سخا بكفر الشيخ ومنها إلى نبع الحمراء بوادى النطرون ومن وادى النطرون إلى سمنود بالغربية ثم إلى موقع شبرا الخيمة حاليًا بالقليوبية ثم إلى باسوس ثم مسطرد ثم أون وتضم حلمية الزيتون والزيتون وعين شمس ثم المرج “المراجو” ثم اتجهوا إلى طريق الزعفرانة حاليًا إلى موقع دير الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس وتفجرت هناك الآبار ثم طريق الشيخ فضل وبه قرية الشيخ فضل وهو طريق يؤدى إلى محافظة المنيا حاليًا ثم إلى الجرنوس بمغاغة وبها بئر مياه ثم عبروا بالمعدية إلى جبل الطير بسمالوط ثم الأشمونيين ثم بئر السحابة أو الصحابة والإسمين صحيحين فمن أسماء السيدة مريم السحابة ثم كوم ماريا إلى دير المحرّق بأسيوط نهاية الرحلة
ويشير الدكتور ريحان إلى الرحلة العلنية التى بدأت بعد موت هيرودس الملك الذى كان يطلبهم وبدأوا يتحركوا جهرًا بين الناس فاتجهوا إلى درنطة “درنكة” بأسيوط ثم عبروا بالمعدية إلى موقع المعادى حاليًا ثم إلى موقع بئر رومانى يشغله ضريح أبو السعود الجارحى الآن ثم إلى الموقع الذى بنى عليه جامع عمرو بن العاص وبه بئر قديم شربت منه العائلة المقدسة ثم البئر خارج حصن بابليون، وقد بنى حصن بابليون بعنيخي والآشورين فى الأسرة ٢٥ ودمره بسماتيك في الأسرة ٢٦ مع اتير النوبي ثم أعاد البناء تراجان سنه 98م وجعله أصغر من الأول فأصبحت البئر خارجه ثم مغارة أبوسرجة ثم أرض حارة السقايين حيث البئر وهى الآن كنيسة الملاك ميخائيل وأول مدرسة بنات أيام سعيد باشا ثم حارة زويلة وبها بئر وصهاريج ثم باايسوس ثم مسطرد وأون (الحلمية والمطرية وعين شمس) ثم تل بسطة ومنها إلى الفرما ورفح إلى فلسطين
ويرصد الدكتور ريحان معالم ير المحرق بالقوصية محط أنظار العالم كنهاية محطات الرحلة ويضم كنيسة السيدة العذراء التى تضم البيت الذى عاشت فيه العائلة المقدسة، وبقى البيت على مساحته ثم تحول فى العصر المسيحى المبكر إلى كنيسة، وتميز هيكلها بمذبح حجرى والمعروف لدى علماء الآثار باستخدامه منذ عصر مبكر، وهو الحجر الذى جلس عليه السيد المسيح طبقًا للتقليد، أما صحن الكنيسة فقد تغير فى القرن 19م ولم يتبق من القديم إلا الحائط القبلى وأبوابها قديمة من طريقة صناعتها.
ويشهد التاريخ على أن هذه الكنيسة كان لها احترام حين دخول الإسلام مصر وحافظ عليها المسلمون ولم تمس بأى سوء شأن كل الآثار السابقة على الإسلام،وهذه الكنيسة تم ترميمها فى القرن 16م ببناء القباب الثلاث أعلى الهيكل،وفى القرن 19م تم توسيع الصحن قليلًا وبناء القباب السبع أعلى صحن الكنيسة،والمحمولة على حنيات ركنية.
وأنشئت الصالة الخارجية يتوسطها عامودان ويغطيها سقف خشبى،وفى الثلاثينيات من القرن العشرين وضعت طبقة المصيص الموجودة حاليًا داخل الكنيسة وخارجها وبلطت أرضيتها، ويضم الدير أيقونات تعود إلى القرن 18م أهمها أيقونة هروب العائلة المقدسة والمرسومة على النسيج ورسمها يوحنا الأرمنى كما يضم دير المحرّق كنيسة السيدة العذراء الجديدة أنشئت عام 1880 والحصن الأثرى القديم الذى يعود إلى القرن السادس أو السابع الميلادى وكلية إكليريكية ومعهد ديديموس للمرتلين وقصر الضيافة أنشئ عام 1910.
ويلقى خبير الآثار الدكتور ريحان الضوء على كنيسة السيدة العذراء بالدير المحرّق وهى البيت المهجور الذى عاشت فيه العائلة المقدسة وبقى على مساحته كما هو حتى الآن، عندما تحول هذا البيت فى العصر المسيحى المبكر إلى كنيسة تم عمل التقاسيم والحواجز المناسبة لطقس الكنيسة فتم عمل الشرقية وعلى جانبيها حجرتان الشمالية لملابس الكهنة بدون باب يفتح على صحن الكنيسة والجنوبية لخدمة الشماسة.
وتعود أسوار الدير القديمة إلى القرن 19م وهناك أسوار حجرية أقدمها يرجع للعشرينيات من القرن العشرين
وقد صممت على شكل أسوار أورشليم وهناك أسوار من الطوب الأحمر والخرسانة المسلحة أنشأها نيافة الأنبا ساويرس عام 1978م بدلا من السور من الطوب اللبن الذى بناه القمص فليمون وكيل الدير فى الخمسينات.
كما يضم الدير حصنًا أثريًا يعود إلى القرن السادس أو السابع الميلادى وهو من أصغر الحصون فى الأديرة العامرة الآن ويحوى غرف لإيواء الرهبان وكنيسة باسم الملاك ميخائيل وغرفة للدفن ومخابئ للطوارئ
وكذلك كنيسة السيدة العذراء الجديدة الذى أنشأها القمص عبد الملاك الأسيوطى رئيس الدير فى أواخر القرن 18م وفى سنة 1878م بدأ القمص ميخائيل الأبوتيجى رئيس الدير فى إنشاء كنيسة جديدة باسم السيدة العذراء على أنقاض كنيسة مارجرجس وانتهى منها سنة 1880م.
وكلية إكليريكية ومعهد ديديموس للمرتلين وقصر الضيافة أنشئ عام 1910 فى رئاسة الأنبا باخوميوس الأول أسقف الدير وهو مكان لإقامة رئيس الدير وكبار الزوار وبه مكتبة للمخطوطات علاوة على أربعة مبانى بالدير مخصصة لإقامة الزوار.