يبدو الوضع الراهن كإناء يغلي من أثر نار الإعلام.
لا يطالع المواطن ولا يشاهد إلا أخبار القتل والتدمير والاشتباكات وكأن المنطقة “سيرك” يمارس فيه كل مشارك لعبة خاصة به؛ لكن هناك لاعب واحد مستعد ويراقب ويحذر ولا يكذب لكن صوته لا يصل إلى كل الجمهور.
انظر إلى فلسطين واليمن والسودان وليبيا ولبنان وسوريا والعراق ثم إلى باقي العالم. كل الأخبار تبعث ذات الرسالة: العالم على وشك الإنفجار. الحرب الحالية حرب إعلامية. كل العلوم تسخر لصالحها.
بين إعلام الداخل والخارج يتوه المواطن. فقط بوصلة المصري الداخلية وما يأتيه من قيادته السياسية والعسكرية هو ما يبقيه ثابتا وصامدًا وفي نفس الوقت صابرًا أمام التهديدات والتحديات والمخاطر على أرضه وعرضه ودينه.
يثق المصري بقوته الصلبة ويأسف على قوته الناعمة ولا يدري لماذا أصبح صوتها خافتا وكأن هناك شيئا خفيا يعيق أحبالها الصوتية عن البيان.
يريد المصري أن يفهم لماذا الخلط بين الوطنية والعروبة والدين؟؛
يريد أن يفهم كيف تتعامل مصر مع دول الإقليم والعالم؟.
في المقابل الصورة خادعة في وسائل الإعلام الإقليمية والدولية ودائمًا؛ إيجابية فيما يتعلق بالدول التي تعمل لصالحها وسلبية على ما هو خارجها.
تتفق هذه القنوات على كل ما هو سلبي في مصر ولا تنشر أي إيجابي فيها.
تلعب هذه الوسائل اللعبة المقيتة:إما / أو، بمعنى إما أبيض أو أسود، إما مع أو ضد.
تستخدم في ذلك كل مفردات الصورة السلبية سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية؛ بالبث الحي أو بالتكرار أو بالرسوم والبيانات أو بالذكاء الصناعي.
يستهدف الإعلام الحديث الإقليمي والدولي طريقة التفكير، أي الإدراك؛ المنطقة الوسطى بين الفهم والوعي. لا تريد أمريكا وبريطانيا ومن معهما ومن يتفق معهما من الدول الإقليمية تغيير الوضع الراهن في المنطقة إلا إذا كان هذا التغيير يزيد من مكاسبهم.
في المقابل هناك دول تحاول المنافسة على رأسها الصين وروسيا وإيران.
كلمة السر في هذا كله هي مصر،.. مصر لها قرارها المستقل تتفق مع بعض الأهداف وتتقاطع مع الأخرى. إعلامنا لا يزال قاصرًا عن شرح الصورة.
آن الآوان لكي يقوم الإعلام بدوره في الدفاع عن الوطن بأن يجعل المواطن شريكا في ما يجري. الإعلام الوحيد القادر على لملمة قوانا الناعمة؛ وذلك له مكاسب غير محدودة.
إن تكلفة ما ينفق على الإعلام لا يساوي تكلفة أسبوع من الحرب الحقيقية.
ما نراه في المنطقة محض حروب إعلامية؛ كل قناة تمثل دولتها على غير الحقيقة كأنها شمشون إلا مصر؛ فإعلامها يقزمها.
إن معادلة الأمن والتنمية التي حققتها قوة مصر الصلبة لا يهددها إلا الإعلام الضعيف.



