أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية أن أحد الشعانين أو عيد الشعنينة هو الأحد السابع من الصوم الكبير والأخير قبل عيد الفصح (عيد القيامة) ويسمى الأسبوع الذي يبدأ به بأسبوع الآلام، وهو يوم ذكرى دخول يسوع إلى مدينة القدس،
ويسمّى هذا اليوم أيضًا بأحد السعف أو الزيتونة لأن أهالي المدينة استقبلوه بالسعف والزيتون المزيّن فارشين ثيابهم وسعف النخيل وأغصان الزيتون أمامه، لذلك يعاد استخدام السعف والزينة في أغلب الكنائس للاحتفال بهذا اليوم، ويرمز سعف النخيل إلى النصر، أي أنهم استقبلوا يسوع منتصرًا مُحقّقا نبوءة زكريا بصفته المسيح.
وأشار الدكتور ريحان إلى أن كلمة شعانين تأتي من الكلمة العبرانية «هوشيع-نا» والتي تعني يا رب خلص ومنها تشتق الكلمة اليونانية «أوصنا» وهي الكلمة التي استخدمت في الإنجيل من قبل الرسل والمبشرين، وهي أيضًا الكلمة التي استخدمها أهالي القدس عند استقبال المسيح في ذلك اليوم
ويعطي المسيحيون حول العالم خاصةً مسيحيو مصر والقدس وغيرها من المدن في الأراضي المقدسة أهمية بالغة لأحد الشعانين كونه ذكرى دخول ملك السلام إلى القدس وبداية أسبوع الآلام.
وينوه الدكتور ريحان إلى أن السيد المسيح دخل إلى القدس راكبًا على حمار تحقيقًا لنبؤة زكريا بن برخيا: «لا تخافي يا ابنة صهيون، فإن ملكك قادمٌ إليك راكبًا على جحشِ ابن أتان».يو 12:14، وكان استعمال الحمير مقتصرًا في المجتمع اليهودي على طبقة الملوك وطبقة الكهنة، مما يشير إلى يسوع هو المسيح، إذ أن المسيح في العقيدة اليهودية هو نبي وكاهن وملك، وقد يشير الحمار إلى السلام وذلك لأن الحصان عادةً ما يرمز للحرب بينما يرمز الحمار للسلام وبذلك يكون هناك معنى تاريخي للقصة ومعنى رمزي يدل على دخول المسيح إلى القدس كملك للسلام.
استقبل يسوع سكان المدينة والوافدين إليها للاحتفال بعيد الفصح بسعف النخل،يو 12:13 لتظلله من أشعة الشمس، كما أن سعف النخل علامة الانتصار ويشير باحثو الكتاب المقدس إلى معنى مركب من استخدام «هوشعنا»، فهي في مفهوم اليهود تشير إلى الخلاص من الاحتلال الروماني، ووفق المعاني الروحية والعقائد المسيحية تشير إلى الخلاص من الخطيئة تحقيقًا لرسالة المسيح القائمة في سر الفداء.
ويوضح الدكتور ريحان أن أحد الشعانين أو دخول السيد المسيح إلى مدينة أورشليم يعتبر بحسب الكنائس الأرثوذكسية أحد الأعياد الكبرى للسنة الليتورجية، أما اليوم الذي يسبق أحد الشعانين فهو سبت لعازر والذي يقوم فيه المؤمنون بتحضير سعف الشعانين عن طريق ربطها في الصلبان للتحضير ليوم الأحد.
ومن طقوس هذا اليوم أيضًا في الكنيسة الأرثوذكسية قراءة فصول من الأناجيل الأربعة في زوايا الكنيسة وأرجائها رمزًا للتبشير بالإنجيل في جميع أرجاء العالم، وفي كنيسة الروم الكاثوليك وبعض الكنائس الأخرى مثل الكنائس الإنجيلية واللوثرية، يتم تقديس سعف الشعانين عن طريق وضعهم في ماء مقدسة خارج مبنى الكنيسة في حدث يُدعى تقديس الشعانين.
وتنفرد كنيسة مصر باحتفالية أحد الشعانيين باحتفال خاص يشمل قراءة أربعة أناجيل فى قداس هذا العيد ويصلى المسيحيون فى هذا الأسبوع من كتاب يُسمى “دلال البصخة” أو “قطمارس البصخة” وبداية ظهور هذا الكتاب كان فى القرن الثانى عشر الميلادى تاريخ وضع أول قطمارس للبصخة المقدسة فى الكنيسة القبطية ويحوى مخطوط 312 المحفوظ بالمتحف القبطى السرد التاريخى لذلك وإن النظام المعمول به فى صلوات البصخة الآن قد تشكّل نهائيًا بهذا الوضع الذى نراه منذ القرن 17م طبقًا لما جاء فى دراسة أثرية للباحثة الآثارية نرمين رزق الله داود المتخصصة فى الإرشاد السياحى من خلال كتاب يُسمى “دلال البصخة” أو “قطمارس البصخة” ومخطوطات من القرن 17 إلى 19م.
وأردف الدكتور ريحان بأن هذه المخطوطات تصور طائر يشبه طائر اللقلق رمز الحلم واليقظة والطهارة ويُرسم مع صورة البشارة لأنه دائما يعلن عن مجىء الربيع فكان ذلك دليلًا على أن إعلان البشارة للسيدة العذراء مريم تدل على مجىء السيد المسيح عليه السلام كما تصور شجرة الحياة ومناظر نجمة بثمان رؤوس كندات بها وحدة زخرفية واحدة لسعفة نخيل تتبادل مع هلب حولها ثمان أوزات ويرمز السعف للانتصار على الخطية والهلب للسيد المسيح والنجمة رمز لاستقبال السيد المسيح بسعف النخيل والطاووس هو رمز للقيامة.
ويتم الاحتفال بأحد الشعانين بطريقة مميزة في القدس بحيث يتم عمل مسيرة دينية تقليدًا للأحداث المذكورة في الإنجيل، فيتم استخدام جحش وإطلاق مسيرة دينية يتخللها التراتيل والصلوات من كنيسة بيت فاجي مرورًا بجبل الزيتون ووصولًا إلى كنيسة القديسة حنة بالقرب من باب الأسباط، تنتهي المسيرة من خلال صلاة في كنيسة القديسة حنة ثم تخرج فرق الكشافة من هناك وتجوب المدينة وصولًا إلى الباب الجديد في القدس ويشاهدها العديد من الناس احتفالًا بالمناسبة.
ويرصد الدكتور ريحان معالم إسبوع الآلام ففى يوم الإثنين خرج السيد المسيح من بيت عنيا ولعن شجرة التين وإخراج الباعة من الهيكل والعودة بالليل لبيت عنيا، ويوم الثلاثاء توجه من بيت عنيا لأورشليم ورأوا التينة قد يبست وتم الحديث مع التلاميذ عن الإيمان وسؤال الفريسيين عن إعطاء الجزية لقيصر وتحذير السيد المسيح للجموع من خُبث الكتبة والفريسيين ورثاء أورشليم لأجل خرابها وعلامات المجئ الثانى مَثَل العشر عذارى والوزنات
ويوم الأربعاء استراحة السيد المسيح وحيدًا فى بيت عنيا وذهاب يهوذا إلى رؤساء الكهنة ليُسلم السيد المسيح ويُسمى “أربعاء أيوب” دخلت هذه التسمية إلى الكنيسة القبطية عن طريق الكنيسة السريانية الأنطاكية التى تصنع من هذا اليوم تذكارًا لأيوب البار.
وفى خميس العهد أو خميس العدس كما أطلق عليه المقريزى أمر السيد المسيح تلاميذه بإعداد الفصح وأكل الفصح وغسل أرجل التلاميذ والحديث عن الذى يُسلمه وخروج يهوذا والإفخارستيا (التناول) وتعنى فى اليونانية الشكر وما يميز طقس هذا اليوم فى الكنيسة أنه يقوم كل كاهن أو أسقف فى كنيسته بعمل لقان وهو مغسل لغسل أرجل الشعب ويقام قداس.
أمّا الجمعة العظيمة ففيها الذهاب إلى بستان جسيمان والقبض على السيد المسيح والمحاكمة أمام حنان وقيافا وإنكار بطرس وإرسال السيد المسيح لبيلاطس ثم هيرودس ثم بيلاطس مرة أخرى، وجلد السيد المسيح ثم صلبه طبقًا للمعتقد المسيحى وموته ودفنه ثم سبت النور وأحد القيامة
وقد ذكره المقريزى أن النور يظهر فى قبر السيد المسيح فى القدس فى ليلة العيد ويضىء منه الناس الشمع أمّا باقى يوم الجمعة وليلة ونهار السبت وليلة الأحد ظل السيد المسيح مدفون داخل القبر وفى ذلك الوقت كان ينزل إلى الجحيم ليُخلص الذين ماتوا على رجاء مجئ المسيا والقيامة.