أخبارمنوعات

الباحث ” محمود عبد الباسط ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” : تجارة البمب تنافس المخدرات

في يوم 18 مارس، 2024 | بتوقيت 8:30 مساءً

انتشرت في الآونة الأخيرة بصورة لافتة للنظر ظاهرة استخدام الأطفال للألعاب النارية المتفجرة كالبُمب والصواريخ  والشماريخ وغيرها، وخاصة في المناسبات مثل الأعياد وشهر رمضان المبارك.

وعلى الرغم من امتلاء صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية والنشرات بأخبار الملاحقات الأمنية للتجار مروِّجي هذه المنتجات، وضبط العديد من القضايا بمختلف المحافظات بكميات كبيرة تصل لملايين القطع التي يتم طرحها بالأسواق- فإن الظاهرة آخذةٌ في التمدد والانتشار بشكل كببر في المجتمع المصري،

وباتت تشكل مصدرًا للإزعاج والإضرار بالنفس والغير على حدٍّ سواء، نظرًا لمخاطر هذه الألعاب على سلامة وصحة مستخدميها من الأطفال أنفسهم أو المواطنين الذين يتعرضون لآثارها بالأحياء السكنية. وبالفعل تسببت هذه الألعاب في وقوع العديد من الحوادث للأفراد والممتلكات، وأودت بحياة البعض نتيجة استخدامها دون ضوابط.

فبالإضافة إلى ما تسببه للمواطنين من إزعاج وقلق ورعب، فهي تشكل خطرًا على الصحة العامة نظرًا لما تحتويه من مركبات كيمائية وجزيئات صلبة من الكبريت والبوتاسيوم والرصاص والنحاس، تضر ضررًا بالغًا بكل من الجهاز التنفسي والعصبي والقلب لمَن يتعرَّض لها. والمثير للدهشة أنه يتم استيراد هذه المفرقعات تحت مسمى ألعاب الأطفال، على الرغم من أنها ممنوعة التداول قانونًا.

إضافة إلى أنه يتم تصنيعها محليًّا في مصانع بير السلم بعيدًا عن أعين الأجهزة الرقابية. وتشير الأرقام إلى أن الأرباح التي يجنيها التجار المتعاملون في تجارة الألعاب النارية المختلفة في مصر -والتي منها الصواريخ والبُمب- تفوق أرباح تجار المخدرات،

حيث تصل مكاسبها في الأعياد والمناسبات إلى 500%. ويُقدَّر حجم هذه التجارة في مصر بما يفوق المليار جنيه سنويًّا، ويعمل بها ما يزيد على 1500 مستورد يجلبون شحناتهم بالعملة الصعبة!!. وتُعتبر الصين المورِّد الأول عالميًّا لهذه التجارة بنسبة 93%،

وتقوم بتصدير هذا النوع من الألعاب بقيمة تزيد على 1.2 مليار دولار سنويًّا، وبكميات تصل إلى 408 ملايين كيلوجرام. وعلى الرغم من تجريم القانون المصري للاتجار بها -وجهود الملاحقات الأمنية- فمازال الأمر يتطلب مزيدًا من دراسة الأبعاد المختلفة لهذه الظاهرة للحدِّ من انتشارها.

ومن الضروري إعادة النظر في العقوبات بحيث لا تقتصر فقط على المتاجرين بها، ولكن أن تمتد أيضًا لمستخدميها دون ضوابط. مع العمل على تكثيف الرقابة الجمركية بالمنافذ لمنع دخولها للبلاد.وبالتوازي ضرورة تدشين برامج وحملات للتوعية بأضرارها ومخاطرها الصحية والاجتماعية والبيئية واستنزافها للاقتصاد القومي.

فبدلًا من ترك الأطفال مستخدمي هذا النوع من الألعاب الخطرة والضارة فريسةً للمتاجرين بها، يجب توجيههم للقيام بأفعال إيجابية مثل التصدق على الفقراء والمحتاجين والمشاركة في إفطار الصائمين في شهر رمضان، أو التبرع للمؤسسات والجمعيات الخيرية، أو ادخار قيمتها.

ولا شك أنه على أولياء الأمور مسئولية التقويم والتوجيه، فهُم حائط الصد الأول لمحاربة هذه الظاهرة. وعمومًا يتطلب الأمر دراسة الدوافع النفسية والاجتماعية لتزايد إقبال الأطفال والشباب في مصر على شراء مثل هذه المفرقعات، ومدى ارتباطها بانتشار ظاهرة الميول العنيفة لديهم بشكل عام، وهل يلعب غياب البدائل من الأنشطة الترفيهية الحركية الصحية والآمنة -مثل غياب ممارسة الرياضة- دورًا في ذلك؟ وأين دور المدارس في تفعيل النشاط الرياضي؟ وما خطة وزارة الشباب والرياضة في إتاحة أماكن ممارسة الرياضة خارج أسوار المدرسة بالقدر الكافي كمراكز الشباب أو الأندية الرياضية التي باتت تتطلب اشتراكات باهظة القيمة في ظل صعوبة الأوضاع الاقتصادية؟ فمثل هذه العوامل وغيرها لا شك تدفع الأطفال والشباب لتفريغ طاقاتهم في مثل هذه الأنشطة السلبية صحيًّا واجتماعيًّا، والتي تدل على أن أطفالنا وشبابنا ومجتمعاتنا في خطر.

كاتب المقال

محمود عبد الباسط

الباحث ، عضو المكتب الإعلامى للشركة المصرية القابضة للمطارات والملاحة الجوية