المنطقة الحرةسلايدرشئون مصرية ومحليات

الدكتور عوض عباس رجب يغوص فى بحر ذكرياته ويكتب لـ ” المحروسة نيوز “ عن : الدكتورة عائشة راتب وأنا !!

في يوم 20 أغسطس، 2019 | بتوقيت 1:58 صباحًا

عام 2004-كلفني أ.د/نجيب الهلالي جوهر رئيس جامعة القاهرة وقتئذ بالأشراف علي احتفالية عيد العلم في جامعة القاهرة  وأعداد كتاب عن العلماء من أبناء جامعة القاهرة الحاصلين علي جوائز الدولة و جوائز الجامعة و كذلك أي جوائز عالمية.

في هذا العام فاز بأعلى جائزة في الدولة وقتئذ جائزة مبارك (جائزة النيل حاليا) 3 من علماء جامعة القاهرة و منهم علي سبيل المثال المرحوم أ.د/محمود محفوظ  والذي شغل منصب وزير الصحة زمن حرب 1973 وكذلك أ.د/محرم أشهر مهندسي الإنشاءات في مصر وشريك شركة محرم-باخوم .

كان من المفترض افتتاح الاحتفالية بكلمة أحد المكرمين فاحتار رئيس الجامعة في ممن يلقي الكلمة وكلهم من المتميزين و المشهورين …..عرضت علي سيادته الخروج من هذا المأزق باختيار شخصية جامعية من أعلام الجامعة لتلقي بكلمة المكرمين نيابة عنهم جميع …راقت الفكرة لرئيس الجامعة وسألني عن تلك الشخصية التي ترضي المكرمين فعرضت أسم لشخصية بارزة لا يمكن أن يختلف عليها اثنان وهي أ.د/عائشة راتب أستاذ القانوني الدولي بكلية الحقوق و هي أول معيدة تم تعيينها في كلية الحقوق- جامعة القاهرة  و أول سيدة تحصل علي درجة الدكتوراه في القانون و أول سيدة تشغل منصب وزيرا  لوزارتين (الشئون و التأمينات الجامعية)-ثم أول سيدة تشغل منصب السفير في وزارة الخارجية المصرية.

تعجب أ.د/نجيب الهلالي رئيس الجامعة من معرفتي التامة بالسيرة الذاتية لسعادة أ.د/عائشة راتب و وافق علي الفور و أتصل بسيادتها وعرض عليها الأمر فوافقت علي الفور و طلب منها استقبالي في منزلها لأشرح لها خطوات احتفالية عيد العلم والكلمة التي ستلقيها سيادتها. ذهبت لزيارتها في المنزل الذي يقع بجوار العمارة التي بها السفارة الإسرائيلية أمام تمثال نهضة مصر علي النيل.

استقبلتني سيادتها بكل حب و ترحاب وفي نهاية اللقاء سألتها سؤال عن فترة قيامها بأعباء وزارة الشئون الاجتماعية وبالتحديد عام 1976….استمعت  سيادتها لسؤالي وكان عن مدي صحة رواية رواها أحد الزملاء بجامعة القاهرة …قال الزميل أنة في عام 1976 وكان طالبا في السنة النهائية لكلية الزراعة ذهب و أنتظر حضور الوزيرة لمقر الوزارة بالشارع المجاور للجامعة الأمريكية بالتحرير…حينما وصلت الوزيرة و كانت تهم بالنزول من سيارتها في وجود الحرس الخاص المخصص لحماية أمن الوزيرة…سمعت الطالب ينادي عليها بصوت عالي يا سيادة  الوزيرة المحترمة (الست أمي هي الأم المثالية الحقيقية لمصر) وأخذ يعيد كلماته بصوت عالي و هو يقترب من سيارة الوزيرة فما كان من الحرس الخاص للوزيرة إلا أن اندفعوا نحوه والقوة أرضا مما تسبب في نزيف فم الطالب و وقع أرضا وهو يتألم من شدة عنف الحرس الخاص ….حينما شاهدت الوزيرة ما حدث للطالب فاندفعت نحوه و ساعدته علي النهوض من علي الأرض و أمسكت بيده و اصطحبته معها إلي مكتب الوزيرة…طلبت له الليمون ليهدأ روعة من هول عنف الحرس الخاص ثم نظرت إلية برحمة وقالت ما حكايتك يا ولدي فقال لها أنا أمي الحبيبة هي الأحق بلقب إلام المثالية علي مصر..ضحكت الوزير و أخذت الوزيرة  منه بيانات أمه  وقام الطالب وشكرها علي حسن معاملته و أنصرف و فعلا فازت امة بلقب الأم المثالية علي محافظة القاهرة.

ضحكت أ.د/عائشة راتب وقالت لي نعم هذه الرواية حقيقية و أتذكرها جيدا كأنها حدثت اليوم فهذا الطالب لا يمكن لأي أم أن تنساه….واستطردت قائلة  لقد بكيت من الفرح عقب انصراف هذا الطالب من مكتبي و تمنيت وقتها أن أكون أمة بعدما شاهدت مدي حبة وتصميمه علي تكريم أمة الحبيبة……..وسألتني سيادتها هل تعرف هذا الطالب ؟؟…فقلت لها نعم …أنه أنا أ.د/عوض عباس رجب ……انهمرت  دموع الفرح في عيون كل منا أنا و أ.د/عائشة راتب فرحا باللقاء المتجدد بعد حوالي 28 عاما بالتمام والكمال وقلت لها أن الفضل حينما يذهب لمن يستحقه يكون فضلا…..وجاء الوقت و الأوان ليرد الطالب تكريم الوزيرة له بترشيحه لسيادتها بأن تكون نجم حفل عيد العلم 2004.

في عام 2010-تجدد اللقاء بيني وبين أ.د/عائشة راتب حينما توليت العمل كمدير لمركز جامعة القاهرة للتعليم المفتوح وكنت أشغل أيضا منصب  مستشار رئيس جامعة القاهرة للأنشطة الاجتماعية لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بالجامعة و أعلنت عن أكبر حفل في تاريخ جامعة القاهرة للاحتفال بعيد الأسرة في 21 مارس 2010…أرسلت لجميع كليات الجامعة بترشيح  3سيدات  (أحد أعضاء هيئة التدريس—موظفة –عاملة) ليتم تكريمهن في الاحتفالية الكبيرة….بجانب ترشيح جميع إدارات الجامعة الأم لعدد 2 سيدة(موظفة-عاملة) لتكريمهن أيضا مع المكرمين من الكليات….وافق أ.د/حسام كامل علي شراء مجموعة من أغلي الهدايا لتقديمها للسيدات المكرمات(أعضاء هيئة التدريس-الموظفات-العاملات) مع قيام التعليم المفتوح بتمويل شراء هذه الهدايا القيمة .

وكذلك تم تكريم أقدم  الوظائف الأكاديمية في كليات الجامعة من هم علي قيد الحياة(رؤساء الجامعة-نواب رؤساء الجامعة-عمداء الكليات-وكلاء الكليات).

وكان من المكرمين أ.د/أحمد فتحي سرور أقدم عمداء كلية الحقوق –ومن رؤساء الجامعة كل من :أ.د/مفيد شهاب وأ.د/فاروق إسماعيل و أ.د/نجيب الهلالي جوهر و أ.د/علي عبد الرحمن.

وتم دعوة مجموعة كبيرة من رموز جامعة القاهرة في شتي المجالات وكان منهم أسم أ.د/عائشة راتب.

بعد انتهاء تكريم جميع المكرمين والمكرمات ….فأجي  منظم الحفل و مستشار جامعة القاهرة للأنشطة الاجتماعية أ.د/عوض عباس رجب  الحضور ليعلن عن مفاجأة اختيار الأم المثالية علي جامعة القاهرة وكلياتها جميعا وبالتالي أذا كانت جامعة القاهرة هي أم الجامعات المصرية تكون الأم المثالية لجامعة القاهرة هي الأم المثالية لجميع الجامعات المصرية………احتبست أنفاس الجميع ……ثم عجت قاعة جامعة القاهرة للاحتفالات الكبرى بالتصفيق الحاد الذي أستمر لعدة دقائق عند إعلان أسم الأم المثالية لجامعة القاهرة وكانت  أ.د/عائشة راتب

لم تصدق سيادتها نفسها حينما سمعت بخبر فوزها باللقب الفخري العظيم و انهمرت دموع الفرح من عينيها   وقام جميع الحضور بتهنئتها وتقدمت نحوي وهي تفتح زراعيها لتضم الأم لصدرها أبنها الذي لم ينسي فضلها أبدا حتى ولو بعد حين.

هذه هي جامعة القاهرة …أم الجامعات بقيمها الأصيلة و ريادتها للجامعات ..أسرة واحدة يجمعها دائما الحب والاحترام والتقدير.

لقد رحلت عائشة راتب عن عالمنا  “إثر أزمة صحية طارئة ألمت بها داخل منزلها”عن عمر يناهز85 عاما يوم  السبت الموافق 4  مايو  2013 بعد حياة حافة بالعطاء والخير و قدمت لوطنها الخدمات الجليلة طيلة عملها سواء بالجامعة أو وهى وزيرة أو سفيرة  فهى من  مواليد 22 فبراير عام 1928 عام 1928 وحصلت على دكتوراة في القانون الدولي وعينت وزيرة للتأمينات والشؤون الاجتماعية في عام 1971 وحتى عام 1977.وعينت سفيرة لمصر في الدنمرك وفي بون.

رحم الله السيدة الفاضلة المحترمة أمي الحبيبة أ.د/عائشة راتب ورحم والدي العزيزين و يارب بارك لقاءهم جميعا في جنة الأبرار بإذن الله.

الكاتب 

الدكتور /عوض عباس رجب

أستاذ و رئيس قسم الكيمياء الحيوية-كلية الزراعة جامعة القاهرة

العميد الأسبق كلية السياحة والفنادق جامعة القاهرة(الفيوم)

عضو لجنة قطاع التعليم السياحي الفندقي-المجلس الأعلى للجامعات

مقرر  لجنة معاهد السياحة والآثار-قطاع التعليم-وزارة التعليم العالي

   

مقالات ذات صلة